الطائفية في سورية، القشة التي كسرت ظهر البعير

أ.د.عبد العزيز الحاج مصطفى

تعريف:

       الطائفية نسبة إلى الطائفة. و الطائفة مجموعة من الناس تجمعها خصائص مشتركة؛ تجعلها في أغلب الأحيان منطوية على ذاتها، و غير منسجمة مع المجتمع الذي تعيش فيه.  و ذلك بسبب مركب النقص الذي يعيش بداخلها، و الذي ساهمت في صنعه أجيال عديدة. و كثيرة هي الدول التي تشهد اضطرابات مستمرة بسبب التركيبة السكانية المختلفة ، و كثيرة هي الطوائف التي تعيش حياة قلقة بسبب عدم انسجامها مع التركيبة السكانية التي تعيش معها.

ويقابل ذلك: أن دولا كثيرة تعيش حالة من الانسحام مع تعدد الطوائف و مع تعدد الثقافات و اختلافها.

      و الطائفية في سورية  عينة من تلك الطائفيات المنتشرة في بلدان كثيرة من العالم. و قد غطّى الأفق الحضاري العريض الذي يتصف به السوريون ، الطائفية بل جاوزها إلى مفهوم( المواطنة الشاملة). و يعد كتاب مواطنون لا أقليات  الذي كتبه نخبة من الأستاذة و أصدره مركز أمية للبحوث و الدراسات سنة 2015 في طبعته الأولى نموذجا لطبيعة النخب المثقفة و لما كانت عليه خلال قرن من الزمان. و قد كانت تقيم علاقاتها على أساس (أن الدين لله و الوطن للجميع)، و بذلك تستوعب الجميع بصرف النظر عن الاختلاف العرقي و الديني و المذهبي الذي كان و لايزال موجوداً، و بصرف النظر عن التصرفات الهدامة التي كانت و لاتزال موجودة و قد أدت بسورية إلى ماهي عليه الآن. و قد أصبحت و حسب تصريح رأس النظام(لمن يقاتل عليها)، بعد أن كانت حمى وطنياً لمن يحمل جنسيتها، و أصبح الفارسي فيها سيداً و قائداً،  و ما وجود ( قاسم سليماني) و المقاتلين الإيرانيين في سورية إلا دليلا و اضحاً و فاضحاً على الانكسار الرهيب الذي يعيشونه و قد أصبح كثير منهم يتحدثون عن تغيير في البنية الديموغرافية للسوريين. و هي مسألة يجب النظر إليها بعلمية و موضوعية، و عدم تركها سائبة أمام النخب المثقفة التي قد تؤخذ( بالبرتوكول) أكثر مما تؤخذ بالحقائق الواقعة التي تتصدر واجهات الأحداث عادة، و هو مايجب أن نحذره و نحذر منه بعامة. و الطائفية في سورية تقوم على التعدد. و هي دينية و عرقية  و مذهبية. و فيما يلي تفصيل عن المكونات الاجتماعية مشفوع بنسب تقريبية لتلك المكونات التي -شئنا أم أبينا- تشكل اليوم المجتمع السوري المعاصر.

النسب السكانية:

أولاً- من ناحية دينية:

المسلمون  95% المسيحيون 4.5% اليهود       0.5% و هذه النسبة قديمة و أكثرهم هرب إلى إسرائيل. و المتبقي منهم قليل جدا.

ثانياً- من ناحية مذهبية و دينية:

السنة 78% العلويون 8% الدروز 3% الإسماعيليون و الشيعة الاثنى عشرية 2% المسيحيون 8%

ثالثاً- من ناحية عرقية:

العرب 90% الأكراد 8% شركس و تركمان 2%  وهذه النسب السكانية تقريبية جدا، وهي مختارة من احصائيات سكانية مختلفة.

