ندوة اليوم السّابع مرّة أخرى
وبما أنّنا من أمّة توارثت مقولة "لا كرامة لنبيّ في وطنه" فقد ألحّت عليّ مقولة لشخص ترأس مؤسّسة ثقافيّة كبيرة في سنوات مضت،
- مع أنّه لا علاقة له بالثّقافة- حيث وصف أمسيات ندوة اليوم السّابع بأنّها "كلام فاضي"! واقترح على النّدوة كي تنهض وتتطوّر بأن تعمل أمسيات ذات معنى كأن تخصّص أمسيات عن أمور هامّة مثل "المرأة في الشّعر العربيّ" أو "مفهوم الأرض والوطن في الرّواية العربيّة"! وعندما قلت له أنّ هذه أبحاث تحتاج إلى عشرات الأكّاديميّين وتفريغهم لسنوات كي يستطيعوا القيام بهكذا أبحاث، ردّ عليّ بقوله: " إذن خصّصوها في شعر شاعر معيّن كمحمود درويش مثلا"!
فقلت له: لقد أُنجزت ولا تزال عشرات الأبحاث، عن شعر محمود درويش ولم تعطها حقّها الكامل، فكيف سنفيها حقّها في أمسية تستمرّ بين ساعة وساعتين؟
فعاد يتساءل بلغة الواثق: " إذن ما فائدة وأهميّة وجود ندوة كندوتكم؟"
عندها تذكّرت مقولة الإمام الشّافعيّ:" ما جادلت عالما إلا غلبته، وما جادلت جاهلا إلا غلبني" فانسحبت من محاورته مغلوبا.
وندوة اليوم السّابع ليست متّهمة حتّى تدافع عن نفسها، وبصماتها على الحراك الثّقافيّ في القدس وبقيّة الأراضي الفلسطينيّة لا ينكرها إلا جاحد أو جاهل، وشهرتها تخطّت حدود فلسطين بكثير، ففي العام 2016 قامت نخبة من المغتربين العرب في مدينة شيكاغو الأمريكيّة بتأسيس ندوة ثقافيّة شهريّة أسموها " ندوة اليوم السّابع الثقافيّة- فرع ندوة اليوم السّابع المقدسيّة"، وفي العام 2005 خصّصت النّدوة غالبيّة جلساتها لمناقشة منشورات مؤسّسة دياكونيّا السويديّة، التي ترجمت إلى العربيّة لتعريف الأطفال العرب بالأدب الاسكندنافي، ووزّعت منشوراتها في العالم العربيّ وفي الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، وصدر كتاب توثيقي لمناقشات النّدوة حولها تحت عنوان" في أدب الطفل" وتمّت ترجمته إلى اللغة السويدية. وعلى أثر ذلك قام رئيس اتّحاد كتاب أدب الأطفال في السويد بزيارة النّدوة، وكتب قصّة للأطفال عن معاناة الشّعب الفلسطينيّ تحت الاحتلال. وفي بعض الجامعات المحليّة والعربيّة هناك من يعتمد منشورات ندوة اليوم السّابع التوثيقيّة" مرجعا لطلبة الماجستير والدّكتوراة في اللغة العربية وآدابها، كما أجريت عشرات المقابلات الصّحفيّة مع بعض النّاشطين في النّدوة ونشرت في الصحف والمجلات والفضائيّات العربيّة، وكان التّركيز فيها على النّدوة ونشاطاتها، وقام الصّحفيّ السوريّ وحيد تاجا بعمل كتاب عن الرّواية الفلسطينية صدر عن دار الجندي في القدس، من خلال عمل مقابلات مع روائيّين فلسطينيّين، مستفيدا ممّا كتب عنهم في ندوة اليوم السّابع، وهو في دور الاعداد لكتاب آخر عن "الشّعر والشّعراء الفلسطينيّين".
والنّدوة تقوم بتسويق الكتاب المحليّ بطريقة غير مباشرة، فالكتاب الذي يناقشونه ويكتبون عنه، يتضاعف الطّلب عليه كما أفاد بذلك ناشرون، يقدّمون اصداراتهم هديّة للندوة من أجل مناقشتها والكتابة عنها. مع التّأكيد بأنّ النّدوة ناقشت عشرات الاصدارات لكتّاب عرب، نشرت خارج الوطن ووصلت إلى المكتبات المحلّيّة.
ونظرا للدّور الرّياديّ لندوة اليوم السّابع فقد أصابت عدواها عددا من المثقّفين والمهتمّين بالثّقافة في بقيّة المدن الفلسطينيّة، فأقاموا ندوات مشابهة وإن كانت شهريّة كندوة الخليل الثّقافيّة.
ولا تزال النّدوة تتلقى عشرات الدّعوات لعمل أمسياتها في مراكز ومؤسّسات ثقافيّة شعبيّة في مدن الوطن المختلفة، لكنّ القائمين على النّدوة يعتذرون عن تلبية الدّعوات وفاء منهم للقدس.
ومع أنّ الصّحف والمواقع الألكترونيّة في العالم العربي تتلقّف أمسيات النّدوة وتنشرها، إلا أنّ النّشر في الصّحافة المحليّة ليس كما يجب، ويبدو أنّ ذلك يأتي من باب "لا كرامة لنبيّ في وطنه" ومع أنّ مناقشات النّدوة ترسل للصّحافة المحليّة فور انتهاء كلّ أمسية، إلا أنّه قبل سنوات نشرت إحدى صحفنا المحليّة على صفحة كاملة نقاشات النّدوة وما كتبه روّادها عن "رحلة الصّحراء" للرّاحل سلمان ناطور، بعد ثلاثة أشهر من تاريخ الأمسيّة، وذيّلته بـ "منقول عن القدس العربي". والحديث يطول.
وسوم: العدد 714