العلاقات الزوجية

د.محمد رشيد العويّد

أيها الزوجان الغاليان .. 

أعطيا أكثر مما تأخذان

مازال أعظم أسباب نزاعات الزوجين هو اعتقاد كل منهما أنه يُعطي أكثر مما يأخذ ، وسيتقي الزوجان كثيرا من نزاعاتهما إذا حرص كل منهما علىالعكس ، على أن يُعطي أكثر مما يأخذ.

    ولقد عرضت جانباً من ذلك في رسالتين من رسائلي إلى حواء ؛ إحداهما كانت بعنوان :

( لاتبارٍ ولا مُقابل في الأسرة المسلمة ) ،

 والثانية كانت بعنوان:

( أعطوا أكثر مما تأخذون ..تسعدوا ). 

   واليوم بعد أكثر من ثلاث وثلاثين سنة على كتابة هاتيك الرسالتين ، يزداد يقيني أن نجاح الزوجين في زواجهما ، واستقرارهما في حياتهما ، وغيابكثير من نزاعاتهما ، سيتحقق إذا ما حرص كل منهما على أن يعطي الآخر أكثر مما يناله منه.

    ولا شك أن تحقيق هذا ليس سهلاً ، لأنه يصعُب على أي إنسان أن يرضى بالغُبن أو الظلم ، لكنه سينجح في ذلك _بتوفيق الله_ إذا صحّح اعتقاده ليصير:أنا أربح أكثر إذا أعطيت أكثر مما آخذ.

    فكيف نجعل كلا الزوجين يرى أنه يجني أكثر إذا أخذ أقل وأعطى أكثر ؟!

أرى أن ذلك يمكن أن يتحقق بما يلي:

- التأسي بالنبي (ﷺ) ، فقد كان دائماً يُعطي أكثر مما يأخذ ، كما حدث حين أتاه رجل فسأله ، فأعطاه (ﷺ) غنما سدَّت ما بين جبلين ، فرجع إلىقومه وقال: أسلموا ، فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.

  وكذلك ما رُوي عن جابر رضي الله عنه قال: ( ماسُئل النبي (ﷺ) عن شئ قط فقال:لا ) البخاري . والأحاديث في هذا كثيرة .

- إيثار الآخرة على الدنيا فإذا تحقّق هذا لدى الزوجين ، فإن كلاً منهما سيُعطي صاحبه دون انتظار المقابل منه ، بل سينتظره ويرجوه من الله سبحانهوتعالى ، الذي لن يُضيّعه بل سيُضاعفه له أضعافاً كثيرة.

- قد يصعُب على الإنسان أن يتنازل عن حقه لإنسان آخر ، لكن ما بين الزوجين ليس كما بين أي اثنين آخرين ، فحياتهما مشتركة ، وأهدافهما واحدة ،تجمعهما أسرتهما وأبناؤهما ، وهذا يُسهِّل على كلٍ منهما أن يتنازل للآخر عن بعض ما له من حقوق عليه ، مبتغياً في هذا الأجر من الله سبحانه وتعالى.

- لن يقدر الزوجان على تحقيق ذلك إذا لم يجدا عوناً من الله تعالى ، ولذا فإنه لابد لهما من الاستعانة به سبحانه ، والتوكُّل عليه توكُّلاً صحيحاً :

إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى

                        فأول مايجني عليه اجتهادُه

- الدعاء خير مايتوصل به الزوجان لنزول رحمة الله بهما ، وتوفيقه لهما ، وليكون سبحانه معهما ، ويوجهنا (ﷺ) إلى سؤال الله وحده  ، والاستعانة بهدون سواه :  ( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ) ، بل إنه سبحانه وتعالى يغضب ممن لايسأله : ( من لم يسأل الله يغضب عليه ) حسّنهالألباني.

  وبلغ من أهمية الدعاء أنه (ﷺ) عدّه عبادة : ( الدعاء هو العبادة ) صحيح الجامع ،

  وقال عليه الصلاة والسلام : ( ليس شئ أكرم على الله من الدعاء ) البخاري في الأدب المفرد.

      هكذا - أيها الزوجان الغاليان - تنجحان بعون الله في إقامة حياة زوجية هانئة سعيدة 

      إذا عملتما بما سبق ، بحرص كل منكما على أن يُعطي دون أن ينتظر عطاء مقابلاً

 من الطرف الآخر ، بل ينتظره من الله سبحانه وتعالى وحده .

وسوم: العدد 673