  وَقلَّت هذه النسب أو كثرت تبقى في دائرة الأقل و لاتتخطاه إلى الأكثر،و هذه مسألة غاية في الأهمية. فالمجتمع السوري الذي دمّره النظام السوري الذي حكم سورية منذ 1963 محتمع باسط كفّه بالحسنى إلى مواطنيه جمعياً، و هذه حقيقة دلّت عليها حقبة الخمسينيات، و قد كانت مضطربة و قلقة، و دلّت عليها حقبة مابعد الخمسينيات في تعاملها مع النظام الذي خرج على التقاليد الوطنية و الاجتماعية، و بسط يده بالسوء للأكثرية التي أحسنت للمكونات السورية جميعاً و رعتها خلال قرون طويلة.واصطبرت على أذاها نصف قرن من الزمان منذ 1963 و حتى 2011م.

   التوزع السكاني في سورية:

بلغ عدد سكان سورية حسب تقديرات 1920 2.5 مليون نسمة، و بعضهم جعلها 2.2 مليون نسمة، مع اعتبار أن هذا العدد يضم سورية و لبنان، و قد كانا وقتها ولاية  و احدة من ولايات الدولة العثمانية. أما عدد سكان سورية فبعضهم أوصله في آخر إحصائية إلى 25.577 مليوناً. و هو حسب إحصائيات2010 يبلغ (23) مليونا   يتوزع السكان في سورية توزعا عفويا، دون أن تكون للسلطات المتعاقبة يدفي ذلك التوزّع و توزعهم قد يكون كما يلي:

أولاً- المسلمون : نسبتهم قد تتجاوز 95% و هم بدو و حضر و سكان مدن و قلّ أن خلت منهم مدينة.وهم يسكنون في دمشق و حلب و حمص و حماة و إدلب و اللاذقية و دير الزور و الحسكة و الرقة و درعا و السويداء. و في أرياف هذه المدن و قراها و في البادية السورية كذلك.

 ثانياً- المسيحيون تعود أصولهم إلى الغساسنة الذين كانوا يسكنون جنوبي سورية قبل الإسلام، و إلى تغلب التي كانت تسكن البشر في وسط سورية و إلى طيء التي كانت تنتشر في جنوبي  سورية و شماليها. كما لا نعدم بعضهم في إقليم الجزيرة. و أكثرهم هاجر من سورية أو اعتنق الإسلام، و بقاياهم المتبقية قد لاتزيد على4.5% و يمكن أن يضاف إليهم بعض الأرمن الذين سكنوا في شمالي سورية. و قد أصبحوا مواطنين مجرد حصولهم على الجنسية السورية. و لم يكن ثمة خلاف في ذلك.

 ثالثاً- الأكراد: و هم مكوّن أصيل من مكونات المجتمع السوري و إن كانت لهم خصوصيتهم العرقية المتميزة. و هم  ينتشرون بشكل غير منتظم في الشمال السوري، و قريباً من الحدود التركية. و يتوزعون بين عفرين في شمالي سورية و القامشلي و المالكية في شرقيها. و تاريخهم مشرف إلى ماقبل 1963 و قد ظهر منهم مفكرون و أدباء و كتاب و سياسيون بارعون. و ضباط عسكريون محترفون. إلا أن  النظام قلب لهم المجن ، ثم عاد في مرحلة الثورة ليلعب على تناقضاتهم، و ليجعل منهم مكونا مزعجا.

رابعاً- الأقليات المذهبية: التي تتمثل بالعلويين و الدروز و الإسماعيليين وتتوزع على ثلاث مناطق في سورية. و هذه المناطق هي:

المنطقة الساحلية: و يسكنها  العلويون النصيريون و أغلب سكناهم في أعالي الجبال، و في القرى المحيطة بها. المنطقة الجنوبية( محافظة السويداء): يسكنها الدروز. المنطقة الوسطى( السلمية): يسكنها الإسماعيليون و هم أقل الأقليات.

إلا أن الطائفيين سكن كثير منهم في المنطقة الوسطى(حمص) و في المنطقة المحيطة بدمشق سيما بعد1963م. و ذلك السكن يدخل في سياسة النظام التي كانت و لاتزال تهدف إلى  السيطرة على سورية و عدم البقاء في المناطق الجبليةكما كانت سابقاً. كما تهدف  إلى تغيير البنية الديموغرافية لسورية كلها، و عدم الاكتفاء بمنطقة واحدة منها و بسبب هذه السياسة استطاع النظام أن يحدث بؤرا استيطانية للأقليات  في مدينة حمص، و أن يحدث تغييرا ديمغرافيا كبيرا فيها، كما استطاع أن ينشئ  كثيرا من البؤر الاستيطانية حول دمشق العاصمة قصد السيطرة عليها اجتماعيا. و يعد استقدام الرفض الطائفي إلى سورية أحد أشكال تلك السياسة التي أصبحت حقيقة واقعة، و داخلة في دائرة المعلوم من قبل العالم  كله.

