كيف نزيد الرضا الزوجي؟
من خلال قيامي بمصالحة أزواج مع زوجاتهم وجدت حقيقة واقعة تكاد لا تتخلف ولا تغيب وهي أن كلاً من الزوجين له مآخذ على صاحبه ، وشكاوى مختلفة منه ، وحين أطلب أن يذكر كل منهما ما يرتاح إليه في صاحبه ويرضى عنه فإنه يذكر صفات وأخلاقاً عدة .
ماذا يعني هذا ؟
يعني أن كل زوج فيه من الصفات والأخلاق ما يرضى عنه الزوج الآخر ، وفيه من الصفات والأخلاق ما لا يرضى عنه .
وهذا يوجهنا إلى :
أولاً : إدراك هذا الواقع يبعث الرضا في نفس كل من الزوجين ، فالزوج يقول لنفسه : إذا كنت أشتكي فيها أموراً فلا شك في أنها تشتكي فيَّ أموراً غيرها ، وكما أريدها أن تصبرّ عليَّ وتحتملَ مني هذه الأمور فإنه مطلوب مني أن أصبر عليها وأحتمل منها تلك الأمور .
ثانياً : يقول الزوج لنفسه : هذا النقص الموجود في زوجتي موجود ما يشبهه في النساء الأخريات ، فإذا حسبت أنني بزواجي من أخرى سأجدها كاملة فأنا مخطئ . وهذا يزيد في رضا الزوج عن زوجته ويخفف من شكواه منها .
وكذلك تفعل الزوجة الساخطة على زوجها وقليلة الرضا عنه فتقول لنفسها : ليس هناك رجل كامل وما أحسب أن هناك امرأة راضية كل الرضا عن زوجها .
ثالثاً : يحسن بكل من الزوجين أن يدرك أن صبره على ما لا يرضاه في صاحبه يؤجر عليه ويثاب ، أي أنه سبب في زيادة رصيده من الحسنات ، وبهذا ينقلب عدم الرضا إلى رضا بعون الله وتوفيقه .
رابعاً : الدنيا بكل ما فيها لا تصفو دائماً لأهلها ، والأزواج والزوجات من هذه الدنيا ، فعلينا ألا نصدم إذا لم يكن كل من الزوجين لصاحبه كما يحب ويرضى .
خامساً : على كل من الزوجين أن يعلم أنه قليل جداً من الناس من ينجحون في مجالات حياتهم جميعها ، فهذا رجل ناجح في عمله ، وناجح في دعوته ، وناجح في العناية بصحته ، لكنه غير ناجح في بيته ، وذاك رجل ناجح في بيته لكنه غير ناجح في عمله … وهكذا .
كذلك المرأة قد تكون ناجحة في تربيتها أبناءها وصلاتها بأهلها وصديقاتها لكنها فاشلة في إرضاء زوجها …
علينا إذن أن نقنع ونرضى دون أن يعني هذا أن لا نحرص على النجاح في المجالات كلها ونعمل من أجله .
سادساً : الغضب المتكرر الناتج عن عدم الرضا يؤذي الصحة وينقص العافية ، كما أكدت الدراسات الطبية الكثيرة ، ومادام الزوجان حريصين على صحتهما فليحرصا على أن يبعدا الغضب عن حياتهما قدر ما يستطيعان ، ولا يبتعد الغضب إلا بعد زيادة الرضا والقناعة .
سابعاً : قدوتنا وأسوتنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم كان عظيم الرضا ، زاهداً في الدنيا ، راغباً في ما عند الله تعالى ، ومادمنا محبين له صلى الله عليه وسلم ، متبعين سنته ، فإن علينا أن نزيد رضانا عما قسمه الله لنا ، ومنه رضى الزوج عن زوجته ورضا الزوجة عن زوجها .
ثامناً : الدنيا ليست نهاية المطاف ، فإذا فقدنا شيئاً فيها فلا ضير إن شاء الله مادامت هناك آخرة يعوضنا الله فيها ما فاتنا في الدنيا وفقدناه ، ومن ذلك إذا لم يوفق أحدنا في زواجه ، فلم يسعد فيه . وما أجمل هذا الحديث الصحيح الذي يحمل عزاء وسلوى للزوج الذي ابتلي بزوجة تسيء إليه ؛ فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال (( لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا ، إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه قاتلك الله ؛ فإنما هو عندك دخيل ، يوشك أن يفارقك إلينا )) الإمام أحمد والترمذي ( الجامع الصحيح 7192 ) .
وأقترح على كل زوج أن يكتب هذا الحديث في هاتفه ، ليقرأه بين حين وآخر ، وأن يسجله بصوته ليسمعه أيضاً بين وقت ووقت ، وخاصة عندما تؤذيه زوجته بكلمة أو فعل .
تاسعاً : مهما قل رضانا عن حياتنا الزوجية ، وزاد سخطنا على الزوج الآخر ، فلاشك في أن هناك ماضياً جميلاً عشناه معاً ، وكلمات طيبة سمعها كل منا من صاحبه ، ولحظات سعيدة جمعتنا ، وابتسامات مشرقة تبادلناها … فلنحاول ، كلما تراجع رضانا ، وزاد سخطنا ، أن نستحضر ذلك الماضي الجميل ، وتلك الكلمات الطيبات ، وهاتيك اللحظات السعيدة ، والابتسامات المشرقة . ويجمع هذا كله قوله تعالى في خطاب الأزواج والزوجات معاً (( ولا تنسوا الفضل بينكم )) .
وسوم: العدد 675