تصفية وإقصاء الدعاة خطة صهيونية ماكرة
تصفية وإقصاء الدعاة خطة صهيونية ماكرة يتم تسويقها في الوطن العربي بطرق ملتوية لإنهاء القضية الفلسطينية وفرض واقع التطبيع مع إسرائيل
من المعلوم أن الدعوة إلى الله هي شغل الدعاة، وهم أصناف علماء ، ومفكرون كبار ثم الذين يلونهم من خطباء، ووعاظ . ويعتبر الدعاة ورثة الأنبياء ورثوا عنهم العلم ، وهم حراس العقيدة الذين يدافعون وينافحون عنها ، و يأخذون بيد الأمة ويدلونها على الحق كما نزل من عند الله عز وجل لتهتدي إلى سواء السبيل. ونظرا لأهمية دورهم في التاريخ البشري ،فإنهم كانوا عبر التاريخ مستهدفين من طرف أهل الباطل لمحاصرة الحق الذي يأمرون به لدحض الباطل. وحيثما وجد الباطل، ووجد من يواجهه من أهل الحق كانت تصفية أو إقصاء هؤلاء.ولقد ذكر الله عز وجل في محكم التنزيل اختصاص بني إسرائيل في تصفية الأنبياء وقد بعثهم الله بالحق ، وتصفية الذين ورثوا عنهم الدعوة إلى الله عز وجل فقال : (( إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين )).
ولا ظل هذا دأب بني إسرائيل على مر العصور حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكادوا له كل كيد ماكر ، كما كادوا لصحابته وكلهم دعاة أخذوا عنه الدعوة ،وكادوا من بعد ذلك للدعاة المسلمين حتى كان العصر الحديث الذي شهد غزوهم لأرض فلسطين الإسلامية، و إنشاء كيانهم عليها بمساعدة الصليبيين الذين غزو بلاد المسلمين بعد ضعف وتفكك الدولة العثمانية . واشتد كيد اليهود الصهاينة لتصفية الدعاة في أرض فلسطين الذين كانوا يأمرون الناس بالجهاد والدفاع عنها وعن مقدساتها ، وقد قتلوا منهم عددا كبيرا . واستمرت سياسة تصفية الصهاينة للدعاة الذين يعتبرونهم خطرا كبيرا عليهم حين يدعون الناس إلى الدفاع عن أرض فلسطين . ولسنا في حاجة لسرد قائمة بأسماء الدعاة الفلسطينيين الذين قتلهم الصهاينة .
ومعلوم أن تصفية الدعاة أو حبسهم أو إقصائهم أو التضييق عليهم بكل أصنافهم في الوطن العربي إنما هو سياسة يتم تصديرها من عاصمة الكيان الصهيوني ومن عواصم الكيانات الصليبية التي تتقنع بالعلمانية، والغرض منها هو تحقيق هدف إنهاء القضية الفلسطينية لصالح الكيان الصهيوني لأن هؤلاء الدعاة هم ضمير الأمة الذي يراد تعطيله ليتحقق التطبيع مع الاحتلال الصهيوني وطمس معالم القضية الفلسطينية. ولقد أخبر الله عز وجل أن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذي أشركوا ، وقد اجتمع هذا الوصف في الصهاينة والصليبيين المقنعين بالعلمانية ، لهذا يترجمون شدة عداوتهم هذه إلى سياسة تصفية الدعاة بكل الأشكال والأساليب .