 و هذه الأعداد كلها تقريبية و هي تسلط الضوء على مسألتين.

   الأولى: تتعلق بتزايد السوريين. و الإحصائيات تشير إلى أن عددهم  ضرب بعشرة خلال مئة عام تقريباً.

   و الثانية: تتعلق بالطوائف السورية الآنفة الذكر و قد دخلت مرحلة جديدة من تاريخها بعد الاحتلال الفرنسي لسورية، و قد أصبحت عند الفرنسيين بمثابة الطفل المدلل، أو الولد بالتبني الذي يراد له أن ينشأ حسب ثقافة المتبني و هذه المسألة هي التي يجب أن تكون موضع نظر عميق عند السوريين. و هي بدورها تقودنا إلى معلومتين تعدان غاية في الخطورة:

-         المعلومة الأولى تقول: إن الطوائف الأخرى من غير السنة كانوا في عهد العثمانيين ممنوعين من دخول الجيش العثماني. و قد ظلوا كذلك إلى سقوط   الدولة العثمانية.

 و المعلومة الثانية.تقول: إن الفرنسيين مجرد دخولهم دمشق،  و بسط نفوذهم على ولاية سورية بدأوا بتقريب الأقليات بعامة، و أولوهم عناية خاصة على وفق القوانين الجديدة التي أعادت لهم اعتبارهم و سمحت لهم بدخول الجيش و القوات المسلحة فضلا عن مسائل أخرى و قد تمثل ذلك بإجراءين عدا غاية في الخطورة.

    الإجراء الأول: تمثل في تقسيم سورية إلى دويلات طائفية و هذه الدويلات هي دولة دمشق، و دولة حلب، و دولة العلويين و دولة جبل الدروز، و متصرفية جبل لبنان، و لواء إسكندرون. الذي عد أن له وضعه  الخاص. و بالرغم من أن السوريين قاوموا بعنف مشروع تقسيم سورية الذي أصدره الجنرال غورو سنة 1920م، إلا أن آثار ذلك انسحبت على سلوكية الموتورين من أبناء الأقليات، و قد ظهر ذلك واضحا في سورية المستقلة بعد 1946م.

     الإجراء الثاني: تمثل في فتح باب الخدمة  العسكرية للسوريين بعامة  و منهم أبناء الأقليات. و قد نصت  التعليمات العسكرية على أن تكون نسبة السنة 30%  و على ألا تزيد عن  50% بالرغم من أن نسبتهم العامة كانت تزيد على 78% من مجموع السكان. و كإجراء تنفيذي قام الجنرال غورو بتأسيس جيش الشرق السريع سنة 1921م، و كان و قتها خليطا من سوريين و غير سوريين، ثم أصدر سنة 1924 قراره الخاص بإحداث القوات الخاصة للمشرق و قد كانت عمدة هذه القوات من العلويين تحديدا، و من ثم الدروز فالطوائف الأخرى و قد بلغ عدد هذا الجيش سنة 1930    ( 14) ألف مقاتل ثم استمر على منهجه إلى مرحلة مابعد استقلال سورية سنة 1946.

   و قد كان من خصوصية ذلك الجيش: أن نشيء على التقاليد العسكرية الفرنسية، ولقنها كأي عنصر منتسب إلى ذلك الجيش.

 الجيش السوري بعد الاستقلال:

     و عندما استقلت سورية عن فرنسا سنة 1946م كانت قوات الشرف الخاصة التي أسسها الفرنسيون سنة 1924 هي الجيش الوطني لسورية الحديثة و حسب المعلومات أن اللواء آرام قره مانوكيان( أرمني الجنسية) أشرف على ترتيب ذلك الجيش و إعداده لمرحلة مابعد الاستقلال، وبذلك وقعت  سورية بأكبر غلطة في تاريخها القديم و الحديث. ألا وهو  قبول الجيش الذي أرادت له فرنسا أن يصبح جيشا فرنسيا رديفاً أن يصبح و للأسف الشديد موضع تغني الناشئة السورية بقولهم كل صباح( حماة الديار عليكم سلام) و أن تعقد عليه الآمال الكبيرة، و منها أمن البلاد و حمايتها من الأجنبي.

