أحب الأشياء إلي

قال الأستاذ : ماهي أحب الأشياء إلى قلبك ؟ فأجبته قبل أن أفكر : دولاب السيارة !! ضحك رفاقي الأطفال ، حتى أن الأستاذ الذي لايضحك لرغيف التنور انفرجت شفتاه قليلاً عما يشبه الإبتسام وقال : لماذا تحب الدولاب يابنيَّ ؟ فأجبت مستعجلاً وأنا أشير إلى حذائي : لأنو مابخلي إجريي يغرقوا في الطين . هذه المرة أطلق الأستاذ فمه للضحك . والحقيقة أن صانع الشواريخ ( الأحذية ) عجاج أو أبوعجاج كان قد سلمني صباح ذلك اليوم شاروخي الجديد الذي صنع أسفله من دولاب السيارة الذي وقى قدميَّ من طين الطريق البارد . استمر حبي للدولاب حتى شببت عن الطوق وجزت مرحلة الدراسة الإبتدائية إلى الإعدادية حيث سمعت من زميلي فؤاد أن والده وضعته الشرطة في الدولاب وعذبوه بالضرب والركل كي يعترف بأنه عميل للإستعمار والصهيونية !! وهكذا تحولت محبتي للدولاب إلى كراهية شديدة صرت بعدها أفضل المشيَ على ركوب الدراجة ، والترامواي على الباص . وكانت كراهيتي تزداد للدولاب مع استمرار حكم البعثيين الأسديين بسبب استخدامهم للدولاب كوسيلة تعذيب للجنود في الجيش والمواطنين المدنيين في مخافر الشرطة ولمساجين الرأي في المعتقلات . وكما فاجأني أطفال درعا عندما حولوا الجدران من دفاتر للمجانين إلى لوحات لكتابة تاريخ بداية ثورة الحرية ، فاجأني أطفال حلب حينما جعلوا من الدولاب سلاحاً مضاداً للطائرات فأعادوني طفلاً يحب الدولاب أكثر من أي شيء آخر .

وسوم: العدد 680