دار الميسترال لليالي الملاح

في الولايات المتحدة يستخدم الأمريكيون مصطلح دكتور فيلجود (Dr. Feelgood ) وتعني حرفياً الطبيب الذي يُشعرك بالتحسن، بينما معناها الحقيقي هو المخدرات التي يتعاطاها المدمنون لتجاوز خبراتهم وتجاربهم السيئة، والمعنى الحرفي والعامي لا يختلفان كثيرا.

ويبدو أن عصابة الانقلاب عقدت آمالا كبيرة على حاملتي الهليكوبتر الفرنسية "ميسترال" ومن الواضح أنها ستصبح "فاسوخة" الإعلام العسكري في الأيام القادمة.

وبدأت الفرق الموسيقية بالعزف على نغمات الميسترال، بطريقة تذكرك بالحملات الدعائية التي شنها إعلام المقبور عبد الناصر حول صواريخ الظاهر والظافر والطالع والنازل، ولا ريب أن البعض سيغيرون صور صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى صورة الميسترال، وسيتحدث إعلام العسكر عن الإنجاز العسكري غير المسبوق، والميسترال التي رسخت موقع (ميسر) كدولة كبرى في المنطقة إلى أخر ما يمكن لخيالك تصوره.

حسنا، سنتظاهر بأننا لم نقرأ أخبار استهداف رتل عسكري تابع لجيش الكفتة في سيناء منذ يومين ومقتل وإصابة العشرات منهم، والعمليات اليومية التي ينفذها المسلحون ضدهم والتي تدفعهم إلى الاختباء، وسنتظاهر بأننا لم نقرأ التقارير الأمريكية عن حرب الخليج وحديث الجنرالات الأمريكيين عن "دهولة"، ذلك الجيش وعدم قدرته على القيام بأبسط المهام العسكرية رغم حصولهم على سلاح وتدريب أمريكي، كما قال هؤلاء الجنرالات في كتبهم وفي مقتطفات نُشرت على مواقع الإنترنت.

وسنتظاهر بأننا لم نر مشاهد الدبابات التي تفر من أمام بنادق المسلحين في سيناء، ولا مشاهد الجنود الصرعى في كمائنهم ولا صورا لدباباتهم المحترقة.

ولكن تبقى بعض الأسئلة المشروعة، أوجهها لحزب الميسترال ولإعلامي الميسترال الذين أصيبوا بنوبة من الدروشة الناصرية الميسترالية، وطفقوا يطلقون التصريحات عن الريادة والسيادة والزيادة والبيادة .. إلخ.

مم ستحمي الميسترال مصر؟

من هو العدو الذي ستقاتله الميسترال بعد السلام الدافئ مع العدو الصهيوني؟

هل يمتلك ذلك الجيش غير القادر على حماية نفسه في سيناء ضباطا مؤهلين لتشغيل حاملة هليكوبتر؟

هل يمتلك ذلك الجيش الذي قضى طياروه ثلاث ساعات في مطاردة سيارات السياح المكسيكيين في الصحراء، ضباطا قادرين على تشغيل حاملة هليكوبتر؟

ثم لماذا تمت تسمية الأخت ميسترال هانم باسم المقبور عبد الناصر؟ لماذا لم يسموها "ميسترال 67" مثلا على سبيل الفخر بأبرز إنجازات المقبور؟

بالطبع أتوقع في الأيام القادمة أن تسمى بعض الشوارع والصيدليات والمتاجر باسم ميسترال، ولا أستبعد أن يطلقوا اسمها على ميدان ما، فهؤلاء القوم يفتقرون للابتكار وقد تيبست عقولهم في الفترة الناصرية، وأنا أعذرهم نوعا ما، فليس من العدل أن نلوم الديناصورات وهي تنقرض على أنها تنقرض!

هي ديناصورات لا عقل لها، تمارس عملية الانقراض بكفاءة.

اتخيل الآن مجموعة جنرالات قاعات الأفراح وهم جالسون حول مائدة اجتماعات يرتدون أزياءهم العسكرية ويتحدثون بلهجة توحي بالجدية، ويفركون أيديهم ويسيل لعابهم وهم يحصون المكاسب المستقبلية ويتباحثون استخدامات الميسترال، فهنا قاعات أفراح يتم تأجيرها بالساعة، وهنا صالات بنج بونج وبلياردو، وهنا سترقص الراقصة مهجة لتحيي حفلات بتذاكر مخفضة للجمهور، وهذا الجانب سيتم طلاؤه وتزيينه بصورة عملاقة لساندويتش برجر ليدشنوا سلسلة مطاعم الميسترال للمأكولات السريعة، كما سيتم افتتاح سلسلة من المخابز ومحلات الحلويات الشرقية على أرقى مستوى.

وعلى ظهر الميسترال سيفتتحون سلسلة من ملاعب التينس ليتمكن حمادة ابن اللواء سيد كوارع من مزاولة رياضته المحببة، بعد أن أصابه الملل من نوادي جيش الكفتة، وهنا مركز الميسترال للباليه المائي الذي يمكن تطويره؛ بحيث تقوم الميسترال بجولات في البحر الأبيض المتوسط لعقد دورات باليه الميسترال المائي، وهنا كوافير عبد الناصر للسيدات حيث تُذاع الأغاني الوطنية وخطب عبد الناصر لتصفف السيدات شعرهن في أجواء وطنية محببة.

بالإضافة إلى بانوراما 67 التي سيتم افتتاحها للجمهور بأسعار مخفضة وسيتولى الإعلامي البارز أحمد موسى التسويق لمول الميسترال التجاري العائم، الذي يتجول بين مدن مصر من أسوان إلى الاسكندرية، كما يمكن أن تنظم الميسترال رحلات في عرض البحر إلى موقع أسر قائد الأسطول السادس الأمريكي، ويقدمها الغيطي على الهواء.

اللواء لطفي كوبانية ظل جالسا طوال الاجتماع صامتا يتامل ويزن الأفكار التسويقية، ثم خرج فجأة عن صمته ليقول: "يا حضرات إنتو نسيتو أهم حاجة". فينظر له الجميع بتساؤل؟ فيرد بابتسامة الخبير ببواطن الأمور:

يجب أن تضم الميسترال فرعا لمركز النسور التابع للقوات الجوية لإزالة الشعر.

علت أصواتهم مهنئين (سيادة اللوا كوبانية)، فأشار إليهم بيده قائلا لحظة من فضلكم يا حضرات.

في المساحة الكبيرة وسط الميسترال سنقيم منطقة +18 نبني فيها حمام سباحة بديكورات قاعدة اأشاص، وننظم حفلا ندعو طياري الهليكوبتر.

فتهللت أسارير الجميع وصفقوا للواء لطفي كوبانية، وهتفوا جميعا تحيا ماسر 3 مرات.

وسوم: العدد 671