الجارَ قبل الدار
لا أظن أن أحدا من المسلمين لم يسمع بما للجار في الإسلام من اهتمام وتكريم واحترام، ولعل أكثر كلمات رسول الله ﷺ وضوحاً في هذا الشأن ما روته السيدة عائشة وابن عمر - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مازال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه". متفق عليه .
ومما يتناقله المسلمون كذلك في هذا الباب قولهم: «الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق»، وهو بهذا اللفظ حديث - فيه ضعف - رواه الخطيب في الجامع عن الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب مرفوعا.
وهل نقول: الجارُ رفعاً أو نصباً؟ في المسألة قولان.
وقد روي الحديث: الجارُ والرفيقُ مرفوعين على الابتداء، وفيه الإخبار بالظرف عن الجثة، والنصب فيهما أحسن برأيي، أي: التمس الجارَ قبل الدار، والتمس الرفيقَ قبل الطريق.
وقد دندن شعراء العربية حول هذا المعنى، فقال أبو تمام:
من مبلغ أبناء يعرب كلها
أني ابتنيت الجار قبل المنزلِ
وقال الآخر:
يقولون قبل الدار جارٌ موافقٌ
وقبل الطريق النهج أنْس طريقِ
فقلتُ وندمان الفتى قبل كأسه
فما حث كأسَ الخمر مثلُ صديق
وقال الآخر في المعنى:
يلومونني أن بعتُ بالرخص منزلي
ولم يعلموا جاراً هناك ينغّصُ
فقالت لهم بعضَ الملام فإنما
بجيرانها تغلو الديار وترخصُ
وسوم: العدد 712