منطق المنهزمين في الانتخابات

" أنا لم أفز إذن الانتخابات غير نزيهة ومشوبة بالخروقات " مثير للضحك والسخرية والشفقة

من المثير للضحك والسخرية والشفقة أيضا اعتماد المنهزمين في الانتخابات منطق: " أنا لم أفز إذن الانتخابات غير نزيهة ومشوبة بالخروقات " .  وهذا المنطق المختل يعكس مدى قوة صدمة المنهزمين الذين كانت أحلامهم تحلق بهم فوق أقدارهم و فوق ما يستحقون لكن صدمتهم حقيقة الهزيمة فبهتوا. وهذا المنطق يعكس أيضا انحطاطا ثقافيا، ذلك أن خسارة الانتخابات في ثقافة الغربيين على سبيل المثال كما جرت عادتهم تجعل المنهزمين يدينون ويتهمون أنفسهم لأنهم عقلاء وأكياس ، ويعترفون لمن فاز عليهم بفوزه  تماما كما يحبون أن يعترف بفوزهم و يبادرون بتهنئته ، وهو ما يسمى بالروح الرياضية ، وهي روح تعكس رقي الثقافة . وبالرغم من تميز الثقافة الإسلامية بهذه الروح في قول الله عز وجل : (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )) فإن المنهزمين في الانتخابات عندنا، والذين يحتجون بشدة على من يظنون أنه يزايد عليهم  بالإسلام معتبرين الإسلام دين الجميع لا يلتزمون بما يدعو إليه من روح رياضية، ذلك أن الشنئآن الانتخابي يمنعهم حين ينهزمون من الاعتراف لمن فاز عليهم بفوزه ، ويرجعون خسارتهم وفوزه للخروقات في الانتخابات . ولو أنهم فازوا لما قبلوا أن يقال بأن الانتخابات شابتها خروقات ، وهذا ما يجعلهم عرضة للسخرية والضحك والشفقة  . ومثل أصحاب هذا المنطق المختل  لا يمكن الثقة بهم ولا الاطمئنان إليهم . وكيف يمكن الثقة فيما قدموه من وعود للناخبين وهم لا يصدقون في أقوالهم؟ و كيف يمكن الاطمئنان إليهم وهم لا يعرفون معنى للقسط ؟ وحري بهؤلاء أن يكون منطقهم كالآتي : " أنا خسرت الانتخابات إذن أنا دون المستوى " وهو منطق العقلاء الأكياس . ولو أنهم خرجوا على الناس معترفين بهزيمتهم ومهنئين من فاز عليهم بروح رياضية لقدرهم الناس، وارتفعت أسهمهم ،وكانوا فضلاء ولكنهم في الحقيقة ليسوا كذلك ومع ذلك رشحوا أنفسهم لتمثيل الناس ولم يشفقوا عليها من مسؤولية جسيمة تتطلب معرفة الإنسان قدره والجلوس دونه .ولقد اعتدنا في ثقافة غيرنا على استقالت من ينهزم ويفشل  في الانتخابات ، وذلك معرفة بقدره وجلوسا دونه إلا أن المنهزمين في الانتخابات عندنا لعنزتهم جناحان تطير بهما كجناحي النعامة .وإذا كان حب الشيء يصم ويعمي فإن حب الفوز في الانتخابات قد أعمى وصم الذين خسروها  فجاء تبريرهم للخسارة بمنطق مثير للضحك والسخرية  والشفقة. وأخيرا نقول لهم كان الله في عونكم لأن للخسارة مرارة .

وسوم: العدد 632