اليوم السّابع مرّة ثالثة
ولمن لا يعلمون، أو يتعمدّون أن لا يعلموا، فإنّ ندوة اليوم السّابع عندما انطلقت في آذار 1991، جاءت فكرتها من الفقير إليه تعالى، وشارك في تأسيسها معه كلّ من الرّوائيّة ديمة جمعة السّمّان، الأديب ابراهيم جوهر، الرّوائي ربحي الشويكي، والكاتب نبيل الجولاني، وخمستهم كانوا في حينه أعضاء هيئة إداريّة في اتّحاد الكتّاب، وأربعة منهم من مؤسّسي الاتّحاد في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، فهاجمهم من يخافون نجاح الآخرين، واتّهموهم بمحاولة لشقّ الاتّحاد، ولم يستوعبوا ما معنى إقامة نشاط ثقافيّ في القدس، ولم يصدّقوا أنّ الانشقاق ليس واردا في ذهن أحد، وانطلقت النّدوة مساء كلّ خميس من مركز القدس للموسيقى في رحاب المسرح الوطنيّ الفلسطينيّ، فقامت قائمة البعض ممّن يخافون نجاح الغير، وقرّروا في اتّحاد الكتّاب الذي كان مقرّه في بلدة الرّام بين القدس ورام الله، عمل أمسية ثقافية مشابهة في نفس اليوم والسّاعة الذي تنعقد فيه النّدوة، فنقل مؤسّسو النّدوة أمسيتهم إلى يوم السّبت، وواظبوا على حضور ندوة اتّحاد الكتّاب، التي لم تستمرّ لأكثر من شهرين، ولمّا توقّفت ندوة الاتّحاد عادت ندوة اليوم السّابع إلى مساء كلّ خميس.
وقد يتساءل البعض عن سبب اختيار الخميس أو السّبت، والجواب بسيط، وهو أنّ بعض الأخوات من أمّهات الأطفال، وكنّ معنيّات بأن يكون اليوم التّالي للندوة يوم عطلة لأطفالهنّ طلاب المدارس، وقد اختار روّاد النّدوة اسم "اليوم السّابع" لندوتهم بدل يوم السّبت.
وعندما تأسّست النّدوة لم تكن القدس مغلقة ومحاصرة، فقد قرّر المحتلون محاصرة المدينة ومنعها من التّواصل مع امتدادها الفلسطينيّ في 28 آذار 1993، تمهيدا لاتّفاقات أوسلو التي وقّعت في 13 أيلول –سبتمبر- 1993، والتي نصّت على تأجيل قضيّة القدس والمستوطنات حتّى الحلّ النّهائيّ للصّراع، وكان اغلاق القدس يحمل رسالة سياسيّة للفلسطينيّين، وما يهمّنا هنا أنّه قبل اغلاق القدس كان كبار الأدباء من بقيّة الأراضي الفلسطينيّة يحضرون جلسات النّدوة، ومنهم الرّاحلون: فدوى طوقان، د.عبد اللطيف عقل، د. عيسى أبو شمسيّة، وآخرون لا يزالون على قيد الحياة منهم: د. محمود العطشان، د.ابراهيم العلم، د.المتوكل طه وآخرون، ومن الّداخل الفلسطينيّ ارتادها الشّاعر الكبير المرحوم سميح القاسم، والمرحوم الشّاعر طه محمد علي، والفنان المسرحيّ رياض مصاروة، ولاحقا حضرها كثيرون، ومن قطاع غزة حضرها ذات أمسية الشّاعران خالد جمعة وعثمان حسين.
وكانت أمسيات النّدوة تختتم بالغناء من قبل الفنّان مصطفى الكرد، وبعض الفرق الموسيقيّة والغنائيّة.
وبعد اغلاق القدس ومحاصرتها، انحسر عدد روّاد النّدوة، لكنّ ذلك زاد من اصرار القائمين عليها للاستمرار في رسالتهم الثّقافيّة، في مدينتهم الخالدة. والحديث يطول أيضا.
وسوم: العدد 714