خطاب الكراهية والتحريض الإيراني للعرب : الكاريكاتير والفن التصويري نموذجاً "الجزء الخامس"
لا يكاد يخلو كتاب مدرسي أو صحيفة إيرانية يومية أو أسبوعية ولا مجلة أو موقع الكتروني باختلاف موسم إصدارها من صفحة الكاريكاتير أو الرسوم التصويرية بأنواعها وتصنيفاتها المختلفة التي تصور العرب بأبشع وأقذر الصفات .
وبدلاً من أن يكون الرسم والفن التصويري و الكاريكاتيري أصلا تعبيراً عن الكبت السياسي والاجتماعي الداخلي الإيراني ، تم توجيهه بهدف اصطناع الخطر الخارجي ؛ وبات يقدم شكل اتصالي يعتمد على الدلالة الصريحة والبسيطة، لمعان ذات دلالات سلبية محددة، باستخدام الرمز الذي يعبر عن هذه الدلالات في عرضه لصراع إيران مع الإقليم العربي ، ويخلق إدراك عقلي بتكوين صورة نمطية مشوهه عن العرب ، لم ولن تُنسى بسهولة، تدفعه دائما لتفكير في كيفية الثأر من هذا العدو .
لا شك بأن أيّ رسم كاريكاتيري يتناول صورة العرب كان ولازال يتماشى مع المواقف الرسمية للدولة والثورة الإيرانية ، وقد توسّع فنّ الرسم والتصوير والكاريكاتير في الكتب المدرسية والصحف ، و مواقع التواصل الاجتماعي الإيرانية ، بحيث بات هذا الفن أحد أدوات إيران لهندسة الصدام والصراع مع العرب.
وقد لعب الكاريكاتير دورا هاما في أشكال الصراع الإيراني منذ الثورة إلى الآن، لما له من مقدرة على مخاطبة العقل الفارسي والتأثير فيه، وخاصة الفئات الاجتماعية على مختلف توجهاتها الثقافية والسياسية والأيدلوجية ..... على مدار العقود الستة الماضية، من منطلق أنه أداة هامة لرسم الشخصية العربية .
تلعب الرسوم التصويرية والكاريكاتيرية دورا أشد من الكلمة المقروءة في كثير من الأحيان ، خصوصا عند عدم اكتفائه في تصوير الواقع كما يراه هو ، بل أن ينتقل من الضحك والاستهزاء إلى التحريض المباشر وإثارة المشاعر والدفع نحو التصرف والتطبيق خاصة انه يعتبر الوسيلة الأسهل في إيصال الأفكار والمعلومات للشعوب الإيرانية بمختلف مستوياتهم وانتماءاتهم ..
الرسوم التصويرية والكاريكاتورية تم توظيفها برعاية رسمية إيرانية كجزء من عملية الصراع والمواجهة مع العرب؛ كل ذلك يدفعنا إلى التساؤل حول تأثير ودور الرسومات التصويرية و الكاريكاتيرية في دعم الجهد التربوي والسياسي والقومي والمذهبي لدعم عملية التحريض والكراهية ضد العرب .
الملاحظ للرسوم الكاريكاتيرية والتصويرية الإيرانية تتسم بالتشويه والتحريض والاستفزاز لدرجة الانحطاط ؛ لأنها باختصار تهوى الفضح والإثارة في مختلف المناحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ، بدلاً من تركيزها على أوجاع المواطن الإيراني ، ومحاكاة همومه . وبدلاً من يعمق أواصر اللحمة والوحدة فيما بين قطاعات شعبه ، وأجنحته السياسية المتصارعة المتشعبة الأفكار والمبادئ، بات أداة يوظفها النظام لصناعة العدو " العربي" وتضخيم المشاكل معه .
في هذا المقال المقتضب سوف نعرض للفن التصويري و فن الكاريكاتير ونماذج مقتضبة منه – مع ما يتناسب مع الذوق العام لأن هناك صور فظيعة لم نعرض لها - ودوره في إدارة الصراع الإيراني مع العرب ؛ بفعل جملة من القيم التي جاءت ثمرة من ثمرات الكثير من التناقضات السياسية والاجتماعية والسياسية والحضارية ... التي أسهم التعليم الإيراني بترسيخه بعد الثورة " الإسلامية " الإيرانية .
وترجمة لذلك فقد نسج الفنان الإيراني بريشاته وألوانه المتأرجحة بين التحريض والكراهية صورة قاتمة للعرب .
