تأملات في الانقلاب التركي (1)

الشيخ عبد اللطيف آل عبد اللطيف

*حديث نبوي لا بد من تأمله*

أصدر مقالي بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا» رواه مسلم.

كنت في سنوات مضت وأنا أقرأ هذا الحديث لا أفهم، كيف لمؤمن يكفر بهذه السرعة ويبدل إيمانه، وذلك أني كنت أظن أن الكفر لا يكون إلا بعبادة الأصنام أو بأفعال كبيرة لا يقوى عليها المؤمن دفعة واحدة، وإنما تأتي بالتدريج حتى يخرج الإنسان من الإيمان.

ثم رأيت وقوع هذا الحديث فيما يجري من اضطرابات في العالم العربي؛ فرأيت مواقف بعض المؤمنين تنحاز في ولائها لمن يحاد الله ورسوله إما لسبب دنيوي، وإما لكره حزب أو جماعة.

وظهر ذلك أكثر في الثورتين السورية والمصرية، ثم في الانقلاب التركي فصار من أهل الإيمان من يؤيد العلوي الكافر، أو القومي الناصري المحارب لدين الله تعالى، أو للعلماني الأتاتوركي؛ فقط لأنه يكره الإسلام السياسي –إن صح التعبير- أو يكره جماعة الإخوان المسلمين، أو يكره أوردغان.

هذا الموقف البسيط الذي يسجله بتغريدة في تويتر أو أسطرا في الفيس بوك أو برسالة واتس أب، أو حتى في مجلس عام يظن أنه يبدي رأيا، يعني انحيازه لمن يحارب دين الله عز وجل، وهو لا يشعر بفداحة ما فعل.

بعض الناس يظن أن المناوئين لدين الله تعالى من العلويين أو من الانقلابيين الناصريين أو الأتاتوركيين لا يخرجون عن دائرة الإيمان، لكن أولئك العلويين والانقلابيين صرحوا تصريحات واضحة بأن مشروعهم يتمثل في اجتثاث الإسلام الحق من البلدان التي يسيطرون عليها، وتجفيف منابعه، وقاموا بخطوات عملية في ذلك، بمعنى أنه لا عذر لمن يقع في ذلك بأنه يجهل حال من يؤيدهم في مواقفهم الانقلابية على الإسلام؛ وذلك لأنهم يعلنون برامجهم المعادية للإسلام بكل صفاقة ووضوح.

وبعض الناس قد يتخذ ذلك الموقف المناوئ للإسلام موافقة لمواقف حكومته السياسية، وتأييدا لها. ومعلوم أن السياسة تتغير وتتبدل؛ فيقع فاعل ذلك في التناقض، وهو ما أدى إلى الشماتة والتعيير بالبعض حين تناقضت تغريداتهم ومواقفهم تبعا لتغير سياسات حكوماتهم. وهذا لا يعفيهم من إثم الانحياز السافر مع أعداء الإسلام إذا اتخذت حكوماتهم ذلك الموقف، وعرضوا إيمانهم للبيع في مزاد مجاني أو بثمن بخس.

إني رأيت وقوع هذا الحديث الشريف العظيم المعجز الذي هو من أبين أعلام النبوة في الأحداث الراهنة كثيرا: رأيته في عدوان بشار وطائفته العلوية على أهل السنة في سوريا وذبحهم، ورأيته في الانقلاب الناصري على الإخوان في مصر وحرقهم، ورأيته في عدوان إسرائيل المتكرر على غزة وزلزلتها بالقنابل، ورأيته في محاصرة حلب والفلوجة ودكهما بالطائرات والصواريخ، ورأيته في المحاولة الانقلابية في تركيا. مما يدل على كثرة من يقعون في الولاء لأعداء دينهم وأمتهم بل وأعداء أوطانهم وهم لا يشعرون.

فنصحي لكل مغرد وكاتب ومتكلم أن يراقب الله تعالى قبل أن يكتب حرفا، أو ينطق كلمه، ويجعل هذا الحديث الشريف نصب عينيه؛ لأنه قد يبيع إيمانه بتغريدة واحدة او كلمة يقولها في مجلس لا يابه ولكنه بها يقف مع أعداء الإسلام صفا واحدا ضد من يكرههم وهم من إخوانه المؤمنين.

وسوم: العدد 678