المواظبة على الصلوات الخمس وصلاة الصبح لا ينتج عنها تطرف وإرهاب
المواظبة على الصلوات الخمس وصلاة الصبح لا ينتج عنها تطرف وإرهاب بل هي الوقاية منهما أيها المسؤولون عن الأمن
تناقلت مواقع إلكترونية على الشبكة العنكبوتية نقلا عن جريدة ورقية أن المسؤولين الأمنيين في بلادنا قد قرروا أو أقدموا بالفعل على مراقبة رواد المساجد من فئة الشباب تحديدا الذين يواظبون على الصلوات الخمس خصوصا صلاة الصبح . والسبب في اتخاذ هذا الإجراء أو عقد العزم على اتخاذه هو التحاق مدرس يدرس مادة الفلسفة بتنظيم داعش الإرهابي مؤخرا . واختلفت المواقع الإلكترونية في تعاطيها لهذا الخبر بين متحفظة عليه، ومؤيدة له خصوصا تلك التي تمثل التوجه العلماني والتي وجدت في هذا الخبر فرصة سانحة للنيل من الدين التي ترغب في زواله من مجتمع يدين به منذ الفتح الإسلامي. والغريب أن هذا الإجراء إذا صح الخبر الذي نقلته الجريدة الورقية التي نسب إليها يأتي بعد أخبار نهاية التنظيم الإجرامي داعش في بؤر التوتر بمنطقة الشرق الأوسط نهاية مثيرة للعجب حيث اختفى هذا التنظيم فجأة ولم يعد له أثر ولم تنقل لنا وسائل الإعلام كيف تمت نهايته بهذه السرعة وبهذه الطريقة المفاجئة والتي يلفها الكثير من الغموض المثير للريب . ومعلوم أن القناعة التي تسود الرأي العام العربي والدولي عموما هو أن تلك العصابات الإجرامية هي صناعة مخابراتية غربية من أجل تشويه الإسلام ، وقد أثبتت ذلك تصرفاتها الإجرامية الخارجة عن إطاره ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية لتبرير إلصاق تهمة الإرهاب بالمقاومة الفلسطينية خصوصا ذات التوجه الإسلامي كحركة حماس والجهاد الإسلامي، وهو ما وقع بالفعل حين صرح الرئيس الأمريكي من العاصمة السعودية أن حماس حركة إرهابية، وسلكها ضمن لائحة الجهات المتهمة بالإرهاب والتي منها تنظيم داعش . ونفس التهمة وجهها النظام المصري المنقلب على الشرعية والديمقراطية لتبرير انقلابه وتنكيله ب معارضيه من جماعة الإخوان المسلمين . ولقد صارت تهمة الانتماء إلى تنظيم داعش الإجرامي تلاحق كل من يعارض نظاما من الأنظمة المستبدة في الوطن العربي خصوصا إذا كان له توجه إسلامي، والذي صار يسمى الإسلام السياسي في المصطلح الغربي ومن يسير على نهجه . وما أشبه حكاية الذين صنعوا تنظيم داعش بحكاية أشعب الطماع الذي اعترض سبيله صبية لمضايقته ففكر في حسبة لصرفهم عنه فاخترع كذبة مفادها أن في المكان الفلاني وليمة ، ولما انصرف عنه الصبية وانقطع ضجيجهم ،صدق كذبته وهو يقول في نفسه لشدة طمعه لعل الكذبة تكون صحيحة . وإن الجهة أو الجهات التي صنعت تنظيم داعش الإجرامي بشهادة فظائعه اللانسانية تعرف جيدا حقيقته، ولكنها ترتزق به وتوظفه لتحقيق ما تريده من وراء استخدامه كذريعة .
