أرض الواقع والمأمول
سيناء هذه الأرض الطيبة عبارة عن شبه جزيرة صحراوية تقع في موقع متميز بين البحر الأبيض المتوسط وخليج قناة السويس،والبحر الأحمر وخليج العقبة وتبلغ مساحتها حوالي 61 ألف كيلو متر مربع أي حوالي 6% من مساحة مصر وتربط أفريقيا بآسيا وعرفت سيناء في اللغة الهيروغيلفية القديمة باسم (توشريت) وفي التوارة (حوريب) وقيل أن أسمها (الحجر) لكثرة حجارتها وبعض المؤرخين يرجعون اسم سيناء إلى (سين) إله القمر في الديانات القديمة وسيناء أرض مقدسة فقد ذكرها القرآن الكريم في مواطن كثيرة وعلى أرضها كلم الله موصى عليه السلام وتجلى على جبالها في الجانب الأيمن من الطور كما كانت سيناء طريق العائلة المقدسة وتضم أديرة وكنائس يرجع تاريخها إلى عصور سابقة وإجمالي السواحل المحيطة بسيناء حوالي 29 % من سواحل مصر.
في الخامس من شهر يونيو عام 1967 قامت إسرائيل بشن هجوم مفاجىء على مصر والأردن وسوريا واحتلت سيناء والضفة الغربية والجولان،ولكن مصر لم تيأس فهى قد تتعثر ولكنها لاتتوقف،وقد تمرض ولكنها لاتموت فبعد أقل من شهر من نكسة 1967 ففي حاولت قوة مدرعة إسرائيلية مدعمة بقوة مشاة ميكانيكية في عربات نصف مجنزرة احتلال مدينة بور فؤاد المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل،وعندما وصلت القوات الإسرائيلية إلى جنوب بور فؤاد فوجئت بقوة محدودة من قوات الصاعقة المصرية عددها 30 مقاتلًا مزودين بالأسلحة الخفيفة،ودارت معركة طاحنة وكانت الهزيمة للقوة الإسرائيلية،وعرفت هذه البطولة بمعركة رأس العش ولم تفكر إسرائيل في الإغارة على تلك المنطقة مرة أخرى .
تواصلت معارك الاستنزاف وبدأ التفوق المصري وفى 8 أغسطس عام 1970 تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن لوقف إطلاق النار نظراً لتفوق مصر وبثت وكالات الأنباء في الثلاثين من أغسطس تصريحاً لأبا إيبان قال فيه:(لولا وقف إطلاق النار لواجهة إسرائيل تصاعدا في الحرب مع مصر وبالتالي زيادة القتلى والجرحى وتآكل التفوق الجوى الإسرائيلي،إن رفض وقف إطلاق النار يضع إسرائيل في موقف أخطر وأشد صعوبة مما هو الآن) وعندما تولى الرئيس السادات مقاليد الحكم بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر بدأ يعمل ويخطط مع القوات المسلحة المصرية الباسلة خير أجناد الأرض لأجل تحرير سيناء من المغتصب الإسرائيلي .
كانت المفاجأة في السادس من أكتوبر عام 1973 الموافق للعاشر من شهر رمضان 1393 هـ حيث قامت القوات المسلحة المصرية باقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياح خط بارليف الحصين وكان الانتصار لمصر، وبعد تدخل الولايات المتحدة ومجلس الأمن تم وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل وبدأت مفاوضات الكيلو 101 وفي 11 من شهر نوفمبر عام 1973 تم توقيع الاتفاق على طريق مصر/السويس بين الجانبين المصري والإسرائيلي بوقف الحرب وتحديد مواقع القوات،وفي 17 يناير 1974 كان الاتفاق على فض الاشتباك الأول بين القوات المصرية والإسرائيلية وانسحبت بمقتضاه القوات الإسرائيلية من غرب القناة،وفي 29 من شهر مايو عام 1974 صدر القرار الجمهوري رقم 811 باعتبار محافظة سيناء وحدة من وحدات الحكم المحلي وتم تعيين اللواء محمد عبد المنعم القرماني محافظا لسيناء وفي 7 سبتمبر 1975 تم توقيع اتفاق فض الاشتباك الثاني وفي 16 نوفمبر عام 1976 تم تعيين اللواء إبراهيم فؤاد نصار محافظا لسيناء .
في 20 نوفمبر 1977 قام الرئيس محمد أنور السادات بزيارة إلى القدس وفي 26 مايو 1979 تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد بالبيت الأبيض الأمريكي 1979 وتم رفع العلم المصري على مدينة العريش،وانسحاب إسرائيل من خط العريش ورأس محمد وبدء تنفيذ اتفاقية السلام ،وفى 26 يوليو عام 1979م بدأت المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلي من مساحة 6000 كيلو متر مربع من أبو زنيمة حتى أبو خربة، وفي 25 سبتمبر 1979 انسحاب إسرائيل من مساحة 7000 كيلو متر مربع،وفي عام 1979 صدر القرار الجمهوري بتقسيم سيناء إلى محافظتين هما:محافظة شمال سيناء ومحافظة جنوب سيناء وتسليم وثيقة تولى محافظ جنوب سيناء سلطاته من القوات المسلحة المصرية،والانسحاب الإسرائيلي من سانت كاترين ووادي الطور في السادس عشر من شهر نوفمبر عام 1979م،وفي 16 مارس عام 1980 تم تعيين اللواء يوسف صبري أبو طالب محافظا لشمال سيناء،وفي 11 ديسمبر عام 1981 كانت بداية وصول إرسال القناة الأولى لتليفزيون مصر لشمال سيناء،وكان رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية بمدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء في الخامس والعشرين من شهر أبريل عام 1982م .
في 18 مايو كانت اجتماعات لجنة طابا بين مصر وإسرائيل،وفي الأول من شهر سبتمبر عام 1982 تم تعيين اللواء منير أحمد شاش محافظا لشمال سيناء صدور حكم التحكيم بحق مصر التاريخى والقانونى فى طابا فى التاسع والعشرين من شهر سبتمبر عام 1988 ورفع العلم المصرى فوق طابا،وهكذا قال التاريخ وأكد نتائج حرب أكتوبر 1973م بتحرير سيناء الحبيبة فلولا حرب أكتوبر لكان من المستحيل استعادة سيناء فلم يحدث أن احتلت إسرائيل أرضا عربية ثم انسحبت منها، إن مهر تحرير سيناء الحبيبة أثمن من كنوز الكون فمهرها هو دماء وأرواح الشهداء وكفاح الأبطال .
في الختام أطالب بوجود محافظة جديدة بجانب محافظتي شمال سيناء،ومحافظة جنوب سيناء،ويكون اسمها (محافظة وسط سيناء) فما أحوجنا لتطبيق مطلبي ومقترحي هذا على أرض الواقع في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها مصر،وأيضا لأجل المستقبل والأجيال القادمة،وقبل أن نفترق أهديكم قصيدتي هذه التي ضمها ديواني ( إحكى وقول يا ورق) :
احكى وقول يا ورق
عن خيرة الأجناد
فــ أكتوبر الميمون
كانوا رجال أوتاد
بيسجلوا قصتك
يا مصر بالأمجاد
لما عبرنا القنال
وارتاحت الأجداد
بارليف كمان اتحرق
والنصر بيّهم عاد
وسينا رجعت لنا
من تانى بالأعياد
احكى وقول يا ورق
وفرّح الأولاد .
وسوم: العدد 647