المصالحة الفلسطينية .. الغائب الأكبر !!

مازال السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، ويبحث عن إجابة شافية: هل يمكن أن تُختزل مائة عام من تاريخ فلسطين لتصبح مجرد صفحة منسية؟ ولأن ظروفها أصبحت أقوى منها؟ ولأن أعواد الانقسام المشتعلة أحرقت ثيابها في أحلك أزمانها؟.

ظلت المصالحة الفلسطينية، الغائب الأكبر، حبراً على ورق تراوح مكانها، وتنتظر مَن يزيح الغبار عنها، فقضت على كل دعوة للاطمئنان لتنفيذ بنودها، ولاقت الإهمال من كل مَن بيده الأمر فيها، يطرقون أبوابها من دون جدوى، وأصبح كلا الجانبين يعلق إخفاقه على إخفاق الآخر، تماماً كالخلاف الذي تقع فيه جماعة من الجماعات حين تفشل في أمر، فيبرر كل فريق فشله بفشل غيره، ما يدعو إلى الاسترابة في حسن نية الطرفين، وكانت نظرتهما إلى تلك المصالحة على قاعدة المنافع والمصالح، وفقاً لما تحققه لهذا الحزب أو تلك الحركة على الأرض، فلم تكن صادرة من أعماق المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، بما يحفظ كرامة الوطن وحقوقه، وغدا الأمر عند كلا الجانبين اللذين بيدهما صولجان السلطة وكأنهما يسيران في طريق مظلم مليء بالعثرات والعقبات.

واستشعاراً بعظم المسؤولية الوطنية؛ مسؤولية الضمير والوجدان ومسؤولية المستقبل، فعلى طرفي الانقسام (فتح وحماس)، ومعهما باقي فصائل العمل الوطني والإسلامي على حد سواء، الشروع، باعتبارهم أمناء على تحقيق آمال الناس وتطلعاتهم وأهدافهم، بإجراء قراءة أركيولوجية، ومراجعة فكرية، وتقويم بنّاء، تشمل، فيما تشمل، الشعارات المرفوعة والأهداف المرسومة والوسائل المطروحة والمواثيق المنشودة، وبما يتلاءم مع متطلبات المرحلة، ومعرفة أسباب ما آلت إليه الحالة الفلسطينية من تفتت وترهل وضعف، والاطلاع على العلل والأمراض التي أصابت الفلسطينيين، ودفعتهم إلى أحضان الركود والتأخر؛ فالقضية الفلسطينية هي الوحيدة في العالم التي لم تنل استقلالها وحريتها حتى يومنا هذا.

إن قيادتنا مدعوة إلى تقويم وإصلاح ورقابة ووحدة تليق بحجم التضحيات الباهظة التي قدمها شعبنا في تلك السبيل، وعليهم أن يدركوا أن مصير بلادهم رهن بإرادتهم وإرادة شعبهم.

وسوم: العدد 673