ومعلوم أن الجرائم التي وقعت في دول أوروبية ثبت أن مرتكبيها من تجار المخدرات وملاك الحانات كما هو الشأن بالنسبة لما وقع في فرنسا إلا أن تهم تلك الجرائم تأبى بعض الجهات إلا نسبتها للمتدينين ورواد المساجد المواظبين على الصلوات بما فيها صلاة الصبح . والحقيقة التي لا ينكرها إلا جاحد أو مكابر أو مغرض هي أن الصلوات الخمس هي صمام الأمان الذي يحمي الشباب وغير الشباب من الانزلاق نحو السلوكات المشينة كما يصرح بذلك كتاب الله عز وجل في قوله تعالى : (( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون )) . ومعلوم أن الفاحش من الأمور ما زاد عن الحد المقبول شرعا وعقلا ، والمنكر ما أنكرته الفطرة البشرية التي يوجهها الشرع والعقل . ولا يمكن لمن يتلو كتاب الله عز وجل ويقيم الصلاة أن ينزلق نحو الفاحش من الأمور أو المنكر منها من قبيل التفكير في سفك دماء الأبرياء مما ينسب للتنظيمات الإجرامية كتنظيم داعش أو غيره من التنظيمات. وإذا ما حدث شيء من هذا الانحراف فالقضية إذن ستكون بسبب تربية منحرفة لا علاقة لها بالدين والمواظبة على الصلوات الخمس .
ومعلوم أن المجتمع يعج بالمجرمين الذين يشهرون السيوف في وجه المواطنين في واضحة النهار ،وليسوا من رواد المساجد ولا من المواظبين على الصلاة بل هم من مدمني المخدرات والمسكرات والمنحرفين والذين عجز المسؤولون الأمنيون الذين يريدون مراقبة الشباب المصلي عن مواجهة إجرامهم المتزايد باطراد . ولو أجريت إحصاءات لنزلاء الإصلاحيات لكشفت عن الفئة التي تمارس الإجرام والتي لا علاقة لها أصلا بالتدين . وتطالعنا وسائل الإعلام باستمرار بأن مصالح الأمن تلقي القبض على العصابات الإجرامية ،ومعها كميات كبيرة من المخدرات والحبوب المهلوسة . وتطالعنا كذلك بأخبار عن جرائم بشعة وفظيعة يرتكبها المخمورون والمسطولون والمقرقبون والتي ر ينجوا منها حتى أقاربهم وجيرانهم، ولا علاقة لهؤلاء بالتدين أو بالصلاة .
ومعلوم أن الذين يقصدون بيوت الله عز وجل لأداة الصلاة ، والذين يتركون فرشهم الدافئة صباحا ويتحملون مكاره الوضوء والسير إلى المساجد مع وجود مخاطر الذين يعترضون السابلة بالسيوف لأداء صلاة الصبح والمداومة عليها من الشباب و ذلك في عز الشتاء إنما يخشون ربهم بالغيب ،ويخافون أن يحاسبهم على سهوهم عن الصلاة مصداقا لقوله تعالى : (( ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) فكيف يكون هؤلاء مصدر تهديد للناس، وهم يخافون تأخير صلاة عن وقتها ولا يجبرهم على ذلك سوى تقوى الله عز وجل والخوف منه ؟
وأخيرا على المسؤولين الأمنيين البحث الجاد وهي مسؤوليتهم عن مصادر وأماكن صناعة وتكوين التطرف والإرهاب والإجرام بعيدا عن بيوت الله عز وجل ،وهي أماكن التربية السوية على السلوك القويم بامتياز . ولو كانت تفرخ التطرف والإرهاب والإجرام لكان ذلك دأبها منذ القديم . اتركوا الشباب يؤم بيوت الله عز وجل ليجد فيها السكينة والتربية الروحية السوية ، ولا تروّعوه لينحرف عن التدين ويكون لقمة صائغة لكل أنواع الانحرفات ، واتقوا الله فيهم واحذروا حرب الله عليكم إن عاديتم له أولياء يقصدون بيوته للصلاة ولا شيء غير الصلاة فهو القائل في حديث قدسي : " من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب " ، وهي حرب لا غالب فيها إلا الله عز وجل.
وسوم: العدد 752