ثوابتنا وميزاتنا

ربما لم تتكثف حرب الاشاعات المعادية لنا مثلما يحصل الان ، ففي اليوم الواحد تطلق الكثير من الاشاعات المختلفة ، ولاهداف متنوعة ، ولان الاهداف كثيرة منها الرغبة في كشف ما لا تعرفه اجهزة مخابراتية او قوى سياسية او الرغبة في التشويه والارباك ، فاننا سوف نقدم توضيحات لمن يريد معرفة الحقيقة  وليس لمن يشاغب او يدس :

          1-ثوابتنا واضحة وهي تحدد حركتنا واتصالاتنا مع الجميع بكافة اشكال الاتصال من لقاءات وحوارات وتفاوض واهم ثوابتنا التي لم ولن تتغير منذ الغزو هي اننا نرفض العملية السياسية برمتها ولانقبل بما ترتب عليها من انظمة قوانين واجراءات اتخذها الاحتلال بمرحلتيه الامريكية والايرانية . واهم وابرز ما نرفضه دستور الاحتلال وجوهره نظام المحاصصات الطائفية والعرقية . فهذا النظام هو جذر المشكلة الاساسية ومنبع كل الكوارث التي واجهها ويواجهها العراق لذلك في اي حوار او اتصال او تفاوض لابد وان يقوم على التمسك الثابت  برفض دستور الاحتلال وجوهره نظام المحاصصات .

          2- نحن لا نعترف بمن شارك في العملية السياسية لانهم يقبلون بدستور الاحتلال وما ترتب عليه ويتحملون مسؤولية ما حدث في العراق منذ الغزو وحتى الان ، وعدم الاعتراف لا يعني اننا نرفض الاصغاء لبعض العناصر في العملية السياسية عندما تطلب منا ذلك لاننا من يقرر صواب او خطأ ما يطرح . وهذا الموقف نابع من موقف قديم وثابت وهو اننا نقبل باللقاء او الحوار او التفاوض وحسب طبيعة الاطراف  مع الجميع باستثناء الكيان الصهيوني ، ومنذ الغزو حصلت اتصالات بنا من قبل اطراف ودول عديدة اجنبية وعربية  لمعرفة راينا فيما يجري وجس نبضنا ورد فعلنا تجاه مشاريع معينة .

 ونكشف الان عن واقعة قد تبدو غريبة لكنها حصلت وهي ان محمد باقر الحكيم  وبعد الغزو مباشرة وقبل مقتله بعث برسالة الى الشهيد القائد صدام حسين يطلب فيها التحالف بين البعث وجماعته لمواجهة الاحتلال فرد عليه الشهيد بان وقت التحالف مر وانتهى ورفض المبادرة لانها مبنية على خطة ايرانية لاستغلال قدرات البعث الجهادية لخدمة اهداف اسرائيل الشرقية ، كما ان اكثر الكتل والقوى السياسة اتصلت بالبعث بحثا عن حل ولم نتوصل الى اتفاق معهم لان الاساس المطلوب وهو الغاء الدستور والعملية السياسية لم يتحقق . وفي كل تلك الحالات كنا نتمسك بثوابتنا ونلزم رفاقنا الذين يتلقون طلبات الاتصال بتلك الثوابت ولم يخرج احدا منهم عنها .

          3- ما يميزنا عن غيرنا من القوى السياسية العراقية اننا ننفرد بميزة حكم العراق لمدة 35 عاما كنا خلالها قادة دولة بنينا وعمرنا الصناعة والزراعة واعددنا جيشا من العلماء والمهندسين وحققنا انجازت تاريخية كبرى ، ومن بين اهم مميزاتنا اننا نمتلك جهازا دبلوماسيا رفيع المستوى وجهاز مخابرات يتكون من نخبة منتقاة من اجهزة الامن الوطني لما قبل الاحتلال وهذه الميزة توفر لنا امكانية كشف ما يخفى تحت جلود من يتصل بنا ، بالاضافة لوجود علاقات قديمة مع دول عديدة ومنظمات اقليمية ودولية وشخصيات عالمية مازالت حية في حالات كثيرة . وبناء عليه فاننا خبراء في الاتصالات والتفاوض والحوار والمؤشرات الامنية ولسنا تلاميذ نتعلم الان الف باء الاتصالات كما هو حال اغلب من برز في الساحة العراقية بعد الاحتلال  .

          وعندما يكون هناك طرف ما يريد الاتصال فاننا ندقق اولا في احتمالات ما سيطلبه ونحدد عدة سيناريوهات قبل اللقاء لنكون مستعدين لاي احتمال . وهذه الحقيقة تغيب عن الكثيرين وتجعل بعضهم يذهب بعيدا في اخطاء التفسير والاعتقاد .

