خليل مطران في رأس السنة الهجرية
ومن غرائب أوهام الكتّاب - الذين ينقل بعضهم عن بعض - أنني قرأت خمس مقالات على الأقل حول شاعر لا وجود، اسمه مطران خليل مطران!
يقصدون به الشاعر اللبناني المبدع خليل مطران شاعر القطرين، الذي له سهم أيضاً في الإشادة بالإسلام ورسوله العظيم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، إذ كتب قصيدة طويلة مشحونة بالعاطفة، والنصح، والغيرة، تسمى رأس السنة الهجرية يقول فيها:
هلّ الهلال فحيوا طالع العيدِ حيوا البشير بتحقيق المواعيدِ
يأيها الرمز تستجلي العقول به لحكمة الله معنىً غير محدود
كأن حسنك هذا.. وهو رائعنا حسنٌ لبكر من الأقمار مولودِ
يا عيدُ جئت على وعد تعيد لنا أولى حوادثك الأولى بتأييد
بل كنت عيدين في التقريب بينهما معنى لطيف ينافي كل تبعيد
رسالة الله لا تنهى بلا نصبٍ يُشقي الأمين وتغريبٍ وتنكيد
وبعد كلام طويل عن الهجرة والرسالة والمهاجرين يقول:
عانى محمد ما عانى بهجرته لمأرب في سبيل الله محمود
وكم غزاة وكم حرب تجشمها حتى يعود بتمكين وتأييد
كذا الحياة جهاد والجهاد على قدر الحياة ومن فادى بها فودي
أدنى الكفاح كفاح المرء عن سفه للاحتفاظ بعمر رهن تحديد
ومن عدا الأجل المحتوم مطلبه عدا الفناء بذكر غير ملحود
لقد علمتم وما مثلي ينبئكم لكن صوتي فيكم صوت ترديد
ما أثمرت هجرة الهادي لأمته من صالحات أعدتها لتخليد
وسودتها على الدنيا بأجمعها طوال ما خلقت فيها بتسويد
وعن حال العرب من الفرقة والتخلف والسوء وقت مجيء الإسلام يقول:
بدا وللشرك أشياعٌ توطده في كل مسرح بادٍ كل توطيد
والجاهليون لا يرضَون خالقهم إلا كعبد لهم في شكل معبود
مؤلهون عليهم من صناعته بعض المعادن أو بعض الجلاميد
مستكبرون أباة الضير غر حجى ثقال بطش.. لدانٌ كالأماليد
لا ينزل الرأي منهم في تفرقهم إلا منازلَ تشتيتٍ وتبديد
ولا يضم دعاء من أوابدهم إلا كما صيح في عفر عباديد
ولا يطيقون حكماً غير ما عقدوا لذي لواء على الأهواء معقود
وعن أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم يقول:
بأي حلم مبيدَ الجهل عن ثقة وأي عزم مذلَّ القادة الصيد
أعاد ذاك الفتى الأمي أمته شملاً جميعاً من الغر الأماجيد
صعبان راضهما: توحيد معشرهم وأخذهم بعد إشراك بتوحيد
وزاد في الأرض تمهيداً لدعوته بعهده للمسيحيين والهودِ
وبدئه الحكم بالشورى يتم به ما شاءه الله عن عدل وعن جود
هذا هو الحق والإجماع أيده فمن يفنده.. أولى بتفنيد
ويستنخي أبناء مصر، ويحرضهم تحريضاً على النهوض من عثراتهم الحضارية، ويدعوهم لاستحياء أمجادهم، وأداء دورهم الحضاري في قيادة الشرق كله، ليحق لها أن ترفع رأسها مزهوة بعطاءاتها، فيقول:
أي مسلمي مصر إن الجد دينكم وبئس ما قيل شعب غير مجدود
طال التقاعس والأعوام عاجلة والعام ليس إذا ولى بمردود
هبوا إلى عمل يجدي البلاد فما يفيدها قائل: يا أمتي سودي
سعياً وحزماً فوُدُّ العدل ودكمُ وإن رأى العدلَ قوم غير مودود
لا تتعبوا.. لا تملوا إن ظمأتكم إلى غدير من الأقوام مورود
تعلموا كل علم وانبغوا وخذوا بكل خلق نبيه أخذ تشديد
فكوا العقول من التصفيد تنطلقوا وما تبالون أقداماً بتصفيد
مصر الفؤادُ فإن تدرك سلامتها فالشرق ليس وقد صحت بمفؤود
الشرق نصف من الدنيا بلا عمل سوى المتاع بما يضني وما يودي
والغرب يرقى وما بالشرق من همم سوى التفات إلى الماضي وتعديد
تشكو الحضارة من جسم أشل به شطر يعد.. وشطر غير معدود
أبناء مصر عليكم واجب جلل لبعث مجد قديم العهد مفقود
فليرجع الشرق مرفوع المقام بكم ولتزه مصر بكم مرفوعة الجيد
والقصيدة طويلة مشحونة بالمعاني الرائعة ثرة بالغيرة والوطنية..
ولخليل مطران قصيدة احتفالية أخرى شارك فيها المسلمين، عنوانها: عظة العيد الهجري، يمدح فيها ويُكبِر الهلال - رمز الإسلام، أو هو الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه - فيقول:
سلام على هذا الهلال من امرئ صريح الهوى، والحر لا يتكتم
سلام وتكريم.. بحق كلاهما وأشرف من أحببتَه من تكرم
هويتك إكباراً لمن أنت رمزه من المأرب العلوي لو كان يفهم
وسوم: العدد 702