رحم الله سميح القاسم! (1939 – 2014)

أذكر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب أواخر ثمانينيات القرن الميلادي العشرين، أنني في صباح إحدى زوراتي رأيتُ شاباً عربياً وسيماً بملابس أعجمية في جناح المملكة العربية السعودية.

ثم في المساء رأيته بملابس عربية سعودية في قاعة الأمسية الشعرية، يكلم المقدمة حتى أشركته في الملقين، وتوالى الشعراء حتى حان حينه.

أقبل الشاب الوسيم يلقي قصيدة عمودية يسخر فيها من شاعر قومه الذي تَلهَّى في شعره عن مآسيها وتعلَّق بملاهيها؛ فهو يحيط نفسه بسور من الجميلات العابثات، ولا يدع من يده مسبحة يقلبها ولا يشعر بها!

وفي قلب الصف الأول من الحاضرين قعد يستمع إليه سميح القاسم الشاعر الفلسطيني – رحمه الله -! ومن حوله تناثرت زهراتُ الجميلات، وفي يده مسبحة يقلبها كما وصف الشاب الوسيم الملقي وكأنه يعنيه، واضطربت في الأمر أدلةُ المقام والمقال!

لم يملك سميح القاسم نفسه أن قال للشاب الوسيم الملقي وأشار بمسبحته: هذه هي! وبدا للحاضرين أن قد استحكمت أزمةٌ لا مخرج منها!

فإذا الشاعر الشاب الملقي يشير إلى سميح القاسم بيده:

وهذه هي! وإذا في يده مسبحة كمسبحته!

وإذا الشاب الوسيم الملقي هو عبد الرحمن العشماوي الشاعر السعودي!

وسوم: العدد 633