المشهد السوري في رمضان ...

الصمت ليس من مناسك رمضان ولا ركنا من أركان الصيام

ثمانية أيام في رمضان ، ثمانية أيام صعبة راعفة بدماء المستضعفين من الرجال والنساء والأطفال . ومع طوفان الدم الذكي الطهور تشريد وخوف وجوع وعطش وحرمان وصمت ولامبالاة ...!!

وتحالف الشر العالمي أمريكا ومن تجرهم في عربتها وروسيا ومن تأخذ بنواصيهم كلهم يعيشون حالة من سعار القتل ، والمقتول دائما هم مستضعفو سورية رجالها ونساؤها وأطفالها ..

أوباما الذي يقود من البيت الأبيض الحملة الانتخابية لحزبه يريد أن يحرز انتصارات يوطئ بها المنبر لخليفته الديمقراطية ودماء السوريين هي الكفاء ...

روسية – وإيران وعميلهم بشار يشعرون أنه قد حان الوقت لحسم المعركة، التي تهرب من تبعاتها الكثيرون من الذين أوقدوا نارها وشبوا أوارها ؛ فأمعنوا قتلا وتدميرا على محاور أربع : غوطة دمشق الشرقية بمن فيها من أحرار أباة . ومراكز المتاريس السكانية في حمص الأبية  ( الوعر – والحولة ) وما يلوذ بهما ، في عملية تغيير أو استئصال ديمغرافي مستقبلي ، لتكون حمص واسطة عقد سورية بها يحلمون . ثم محور الشمال أو القطاع الشمالي للثغر السوري تاريخيا منذ الدولة الحمدانية : حلب ومنبجها وإدلب والساحل الشمالي حيث تدور الملحمة الحقيقية هذه الأيام . دون أن ينسى أي متابع للمشهد الملحمة المتعددة الأبعاد التي تدور في الجزيرة السورية : دير الزور – الرقة – وفضاؤهما حيث مسلسل القتل اليومي تنفذه كل القوى وكل الأدوات ، وحيث المجزرة الديمغرافية تأخذ بعدها على نحو ما يجري في حمص وفضائها .

إذا حاولنا رصد المشهد سريع الوقع والوتيرة وتوقفنا عند أحداث 24 / ساعة فقط ، لا بد أن تصعق أي سوري أخبار الغارات الوحشية على غوطة دمشق ، ومدينة دوما وداريا بشكل خاص ، لتقفز العدسة إلى مائة غارة جوية على حلب ، وإلى القصف الوحشي على إدلب ، ثم إلى المجزرة الأكثر توحشا في معرة النعمان ، لنضيف إلى المشهد الحديث عن الخراطيم المتفجرة منضمة إلى البراميل المتفجرة . وعلى رأس هذا وذاك اعتراف الحكومة العراقية بقاسم سليماني مستشارا عسكريا لها في حربها على المسلمين في العراق . واعتراف وزير الدفاع السوري الفريج بالشمخاني وزير الدفاع الإيراني مستشار عسكريا لعصابات الأسد في حربها على المسلمين في سورية ؛ في الغوطة وفي حلب وفي إدلب وشمال الساحل وفي الرقة ودير الزور ...

وفي الوقت الذي أجاد هؤلاء المستشارون غناء ترنيمة النوم على بعض مراكز الديمغرافيا السورية فأخرجوا مراكز فاعلة مهمة من فضاء الثورة، ونصحوا مراكز أخرى أنهم قد أدوا ما عليهم من قبل ، وأنه ما فاز إلا النوم ؛ انفردت قوى الشر العالمي بمراكز محددة وسط خذلان مخمس الأبعاد : دولي ، وإسلامي ، وعربي ، مع خذلان القوى السياسية ، والمراكز الحيوية الوطنية ...

أعلن بشار الأسد في خطابه أنه سيواجه ( أردوغان ) في حلب . ولكن أردوغان لا يستجيب لتحدي بشار ، بل يدير ظهره ليسارع للمشاركة في جنازة محمد علي كلاي . في فقه المسلم الجديد الوفاء للميت أهم من الوفاء للحي !! وحلب وأخواتها هنا هي ثغر الثورة وآخيّتها ، زعموا أنه عليها توقفت البداية ، فلماذا لا يصدقون أن عليها ستتوقف النهاية .

 ووسط صوم ( مريمي ) يلف الناس فلم تعد تسمع إلا صوت من ينادي أعطني دينارك أعطني درهمك لأطعم لك جائعا لأفطر لك صائما ، وكأن الجائعين والصائمين الذين لا يجدون البلغة والجرعة لم يسدوا أفق السوريين في كل مكان ...!!!

كل عاقل يقدر أن الثورة السورية تمر في ساعة عسرة . ومع أننا نجزم أن المقدمات التي انتهجها المتصدرون بغير حق هي التي قادت إلى هذه النتائج ؛ إلا أننا نقدر أن التقدير الحقيقي للموقف يؤكد أن بأيدي السوريين، والمتصدرون منهم للمشهد هم المقصودون ، أكثر من الكثير ليصنعوه ، وليقدموه ، ولينتقلوا به بالمشهد من حال إلى حال .نعم ما زال بأيدي الثورة والثوار بحمد الله وفضله الكثير . ومن قال هلك الناس فهو أهلكَهم وهو أهلكُهم على الروايتين . واليأس كفر وأول مطلبنا أن ينزاح عن طريق هذه الثورة اليائسون والعاجزون ...

وأهم رسالة يجب أن نؤكدها في هذا المقام أن الصمت ولاسيما عن كلمة الحق ليست منسكا من نسك رمضان ولا هو ركن من أركان الصيام .

ألا رجلا أو جماعة تجعل من نفسها للناس مثابة وأمنا فيثوب القائمون عليها : إلينا ...إلينا أيها الناس.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 672