ولقد دبّر الصهاينة وأعوانهم الصليبيون حيلا خبيثة لشرعنة تصفية الدعاة فكان من ضمن ما دبّوا من حيل أنهم صنعوا عصابات إجرامية تقاتل باسم الإسلام وبثوها في بؤر التوتر في العراق والشام لتشويه الإسلام أولا ، ولتبرير الإجهاز على الدعاة الذي يرفضون الاحتلال الصهيوني والاحتلال الصليبي للأرض العربية الإسلامية . وهكذا تم تبرير الانقلاب العسكري على الشرعية والديمقراطية في مصر لأن حزب الحرية والعدالة المصري وراءه دعاة من جماعة الإخوان المسلمين ، والكيان الصهيوني يعتبر حركات المقاومة الإسلامية ضده حركات إرهابية تابعة لهذه الجماعة، وقد جعلها الصليبيون على قائمة الجهات الإرهابية كما صرح بذلك الرئيس الأمريكي من الرياض . وعلى غرار زج الكيان الصهيوني بالدعاة في السجون وتصفيتهم قام النظام المصري بنفس الإجراء لأنه نظام يحرص على التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو متورط في موضوع ما يسمى بصفقة القرن التي يراد بها إنهاء القضية الفلسطينية لفائدة الاحتلال الصهيوني. وتصاحب عملية تصفية وإقصاء الدعاة حملة إعلامية مسعورة لبث الشك في مصداقية هؤلاء الدعاة حيثما كانوا لأنهم يعارضون الصفقة والتطبيع . ولهذا تم تصدير فكرة إقصاء الدعاة إلى دول الخليج من أجل تسريع وتيرة التطبيع، وقد أصبح الكيان الصهيوني يصرح إعلاميا بصداقته مع أنظمة الخليج ، ويريد إبرام صفقة القرن معها .
وموازاة مع تصفية الدعاة في فلسطين ومصر ودول الخليج يصفى هؤلاء في بؤر التوتر في العراق وسوريا ، ويشارك الشيعة الراوفض الصهاينة ومن ينحو نحوهم من الأنظمة العربية في تصفية الدعاة مستغلين الخلاف العقدي مع هؤلاء الدعاة السنة، لأن صفقة القرن تتضمن تنسيقا صهيونيا شيعيا لاقتسام الوطن العربي، والواقع يؤكد ذلك من خلال الوجود الشيعي الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن . وللتمويه على مشاركة الشيعة مع الصهاينة في صفقة القرن يسوق إعلاميا لخلاف وهمي بينهما ،وذلك مجرد ذر للرماد في العيون .
وآخر حلقة في تصفية الدعاة ما يحدث الآن في اليمن لمنع هؤلاء من فضح الغاية من الحرب الدائرة هناك . ولا تقف سياسة تصفية الدعاة والتضييق عليهم عند هذا الحد بل توجد أساليب مختلفة في طول الوطن العربي وعرضه لتحقيق هذا الهدف . وتسيّر حملات إعلامية ممنهجة و مطبوخة لهذا الغرض ، وتتخذ قرارات ظاهرها الرغبة في تنظيم المجال الديني وحمايته من الانزلاق نحو ما يسمى التطرف والإرهاب ،وباطنها منع الدعاة الصادقين من حراسة العقيدة وتوجيه الأمة التوجيه الديني الصحيح ، وتوعيتهم بخطورة التآمر الصهيوني الصليبي على القضية الفلسطينية . ومن أشكال التضييق على الدعاة تعقد باستمرارمؤتمرات ولقاءات وتجمعات لتمرير ما يسمى بنبذ الكراهية والتعايش بين الأديان والإسلام المعتدل ،والحقيقة أن كل ذلك مجرد مخطط يمهد للتطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل لأنه لوجود لكراهية عند المسلمين سوى كراهية الصهاينة المحتلين ، ولا وجود لإسلام معتدل وآخر متطرف كالذي يسوق له إعلاميا ،وقد وكل أمره إلى عصابات داعش الإجرامية التي صنّعت تصنيعا مخابراتيا مكشوفا لتشويه الإسلام وتفريقه إلى معتدل ومتطرف ، ولحشر الدعاة الرافضين للتطبيع مع تلك العصابات الإجرامية واعتبارهم المنظرين لإجرامها ، وتشويههم لدى الأمة وتبرير الإجهاز عليهم . وما يغيب عن أذهان الذين يحاربون الدعاة الآمرين بالقسط بمختلف الأساليب الخبيثة والماكرة وعيد الله الشديد لهم بالعذاب الأليم وبإحباط أعمالهم في الدنيا والآخرة وبالهزيمة في نهاية المطاف وما لهم من ناصرين .
وسوم: العدد 751