مِنْ مَكَّةَ وَإليِها

د. حامد بن أحمد الرفاعي

"مِنْ مَكَّةَ وَإليهَا"عنوانُ الكتابِ الذي أهداني نسخةً مِنْه مُؤلِفُه سمو الأمير خالد الفيصل مَشكوراً وَمُقدراً..تصفحتُ الكتاب ساعةَ أُهدي إليَّ..ثم قرأتُه كاملاً وَعدتُ إليه أتدبرُ بعض موضوعاتِه..فشدَّني واستوقَفني باهتمامٍ بالغٍ موضوعُ"بناءُ الإنْسانِ وَ تَنْمِيَةِ المكانِ"وتأملتُ هذه العبارة وأبحرتُ في عمق محتواها ودلالاتها..وأخذت الأفكارُ تتداعى إلى ذهني مما يَعضُدُها ويؤازرُ مقاصدَها الجليلة..فوجدتني أرددُ قول الله تعالى:"إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً"وقوله تعالى:"وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا"وقوله جلّ شأنه:"وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ"وقوله سبحانه:"أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"وقوله تباركت أسماؤه:"فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا"وقوله الجامع جلَ جلاله:" أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ"حيث وجدت أن مسألة (بناءُ الإنْسانِ وَ تَنْمِيَةِ المكانِ) مع عبارة (مِنْ مَكَّةَ وَإليهَا) جاءت مجددة لمعاني هذه المنظومة القرآنيِّة الحضاريِّة الراشدة..ثم تذكرت أني كتبتُ أكثر من مرة قائلاً:أنَّ منهجَ الاستخلافِ الربانيِّ في الأرضِ يقومُ على مرتكزين اثنين:(فَاعْلَمْ و فَامْشُوا) فبناء الإنسان يكون مع (فَاعْلَمْ) وتنمية المكان تكون مع (فَامْشُوا) فيومَ تنهضُ الأمةُ بمرتكز(فَاعْلَمْ) وتأخذ بمنهجية البناء الفكري والثقافي والمعرفي للإنسان..ويومَ تؤهلهُ بكلِّ فنونِ الكفاءاتِ والخبراتِ والمهاراتِ..ويومَ تُيسِّرُ له كلَّ سُبلِ الإبداع والتفوق في ميادين الوسائل والماديات..إذْاك تتجلَّى قدرات الإنسان وتتألق عطاءاتُ مرتكز"فَامْشُوا"ويومئذ تَجني الأمة أينعَ الثمر وأطيبه لقوله تعالى:"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ"لا فوض فوك يا أبا بندر..أحسنت في موضوعك الذي اخترت يا سمو الأمير..ولقد أبدعت وتألقت كعادتك فيما أفصحت بشأنه وأبنت.

وسوم: العدد 633