بالمجمل هي رسومات نابضة بالعدوانية ، تحاول أن تؤدى الرسالة التي تستنهض الهمم للتعبئة ، وليكون لها تداعياتها السياسية والاجتماعية والمذهبية .
الأخرى ، ومحاولة لنسف بناء جسور التواصل مع الآخر .
تحاول الكتب المدرسية والصحافة والإيرانية أن تعمد إلى المعلومة تقديم الخبر في رسومات ، بشكل فض و ساخر ، وتدعمه - في بعض الأحيان -بتعليق لحشد التأييد والتعاطف مع السياسة الإيرانية - حيث تعمد إلى رسم خطى معركة الصراع العربي الإيراني - العربي ، وتختلق بيئة صراعية تسعى للشحن والتعبئة حول الأحداث الساخنة ؛ لا سيما توظيف مداخل الأزمات الإقليمية في سوريا والعراق واليمن وفلسطين ، كما عالجت الرسوم التصويرية و الكاريكاتير ؛ كما اهتمت الرسوم التصويرية و الكاريكاتير بإبراز ملامح الصراع الفارسي - العربي بثوب من عدم المصداقية والموضوعية ، الذي كشف عن السمات السلبية في الشخصية العربية ، و الاستهزاء من العرب وهي صورة تبالغ في إظهار تحريف الملامح ، وتشويه طبيعة خصائص الشخصية العربية ، بهدف السخرية أو النقد الاجتماعي، والسياسي، التي تنال من حياة الإنسان والدول العربية .
الشخصية العربية حسب ريشة الفنان الرسمي الإيراني تحب العيش في الملذات و الفوضى وعدم النظام ، والوساطة ، والعمالة مع العدو " الاستكبار العالمي : أميركا بريطانيا وإسرائيل ، والدول العربية هي كيانات ممزقة ، مستمرة في الصراع والخلافات الداخلي، حيث عبر الفنان الإيراني عن سخرية الموقف، من خلال تقاطع الوجه وتعبيرات الجسد في شكل مختلف عن الواقع، ويهدف من خلال هذا الرمز إلى إحداث خليط من المبالغة ؛ وبشكل لا يتناسب مع الحدث ، وأن يعبر عنه بشكل لا يتوافق مع المعطيات على الأرض، ، و بالمقابل تضخيم قدرات إيران .
للأسف أن رسام الكاريكاتير والفن التصويري وقع في مصيدة سياسة النظام الإيراني والتي انعكست على المجتمع الإيراني بجميع فئاته ومكوناته، وحيث أن إعلام دولة ولي الفقيه إعلام مسيس وحزبي؛ نلاحظ أن معظم الكتاب والمصورين والصحفيين ومنهم رسامي الكاريكاتير يقعون في هذا المستنقع .
استخدم رسام الكاريكاتير الإيراني كذلك الملامح الفنية التي يجب أن تتوفر في فن الكاريكاتير في رسوماته؛ ليسخرها في تحميل الشيء أكثر من طاقته؛ أي المبالغة والمغالاة، وقد استخدم الفكاهة والسخرية في الكلمة والفعل والصورة والحركة لتوحي بمعان أخرى مختلفة، ويوجها كوسيلة للوصول إلى أغراضه، ولم يعد منتجاً للهجاء فقط متجاوزا وظيفته التقليدية في المبالغة والتضخيم؛ وتعزيز الكراهية .
العرب تاريخياً :
تصور الرسوم والكاريكاتير صورة قاتمة للفتح العربي لبلاد فارس ، حيث تعكس صورة القبائل العربية الهمجية التي ارتبطت بالصحراء والجمل والوسائل البدائية في القتال ... إذ تحاول أن تعكس حقائق تاريخية مشوهة ومزورة في أحيان كثيرة ؛ تم إخضاعها مسبقا لايدولوجيا السياسة كتصوير الفتح الإسلامي ، وكأنه اجتياحا ، غزوا ، احتلالا ،هجمة عسكرية ...، وتجسيد صورة قبيحة للفاتحين العرب بأنهم غزاة، طامعين ، و محاولة تصوير الفاتحين بأنهم عباد شهوات ، منتهكي حرمات ، من هنا فإن الكاريكاتير والرسوم التصويرية تحكي مأساة الفتح العربي الإسلامي لبلاد فارس ، وتنقل ما حل بإيران بريشة سوداء ولاسيما بأسلوب يشوبه الكراهية والتحريض والتحريف .
