حين لا يكون للكلام الواجب بديل ، إلاّ الكلام.. فلابدّ من الكلام .. لكن أيّ كلام !؟
1) هذا المبدأ ينسحب على الحالات الفردية ، كما ينسحب على العمل العامّ . وما يهمّنا منه ، هنا ، هو مايتعلّق بالعمل العامّ :
*) حين يكون الكلام واجباً ، فلا بدّ من أن يقال !
*) وحين لايكون للكلام الواجب بديل ، سوى الكلام ، فلا بدّ من أن يقال الكلام البديل !
2) لكن ..
كيف يعرَف الكلام الواجب !؟ ومَن يقدّره ، ويحدّد كونه واجباً ، أو نافلة ، أو عبثاً !؟
ثمّة أمور عدّة ، لابدّ من النظر إلى الكلام الواجب ، من خلالها ، من أهمّها :
ـ حاجة الواقع ، أو الظرف ، إلى نوع معيّن من الكلام ، لايغني عنه سواه !
ـ ملاءمة الكلام ، لمقتضيات الحاجة التي أوجبته .. وهذا يقتضي أموراً عدّة :
(1) تمحيص الكلام ، والتأكّد من وجود أكبر قدرممكن من النفع ، فيه !
(2) تنقية الكلام ، من أيّ نوع من أنواع الأذى ، للمهمّة التي قيل لأجلها .. سواء أكان الأذى خلقياً ، أم أمنياً ، أم سياسياً ، أم ثقافياً .. أم أيّ نوع آخر، من أنواع الأذى !
(3) إذا كان في الكلام ما ينفع ، وما يؤذي .. نظِر في نفعه وضرره ، وفي القيمة الفعلية لكل منهما ، على ضوء المهمّة المراد نفعها بالكلام ! فإذا كان ضرر الكلام أكبر من نفعه ، وجَب تعديله ، بما يرجّح كفة النفع ! وإلاّ انطبق عليه ، ما ينطبق على الخمر والميسر: فيهما منافع للناس ، وإثمهما أكبر من نفعهما !
(4) الحكمة والحصافة ، والخبرة والتجربة ، ومعايشة الحالة الموجبة للكلام .. كل ذلك من العناصر المساعدة ، في انتقاء الكلام المناسب ، للحالة المعروضة ، وتحاشي غير المناسب لها ، في ظرفها الراهن ..! حتى لوكان مناسباً لمثلها ، في مرحلة ما ! فلكل حالة لبوسها ، والبلاغة هي : مطابقة الكلام لمقتضى الحال ، كما يقول علماء البلاغة !
(5) قد يرى صاحب الكلام ، في كلامه ، نفعاً معيّناً ، له هو شخصياً .. مادياً ، أو معنوياً ، بيد أنه مؤذٍ للحالة العامّة ، التي يريد خدمتها ..! فيصرّ على الكلام ، عالماً بأذاه ..! وهنا تدخل الأخلاق الشخصية ، ميزاناً في الحكم ، على الشخص نفسه .. قبل الحكم على كلامه !
وسوم: العدد 744