    لقد مثل ذلك الجيش لسورية ( المصيبة الكبرى) فلم ينتج لها إلا الويلات. وذلك من خلال ثلاثة مواقف:

الموقف الأول- أداؤه في حرب فلسطين سنة 1948م-:

     و قد خذل المتطوعين السوريين الذين انضووا تحت راية جيش الإنقاذ، الذي كان يقوده البطل فوزي القاوقجي، كما تخاذل هو في ساحات القتال، و لم يقم بالدور المشرف بالدفاع عن فلسطين، و فلسطين كما هو معروف جزء لايتجزأ من سورية، و قد التصقت الهزيمة وقتها بلحى السوريين، و مضت و كأنها لم تكن.!!!

  الموقف الثاني: مطاوعته المغامرين من قادته، و قيامه بعدد من الانقلابات: و هذه الانقلابات جميعها هي التي  جرت العربة إلى حافة الجرف الهار الذي أسلمها للنظام الطائفي الذي سار على نهج فرنسا، بل ذهب إلى ماهو  أبعد و قد جعل الجيش و القوات المسلحة مقصورا على العلويين  وبأغلبية منهم قد تزيد على 90%.

الموقف الثالث: رعايته الأنشطة الطائفية الخاصة و قبوله بها بل و استيعابها:بالرغم من الأحداث الدامية التي شهدها ذلك الجيش. وعدم الرد عليها أو محاولة التخلص منها على أسس و طنية بحتة و من الأحداث التي شهدها ذلك الجيش:

  أولاً- قتل العقيد محمد ناصر آمر سلاح الطيران سنة 1950 و هو من العلويين. و قد كان  الصراع وقتها على أوجه بين العلويين و السنة و قد كان أكثر من لافت للنظر.

ثانياً- قتل العقيد عدنان المالكي معاون رئيس أركان الجيش سنة 1955 و هو من السنة. و كان قتله رد فعل من قبل الطائفة العلوية، و قد كان القاتل من العلويين.

ثالثاً- قتل المقدم غسان جديد، و هو الأخ الشقيق لصلاح جديد، و هو من العلويين. و سبب قتله اشتراكه في مؤامرة قتل عدنان المالكي.

    وقد كان انقلاب الانفصال بمثابة المرتع الخصب الذي وجدت فيه الطائفية ضالتها و بسببه توصلت إلى انقلاب 1963م.  الذي كان طائفيا خالصا، بالرغم من مشاركة السنة فيه، و من قيادتها له  في مرحلته الأولى

اللجنة العسكرية:

   كانت اللجنة العسكرية، ذات الصفة الطائفية المحضة، المخطط الأول و الأخير لماجرى في سورية. فقد تشكلت في مصر في أعقاب قيام دولة الوحدة، و كان هدفها الأول فصل سورية عن مصر. و قد اقتصرت و قتها على كل من ( حافظ الأسد، و صلاح جديد، و محمد عمران) و هم من الطائفة العلوية. و ( أحمد المير و عبد الكريم الجندي) و هما أسماعيليان ثم وسعت بعد ذلك في عهد الانفصال لتصبح خمسة عشر ضابطا وقد أضيف إليها اثنان من الدروز هما ( حمد عبيد و سليم حاطوم) كما أضيف لها اثنان آخران من العلويين فأصبحت: (5) من العلويين و (2) إسماعيليان و (2) دروز و (6) من السنة، و الستة السنة كانوا من العناصر الهابطة و اللا منتمية بصورة عامة.

