اذهب أيها الموت عني

أفكـــرُ في الزمانِ وفي الليالي          وحالِ الناسِ من حولي وحالي

وأفكـــــــــــارٍ مبعثـرةٍ برأسي          وأوجاعٍ لطــــــــــــولِ الارتحالِ

احمرت السماء من كل جانب، الرعب بلغ القلوب والحناجر، أصوات الطيران تأتي من بين السحاب، أصوات الرصاص تخترق الرؤوس والصدور، يرمون البراميل المتفجرة والقنابل والصواريخ على المدنيين....الجميع يبكون النساء والأطفال الرضع، الرجال والشيوخ، هكذا قال...... ثم قال لي أرجوك أكتب عن أخوة وأخوات لكم، أكتب حتى يتيقظ أخوة وقادة لنا من أمتنا، وأكتب إن  عمري عشرون عاماً وأشعر أني مسن عجوز، احترق فؤادي، فقدت من فقدت وتشتت الباقي من أهلي وعائلتي في أصقاع الأرض...وختم بالقول آه يا قدر لمَ فرقتني عن الأهل والوطن والأحباب؟ وماذا أقول أنا؟

 فقط أقول... يا اللهُ كـــن سنداً وعـــــوناً لهم، فليس سواك يعلم بحالهم…..قولوا يالله.

أنها المرة الثالثة التي ُيطلب فيها مني بشكل خاص أن أكتب لها أو له، نتيجة لمعاناة أو قهر معين، وأقول في البداية أن الأديب يكتب للناس لا لنفسه، ومن الضروري له أن يفهم طبيعة الناس الذين يكتب لهم، لأن مصدر روعة الأدب وخلوده أن يلاقي صدى فى نفوس الناس وأن يضرب على الاوتار الحساسة في قلوبهم، إنه انبثاق من أعماق النفس والذي يخرج من القلب يدخل إلى القلب كما قيل فى المثل القديم......وبعد !

لا أدري متى تنتهي طوابير المشردين والمطارَدين والخائفين، وتختفى ظاهرة " الذلة " بكل ذيولها ومظاهرها، إن التغيير قد يقع فى أي مجتمع بحكم سنة الحياة وناموس الوجود وهو هنا يسمى تغيرا ً وليس تغييرا ً، قد يكون في الشكل أو في المضمون، وحقيقة الامر الآن أنه قد يكون تغيرا ً إلى الأسوأ بحكم مؤثرات خارجية وعوامل أجنبية يأخذ بها المجتمع بوعي أو بدون وعي.

 قد قرأنا في الكتب ومن شواهد التاريخ أن مهمة " الثورة " يجب أن تؤدي الى التغيير إلى الأحسن.. ولكن هذا قد يبدو بعيد التحقق وصعب المنال في واقعنا العربي ولكن نأمل – مع العرق الناضح والدم المبذول – أن تصبح حقائق واقعة مدهشة رائعة تأخذ بالألباب.

نعم صحيح... يمكننا أن ننجح ونستعيد عافيتنا ونرد المظالم ونجفف الدموع ونخفف من صراخات المتألمين...إذا أدركنا حقيقة العجز بين المبدأ والواقع، وقدرنا ماهية الاخلاص والصواب، نعم صحيح...قد يكون الإنسان مخلصا ً، يبذل ما بنفسه وماله فى سبيل مبدئه، إلا أن إخلاصه هذا غير كافٍ للنجاح إن لم يكن عنده علم في كيف يخدمُ مبدأه.

المسلم فى الوضع الراهن يُعاني من هذه المشكلة.....

 بشكل عام هو لا يعاني من أزمة في مبدئه الديني وإنما يعاني من عجزه عن حل مشاكله، وهذا العجز ينعكس بدوره على مبدئه.. وجميعنا نسأل ولا أحد يلومنا على السؤال....لماذا الأوربيين–يعيشون في نعيم واستقرار ونماء وخضرة، حياتهم مثل الشتاء الممطر الجميل، شوارعهم جميلة، مدنهم منسقة ومنظمة بينما نعيش نحن كما يعلم الجميع، عيشة ضنكة، فتن فى كل مكان، قتل ودماء باستمرار، وجوه مغبرة مسودة من شظف الحياة ، الفراغ المميت ، يُستعاض عنه بالأكل والملبس بشكل مخيف لقتل هذا الفراغ.

ما هذا ؟؟؟؟

 أذهب أيها الموت عني،هكذا قال الشاب..... لا اريد أن أموت بسبب الصراعات السياسية.. أذهب أيها الموت عني، لا اريد أن أموت بسبب ضعف إستراتيجية قادتنا وتخلفهم عن ركب الحضارة والتطور، وإن ظهرت، هنا وهناك فهي عبارة عن جديد في المبنى وليس تطور في العقل والمنهج مع كثرة الموراد والخيرات والعقول الذكية الناجحة.

والنتيجة الاولى:ما نشاهده  في بلادنا العربية اليوم..أليس هذا ما نحن فيه ؟ أليس هذا ما نشكو منه ؟

والنتيجة الثانية: هي لم نعد نبصر في الحياة جديدا؟

أسألك بالله عليك.... أوَ لست تمشـــــي كئيباً مقفهراً عابساً تشكو حياتك للحياة جحـــــــودا ؟ ألسنا نتحدث في نفوسنا عمن باتَ حيرانا يجففُ دمعــةَ الأيــــامِ آلاماً وأحـزانا ويمشي في جوارِ المـاءِ عند النهرِ ظمآنا وهمــــومُ الأرض في عينيه تبدو أينما كانا... أسالك بالله عليك أو ليس نشكو ونقول لماذا عقولنا تلعب بها السفهاءُ وحلـت بنا سننُ الزمــــانِ فإذا بنا فرقٌ بها تتشعبُ الأهـــــــــــواءُ.

أذهب أيها الموت عني ....وكفى ...

قد حان الوقت للتغييرالفعال المبني على الهمة والعمل وكف العدوان، والكف عن المجاملات القاتلة، والأخذ بأسباب التقدم والازدهار...قد حان الوقت لنرفع أصواتنا في كل مكان وفي كل ركن وزاوية، لأننا في الواقع نحن نعيش ولكننا لسنا على قيد الحياة...بالتاكيد تشاركوني في هذا الرأى.قد حان الوقت لننظر جميعاً قادة ومواطنين الى هدف واحد غايته الأساسية إسترادد الأرض والحقوق وكرامة الانسان.

أذهب أيها الموت عني....هكذا قال الشاب

 العمــرمـن أيامنا أعوامُ..أريد أن أعيش كما يعيش الأخرون وكفى..لكن وطني يا وطني.ماذا نقول؟ وطنــــــــــــــي

 يا أوتار ألحــــــاني وأغنيتــي   وبوح القلب في سري وفي علني

ما تغير حــــــــــــــالٌ كان يُسعدنا        إلا ويا صاحبــــــــــــــي ذنبٌ فعلنـاهُ

يا صاحبي إنهـــــــــا دنيا تخـــادعنا      مثل الســـــــرابِ عُطَاشاً قـد رأيناهُ

أواهُ يا صاحبــــي مـــن طولِ مرقدهِ     ومن شديدِ ســــــــــــوادِ الليلِ أواهُ ؟

وسوم: 636