نماذج بسيطة
صورة العرب اليوم
حاول الكاريكاتير والرسم التصويري التركيز على نقش صورة العرب دنيئة للعرب واعتبارهم أمة متخلفة أهل البدو وسكان الصحراء القاحلة المرتبطة بالخيمة والجمل والتخلف ، وحاولت أن ترسخ أنهم - لغاية الآن - لم يملكوا أيا من مقومات الحضارة والتقدم ، وتصويرهم بأقبح الصور من خلال اللباس ، ولصق صفة العمالة بهم .
نماذج بسيطة
تقدم إيران وريادتها :
بالمقابل حاول الكاريكاتير والفن التصويري إظهار الإيراني بصورة نمطية؛ القوة والبأس والريادة والعلم والمعرفة عكس العرب تماماً .
نماذج بسيطة
فارسية الخليج والجزر
تركيز الكاريكاتير والفن التصويري على تناول أسماء الأماكن الجغرافية التابعة للسيادة الإيرانية .. جزر ، أنهار باعتبارها مناطق فارسية ، في محاولة لترسيخ فارسية الزمان والمكان مثل : الخليج الفارسي ، رود أروند " شط العرب " الجزر الإيرانية " طنب الكبرى ، الصغرى ، جزيرة أبوموسى "، معتبرين دول مجلس التعاون هي أرض إيرانية ؛ من خلال رفع العلم الإيراني عليها ، واستحضار التاريخ ، وكان هذا الشعار الرسمي لاحتفالات إيران بيوم الخليج " الفارسي" .
يحاول رسام الكاريكاتير كذلك إظهار دول الخليج بأنها دول كرتونية ممزقة على غرار التمثل بالصناعات الصينية الرديئة التي لا تدوم .
نماذج بسيطة
التأمر على قضايا الأمة :
محاولة تأكيد الكاريكاتير والفن التصويري بأن العرب دوماً عملاء متآمرون على قضايا الأمة الإسلامية ؛ لا سيما القضية الفلسطينية والسورية واليمنية والبحرينية :
نماذج بسيطة
الأزمة اليمنية :
الأزمة البحرينية :
العلاقات مع دول الاستكبار والتآمر معها :
العرب دوماً متآمرون منذ الدعوة الإسلامية وآل البيت ولغاية الآن .
نماذج بسيطة
الخلافات العربية :
يحاول الكاريكاتير والفن التصويري تصوير العرب أنهم في حالة انشغال دائم إما بالشهوات والملذات والتأمر على الأمة وقضاياها وإما بالصراعات الداخلية فيما بينهم .
نماذج بسيطة
دعم الإرهاب :
العرب ليسوا فقط أهل جاهلية وبدع وضلال ؛ بل هم من صنع الإرهاب الذي جاء من خلال الدعوة الوهابية ، هذا ما تحاول إيران التسويق له من خلال الكاريكاتير والفن التصويري.
نماذج بسيطة
الإساءة إلى رجال الدين وتصويرهم بأقبح الصفات
نماذج بسيطة
جهاد النكاح :أحد ثمرات دعاة الوهابية ، واتهامهم بجواز نكاح المحارم
النتيجة أن فنان الكاريكاتير الإيراني والرسوم التصويرية سعى إلى توظيف هذا الفن لخدمة أهداف الثورة الإيرانية ، سواءً أكانت سياسية أو أيدلوجية أو اجتماعية؛ لذا نستطيع القول أن الكاريكاتير والفن التصويري استطاع أن يقدم الدعم الكبير للنظام الإيراني بهدف التعبئة ضد الأخر العربي ، وتضخيم فكرة اختلاق عدو جديد ، بما يخدم سياسات النظام ، في وقت هو بأمس الحاجة لمن يرفع من الروح المعنوية للصمود والتصدي ولفت نظر الشعب إلى هذا العدو الجديد .
الميزة أن ليس للفن التصويري والكاريكاتير حدود يجب أن يلتزم بها عند عرضه للأحداث ؛ وبالتالي هو لا يلتزم بقواعد المهنة المثالية ؛ فكان بمثابة الفن السيئ ؛ ولهذا نرى أن رسام الكاريكاتير الإيراني لا يحاول الالتزام بقواعد وأخلاقيات وأدبيات المهنة ، مدعوماً بصانع القرار السياسي والتربوي بشكل مطلق .
مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية
وسوم: العدد 674