          4- الحرب اي حرب والصراع اي صراع لابد في حالة بروز حالة جمود ستراتيجي  Stalemate    من التفاوض او القيام باتصالات لحل الازمة ، وهذه بديهية يعرفها كل مطلع ، اما الجهلة او الطلاب في مدرسة المشاغبين فانها لاتهمهم لانهم اما جهلة او لان هناك من يحركهم للتشويه . وفي حالة العراق فان تعقد الصراع بوجود اطراف متعددة تخوضه من داخل العراق وخارجه بلورت حالة توازن قوى اقليمية وعربية وعراقية لا تسمح بالحسم العسكري القريب وتؤدي في حالة استمرارها الى المزيد من الكوارث المصممة لاقناع العراقيين بأن التقسيم هو اهون الشرور ، وهو ما برز مؤخرا ، وبناء عليه فان التفاوض مع العدو او الاعداء خطوة طبيعية لاستكشاف امكانية الوصول الى حل سلمي يقوم على اسس الستراتيجية الوطنية وابرزها الغاء دستور الاحتلال ونزام المحاصصات  .

          5- التفاوض او الاتصال لا يعني الاتفاق بالضرورة بل هو عملية استكشاف الموقف التفصيلي لكافة الاطراف وتحديد امكانيات تنازلهم او تراجعهم للوصول الى حل سلمي مبني على ثوابتنا الاساسية وهي انهاء الدستور والعملية السياسية ووضع حد لكافة الكوارث والاثار التي ترتبت على الاحتلال ، فاذا توصلنا الى هذه النتيجة فذلك مكسب للعراق وانقاذ لشعبه من الكوارث الطاحنة ، اما اذا تمسكت الاطراف الاخرى بالعملية السياسية ودستور الاحتلال فان التفاوض ينتهي وتغلق صفتحه ويبقى الخيار المتاح هو استئناف المقاومة المسلحة ومهما كانت الظروف قاسية .

          ولو نظرنا الى العالم قديما وحديثا لوجدنا ان كل الاطراف المتعادية والمتصارعة تلجأ الى خيار الاتصالات الفردية او بالواسطة تمهيدا للتفاوض اذا برز عامل مشترك بين الطرفين او الاطراف ، هذا حصل في عهد الرسالة الاسلامية بالتفاوض مع اليهود وكفار قريش ، وهذا حصل حديثا بتفاوض ثوار كوبا لمدة 50 عاما وبلا كلل مع امريكا من اجل التطبيع ، وهذا حصل في الثورة الجزائرية وهذا حصل في فيتنام . فهل يوجد من يجهل هذه الحقيقة ؟يقينا ان من يجهلها هم انصاف الاميين ، اما من يعرفها ويمارس الكذب والتزوير والتشويه فهو ليس اكثر من طالب في مدرسة المشاغبين  او جاسوس مكلف باثارة المشاكل بين القوى الوطنية .

          في ضوء ما تقدم فاننا ندعو رفاقنا المناضلين من بعثيين وطنيين الى عدم التورط في الرد على تفاهات وسفاهات طلاب مدرسة المشاغبين ولا على الجواسيس الذين يريدون ابقاء العراق يتفكك تحت ضغط حرب مهولة التكاليف بشريا وماديا  ومعنويا . مارسوا الاحتقار في افضل صوره وهو عدم الرد على الشتائم او التهجمات التافهة وركزا على توضيح موقفنا والدفاع عنه ليس ردا على الاميين والجواسيس وطلبة مدرسة المشاغبين بل لتاكيد اننا حققنا تقدما ملموسا وايجابيا بكسر بعض اطواق الحصار على المقاومة والبعث عربيا وعالميا لاول مرة منذ الغزو وتلك خطوة ايجابية تمكننا من الضغط على كافة الاطراف للاقتراب من موقفنا لا ان نتقرب  نحن الى موقفهم .

الثائر يمارس المرونة ولكنه يبقى متمسكا بثوابته وستراتيجيته الوطنية والقومية ولا يحيد عنها مهما كانت الرياح عاتية . صمدنا وقدمنا اكثر من 160 الف شهيد وسنصمد ونقدم اعدادا من الشهداء لا حدود لها من اجل اجبار او اقناع كافة اطراف او بعضها على تبديل مواقفها والا فان خيار استئناف المقاومة المسلحة يبقى الخيار الوحيد لانقاذ العراق .

وسوم: العدد 632