المرأة فخ نصبته الطبيعة
مرأة فخ نصبته الطبيعة» .. فريدريش نيتشه ..! (1) كنا نقف في مواجهة بعض أصناف الطعام البلدي ضمن بوفيه دعوة غداء منزلية، عندما أربكنا طبق كبير ملئ بلفائف الكسرة المرصوصة بعناية على شكل هرم وبجانبه إناء ضخم ملئ بملاح أم رقيقة ساخن، تتكئ على حافته مغرفة أنيقة غاطسة حتى خصرها في السائل الأخضر الرقراق.. أخذَتْ كل واحدة منَّا «لفة» من تلك «الطرقات» الملفوفة كمناشف الطائرات ثم أغرقتها «بكمشة» من الملاح اللايوق .. نظرتُ إلى صحني في حيرة «الملاح يتسرَّب من مسام الكسرة ويشق طريقه عبر فراغات الصحن في بطء واثق .. الأصناف الأخرى تبدو كأرخبيل الجزر التي صار الملاح يحدها من جميع الجهات» .. على كلٍّ: أكلت الكسرة والملاح بالملاعق ولسان حالي: أنه إذا كان من الصعوبة بمكان تطبيق بعض البروتوكولات المستوردة لتعارضها وبعض التقاليد فالأفضل أن نترك التفاصيل كما هي، لا أن نحولها إلى مسخ ثقافي، أو»كسرة بملاح» في صحن كوكتيل ..! (2) عوضاً عن تضييع الوقت في محاولات الإقناع ومقارعة الحجة بالحجة تلجأ إحدى صديقاتي إلى نفخ زوجها بأن تقوم بتتويجه ملكاً على غيره من أزواج صديقاتها التعيسات غير المحظوظات! .. تقول ذلك من باب التسخين فقط، قبل أن ترمش بجفنيها عدة مرات وهي ترمقه في دلال بابتسامة فاتنة تدخرها دوماً لمناسبات مماثلة! .. قبل أن تغزو ملامحها المشرقة مسحة حزن مفاجئ، وهي «تكشكش» بغوايشها القديمة على نحو يوحي بانزعاجها الشديد من تواضعها منظراً وقيمة .. ثم تمط شفتيها في امتعاض قبل أن تخاطبه قائلة بأكثر نبرات صوتها وَداعة و»مَسكَنَة»: «هسِّي عليك الله يا عدولي دي غوايش واحدة راجلها مدير عام قدر الدنيا» ..؟! بعد أن يُجهز «عدولي» على آخر قضمة في طبق الحلوى المفضل تكون الفكرة التي كان يقطب حاجبيه غضباً من مجرد الإشارة إليها قد ازدانت و»تحكَّرت» في منتصف عقله، فيعلن استسلامه التام لها في قالب مُبادِر، وكأنه هو صاحب الفكرة! .. وهي كما ترى صورة اجتماعية رائجة قد تغري ببعض الفلسفة والإسقاط .. وقد تشعل بعض الجدل حول العدل بمعناه القانوني ومعناه الأخلاقي .. إلخ .. وقد تقول قائلة أخرى أن منظر زوجها وهو منتفخ الأوداج و»منفوش» كالطاووس بعد أن تنطلي عليه ألاعيبها يشعرها بالذنب وتأنيب الضمير، وبأنها لو حصلت على ما تريد بتلك الطريقة فسيفسد عليها شعورها بالذنب استمتاعها بالنتيجة .. لكن الحقيقة المؤكدة هي أن صديقتي تلك تنجح في كل مرة .. بتكرار ذات السيناريو .. وباختلاف المناسبات وأنواع المطالب .. ولا عزاء للمتفلسفات ..! (3) صديقة عزيزة هاتفتني تطلب مقترحاً لخطة اعتذارية عاجلة بعد أن غضب منها زوجها غضباً شديداً فقرر أن يعاقبها بالسكوت عن الكلام المباح! .. فقلت لها – وأنا أفكر بحاجة من ينصح للنصح! - اعملي «بريسنتيشن» مقنع مثلما فعل الهدهد مع سيدنا سليمان: عندما يعبر زوجك من أمامك في الصباح دون أن يقول «صباح الخير»، انتظري لحظة كوب الشاي المقدس، ثم استهلي حديثك بجملة محورية مدهشة ومحفزة لاهتمامه، ثم ابحثي لك عن «كوبري» مناسب يربط براعة استهلالك بمضمون حديثك، وليكن شيئاً خبرياً يضيف له معلومة غائبة حتى يمنحك اهتمامه، ولا تنسي أن تدعمي قضيتك بضرب أمثلة لأخطاء بشرية فادحة أبطالها أشخاص يقدرهم ويجلهم!.. أيضاً تأكدي من حسن استخدامك للغة الجسد، ولا بأس من بعض الدموع إن وجدتْ .. واحرصي في خاتمة حديثك على أن تلعني غباءك .. ثم الهجي بالحمد لكونك زوجة رعناء محظوظة بزوج غفور مثله! .. هاتفتني صديقتي في اليوم التالي – بعد خروج زوجها إلى العمل – لتخبرني كيف أن تنفيذ الخطة مع بعض الابتكارات، قد أفادها كثيراً! .. الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ولكن! .. مشكلة بعض الأصدقاء أنهم لا يلاحظون - وهم يجتهدون في طلب المناصحة من بعض الآخرين - كيف وكم أن باب النجار «مخلَّع» ..!
وسوم: 637