على رسلك يا رَسلان

على رسلك يا رسلان. إني أراك تمعن في محاربة الجماعة، وتشدّد عليها فيما تلحقه بها من التهم، وهي منه براء بشهادة شهود الحق وشهود الخلق، أراك تلبس الحق بالباطل فيما تلقيه من الخطب، وتستمسك بما هو فائل آفل من القول الذي لا يفيدك، ويفيد من دعاك إلى إشعال الحطب، في هجيج لا يعرف للحق سبيلا، ولا يدري على هذا الحق دليلا، فهو في طغيانه لا يتحرى الصدق، ولا يجد لهذا الصدق أثرا فيما يتخذه من الأساليب الخطابية التي يظنها المغفلون حقا، وما هي بالحق.

على رسلك يا رسلان. إني أراك تفرح بما تبديه من  البغضاء،  في أجيج من الهيط والميط، ظانا أنك تصيب الهدف الذي رُسم لأقوالك، والغاية التي حُددت لأفعالك، وأنت تقول بما يُملى عليك من المواقف، ويُتلى من الآراء، فأنت ترددها في كل وقت وحين، عسى ما أنت فيه من الظهور بمظهر العالم العلامة، والفاهم الفهامة، يكون وراءه تحقيق للباطل في الأذهان والأعيان. وليس لهذا الباطل أن يعلو  على الحق. ذلك بأن  هذا الحق هو الأحق بالاتباع ، فلا تغرنك طنطنة أنت فيها، وشنشنة أنت بها، وشهرة أنت لها، فهي لك صباح مساء، لا يغرنك ما أنت فيه من الصولة والصولجان، والهيل والهيلمان، متاع قليل في الدنيا، وفي الآخرة حكم بالقسطاس،فإما فوز يناله الصادقون، وإما خيبة تجر أصحابها إلى سوء المصير.

((ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين)).

على رسلك يا رسلان. أراك تتهم الجماعة بحب السلطة، وأنت تعرف أن هذه الجماعة فيما يشهد لها من الأقوال والأفعال، لا تسعى لسلطة تحقق بها أغراضها، ولكنها ترجو رضا الله بما تعلنه من النيات، وتظهره من العزائم. ولقد كانت وجهتها وستظل، إن شاء الله، فيما نذرت نفسها له من تحقيق الصلاح والإصلاح في جهد لا يفتر، وحماس لا يتخلف. ولو رغبت في الدنيا، ولو أرادت السلطة، لكان ذلك في يدها. ولكنها آثرت حمل الأمانة، وفضلت المكاره على الشهوات. أليست الجنة يا شيخ رسلان محفوفة بالمكاره؟

على رسلك يا رسلان. لقد وصفت الإمام حسن البنا بالجهل في الشريعة. وهل العلم بالشريعة حكر عليك؟ وهل أنت تعتقد ما تقول به من الرأي، وتصدره من الحكم، أم هل أنت في منبر لا تعلوه إلا إذا قلت ما تقول به من الاتهام. ويكفي في هذا المقام أن الشيخ حسن البنا هو من أنشأ جماعة الإخوان كبرى الحركات الإسلامية. وهي الجماعة الباقية بما هي فيه من الحق، وما هي عليه من الصدق. فاتق الله يا رسلان وكن مع الصادقين.

على رسلك يا رسلان. وهنيئا لك بما تبديه من الصولة في قناة (منهاج النبوة) وأنت تقوم خطيبا، وتقعد بليغا، تفيض على من يشهد مواقفك، ويسمع خطبك، تـُفيض عليه من صبيب كلامك الذي تريد منه إقناع الناس كل الناس بما تقدمه من الرأي، هنيئا لك بهذه القناة التي مكـّنتك من ضرب الجماعة، ومكـّنت لك في تجهيل الإمام حسن البنا. هنيئا لك بما أنت فيه من الشهرة،، وما يتبع الشهرة من الخيلاء، وما يتبع الخيلاء من الاستمرار في نهج أنت تنهجه، ومنطق أنت تلهج به، هنيئا لك بما حققت وتحقق من الظهور الذي يسبقه الغرور ويتبعه الغرور.

على رسلك يا رسلان. واعلم أن ما أنت فيه من الضجيج،والعجيج، والخبط والخلط، ليس من منهاج النبوة، بل هو من عمل الشيطان فاجتنبه لعلك تفلح في هذه وفي تلك. اقرأ ما كتبه شيخ الأزهر محمد الخضر حسين حينما طـُلب منه أن ينعت الإخوان المسلمين بالخوارج، وأنت لا تكف عن وصفهم بهذا الوصف في قناة منهاج النبوة، اقرأ ما كتبه شيخ الأزهر (لقد عشت خادما لديني لا مستخدما له ويكفي العبد الفقير كسرة خبز وشربة ماء وما أكثر الفضاء في ملكوت الله، وإني أشهد الله أن الإخوان دعوة ربانية عرفتهم ميادين البذل والعطاء والجهاد والتضحية ، لم يخونوا ولم يغدروا بما علمت عنهم. وها أنا ذا اليوم أعلن استقالتي من كل منصب يحول بيني وبين إرضاء ربي).

((ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد.))

وصلى الله على محمد وعلى أبويه إبراهيم وإسماعيل وسائر النبيئين وسلم تسليما.

وسوم: العدد 656