برز الثعلب يوما
ليسَ رجل علم، ولا رجل إصلاح من يقفز بنفسه وبالناس في المجهول أو من يسلكهم في عِماية لا يتبيّنون فيها طريقاً أو يعرفون هدفاً أو غاية ينتهون اليها.
ليس وطنياً يحبُّ شعبه من يدفع بالجهلة الى أفواه السّكك ومفارق الدروب يبغي الفتنة بهم ويؤجج نارها.
ليس محبّاً لِله، ولا لرسوله، من تهون عليه دماء خلق الله ويجعل أجساد الضحايا سُلّما الى مجدٍ رخيصٍ او هيلمان ملعون.
ليس صاحب حكمة او فلسفة رشيدة من يُنظّر للحقد، ثوريّاً مقدساً – كما ينعق بعضهم – او طائفيّاً تعوزه القداسة، او غير ذلك من أشكال الحقد وألوانه.
ليس سياسيّاً على الحقيقة – والسياسة هي التدبير – من يترك الأمور على غواربها ولا يستشعر مسؤولية مَنْ خُوّل النظَر في شؤونهم وتفقدَ أحوالهم، أو مَنْ يترك للفساد ان يتفاقم فيهم ويؤتي أُكُلَه عذاباً واصبا..
ليس أديباً باطلاقٍ مَنْ لا مُسْكَةَ له من اخلاق ومِنْ يعمد الى أدنى الغرائز فيتملّقها، ومن يجعَلُ هَمَّهُ الازدلاف الى ظلمات الأنفس دون آفاقها المضيئات الحِسان..
ليس هؤلاء جميعاً على شيء مما يدّعونه او يُظهرونه. وهُمْ في كل حال مكشوفون وإن استغشوا ثياباً غير ثيابهم، على نحو ما يقول أحمد شوقي:
(برز الثعلب يوماً في ثياب الناسكينا)
ثم على نحو ما ينتهي اليه من قوله:
(مخطئٌ من ظن يوماً أن للثعلب دينا)
ونحن على أية حال في ملتبِس أحوال.
وإن يكن ثمّة ظهور لا خَفَاء فيه، فهو ما يجمع عليه الناسُ من الثقة بأن كل شيء الى انتهاء، وأن هذا الزبد ذا الألوان المعجبة الى جُفاءٍ وهباء.
وليس يصحّ آخر المطافِ، إلا الصحيح..
وسوم: العدد 703