الهوية
كتب أحد المفكرين يقول:"الإسلام ليس هوية..وأن الديمقراطية تتطابق مع الإسلام تطابقاً تاماً"ومن قبل قال آخرون:"الاشتراكية هي الإسلام"وصدح أمير الشعراء يمدح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال:"الاشتراكيون أنت إمامهم"وكتبت فصلاً بعنوان"المسلمون وفتنة المصطلحات"في كتابي(شركاء لا أوصياء) واليوم أقول:دعونا نفهم معاً معنى مصطلح الهوية..؟هوية الإنسان:هي حقيقة بنيته وصبغته وجبلته وصفاته وخصائصه الجوهرية..وهي مشتقة من (هو) وهذا مصدر المصطلحات الأخرى مثل:(الهوية الإنسانية،والهوية العرقية،والهوية القومية،والهوية الدينية،والهوية الثقافية،والهوية الوطنية،والهوية المادية،والهوية الحضارية إلخ)أما هل الإسلام هوية..؟بكل تأكيد كما في قوله تعالى:(صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ).أما هل الديمقراطية هوية..؟لا ليست الديمقراطية بهوية..الديمقراطية مقوم تنظيمي من مقومات الهوية الليبرالية..أما أن الإسلام يقصي ويلغي (الكافر) فهذا فهم مرفوض في الإسلام..فالإسلام يتكامل ويتعاون ويتنافس مع شرائع الرسل ومع كل أمر إيجابي يأتي به المصلحون والمفكرون من بني البشر بلا تمييز..أما المواطنة..فهي عقد اجتماعي بين مكونات المجتمع الواحد بكل هوياته الدينية والعرقية والقومية والجنسية فهم جميعاً سواء في الحقوق والواجبات..وهذا ما سنه وشرعه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في صحيفة المدينة ومن أبلغ ما جاء فيها:"المسلمون من مكة والمسلمون من يثرب واليهود ومن تبعهم أمة واحدة من دون الناس"أما أن الديمقراطية تتطابق مع الإسلام تطابقاً تاماً..؟!فهذه مبالغة لم يقل بها أحد لا من أتباع الليبرالية الديمقراطية ولا من المسلمين في سلفهم وحاضرهم..إنها مبالغة شبيهة بقولة"اشتراكية الإسلام"بكل تأكيد الديمقراطية بصفتها عقد اجتماعي تتقاطع مع العقد الاجتماعي في الإسلام بمساحات كبيرة..إلا أن هناك فروقاً جوهرية بينهما بسبب الفوارق الجوهرية بين الفلسفتين الإسلامية والليبرالية..أما أن فهم المسلمين وتطبيقهم الخاطئ للإسلام هو ما ينفر الغرب من الإسلام ..!وهو مصدر عدم قبول الغرب للتكامل والتعاون والتعايش معهم..؟!أولاً بكل تأكيد هناك ممارسات خاطئة في تطبيق قيم الإسلام فالمسلمون بشر يخطئون ويصيبون..أما ثانياً فإنه تعميم ظالم فالمسلمون في فهمهم للإسلام ليسوا سواءً مثلما أن غيرهم ليسوا سواءً..وهو ثالثاً افتراءٌ ينسجم مع ما تدعيه داعش ونظيراتها وسلالاتها من عصابات الخوارج والضلال وممن فتن بهم وهم يقولون:أن الإسلام غائب من ألأرض فلا دولة له ولا سلطان وأنهم هم دولته وخلافته الراشدة؟؟؟!!!والإسلام والمسلمون بريئون منهم ومما يأفكون ويقترفون ويجرمون..وهذا الإفْكُ يستدعي من الذاكرة إفك مماثل افتراه عالم شيعي سعودي(..) كتب في جريدة الشرق الأوسط منذ سنوات يقول:"إن تاريخ الأمة المسلمة كله ظلم وبغي وعدوان بل يؤصل للظلم والعدوان"وهنا أقول لمن يذهب هذا المذهب الجانح المفرط المدمر في فهم الإسلام وعلاقة المسلمين مع غيرهم من أتباع الأديان والفلسفات والثقافات:على رسلكم يا قوم..فاجعلوها قفزة محكمة تحط بكم على ظهر الحصان لا أن تقذفكم إلى الهاوية والهلاك..فمثل هذا الجنوح في الانفتاح يماثل ما يقابله من جنوح في الانغلاق والإقصاء والإلغاء للمسلمين والآخر..كما هو شأن دواعش الضلال والدمار والهلاك ومن تبع نهجهم.
وسوم: العدد 657