و هؤلاء  جمعيا قادوا دفّة الإنقلاب في سورية و قد رسموا سياسة طائفية الجيش، و استطاعوا تمريرها ببراعة، بالرغم من وجود العناصر السنة بينهم. و ذلك من خلال  تقليعتين تعدان غاية في الأهمية:

التقليعة الأولى: ( التقدمية و الرجعية)، ووصف ثورة آذار بأنها تقدمية مهد السبيل أمامها لتعقب ما يسمى بالرجعية داخل الجيش و القوات المسلحة و هم حسب تقييمهم خليط من البرجوازيين و الرأسماليين و الإقطاعيين و قد طردوا من الجيش في وقت مبكر، و ذلك ليحل محلهم التقدميون من أبناء الطوائف المتحالفة( العلويون و الدروز و الإسماعيليون). وكان الموظفون المدنيون ممن خدموا برتبة المرشح مادة ذلك.

التقليعة الثانية: (الحزبية). و هم تحت  هذا المانشيت العريض أشعلوها حربا سياسية، و استطاعوا ببراعة المتمكن أن يجعلوا الجيش السوري حكرا عليهم، و أن يضمنوا بقاءهم في الحكم.

الطائفية السورية و نشاطاتها:

  لقد تمكنت الطائفية السورية خلال مرحلتي الاستعمار و الاستقلال و تحديدا من 1916 و إلى 2016م من إقامة تحالفات عتيدة، مع الدول الحليفة التي هزمت الدولة العثمانية أولاً، و منها فرنسا و بريطانيا ، و ان تضيف إلى تحالفاتها الدولة الروسية، و الولايات المتحدة الأمريكية، و هذه الدول مجتمعة تعادي الاستقلال العربي.كما استطاعت أن تعقد تحالفاتها المذهبية مع إيران التي تعد الدولة الطائفية الأولى في العالم و أن تحقق لها جواراً آمناً مع إسرائيل. و بالتالي تصبح قوة محلية يحسب حسابها، بالرغم من الفضائح التي ألحقت بها و التي تزكم الانوف. و هذه المسألة تقودنا إلى حقائق ثلاث:

  الحقيقة الأولى: تتمثل بالطائفية منشأً و مسلكا. فهي حالة من حالات النشاز الفكري، الذي ابتليت به الأمة في تاريخها القديم و الحديث، و يعد كتاب الملل و النحل "للشهرستاني" شارحاً لها. كما يمكن تلمس إدانتهم عند كل من ابن تيمية و  الحسن العسكري( و هو من الشيعة الاثني عشرية) و قد أفتيا بكفر العلويين بعامة، و بخروجهم من الملة. وقد كان سبب ذلك تحالفهم مع الصلبيين و عدوانهم على المسلمين، و قولهم بالإباحية و تكرار المولد و التجديف بصورة عامة.

الحقيقة الثانية: تتمثل بلقاء المصالح الأجنبية والطائفية، و بالدعم المطلق للطائفيين، و قد كانوا موضع عناية المستعمر الفرنسي  منذ أيامه الأولى، و موضع رعايته بعد الاستقلال. بل و دعمه دعما مطلقا بعد الثامن من آذار سنة 1963 و قد كاد يجنح بسياساته إلى الماركسية التي كانت أكثر خطورة خلال حقبة  السبيعينات من القرن الماضي. و يعد موقفهم مع النظام منذ 2011 م و إلى اليوم و تآمرهم  على الثورة السورية العلامة الكبرى التي تثبت عمالة الطائفيين و تبعيتهم للأجنبي... و يوميات الثورة السورية تثبت صحة ذلك.

الحقيقة الثالثة: تتمثل بالجهل العام الذي كان يشغل النخب السياسية و المثقفة، عن مهامها الوطنية و القومية، و عن إدراكها حقيقة الطائفية و ماهي عليه من خطورة، و كذلك عن المصالح الأجنبية، و  ماينجم عنها من ضرر قد يلحق بالأمة بكاملها. و صفقة خطوط النفط (التابلاين) التي وقعتها حكومة الزعيم حسني الزعيم- و قد عدّها بعضهم بمثابة الأسباب غير المباشرة التي قادت إلى الانقلاب- شاهد على ذلك الجهل المطلق، و  على كونه هو وحده الذي قد يتحمل المسؤولية عن كل ماجرى في سورية منذ 1946 و إلى اليوم.

أ.د.عبد العزيز الحاج مصطفى                   

رئيس وحدة الدراسات السورية                  

مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية

وسوم: العدد 673