المكتبة الوسائطية التاشفيني بالجديدة تحتفي باليوم العالمي للغة العربية
أي دور للمؤسسة التعليمية في الارتقاء باللغة العربية بالمغرب؟
كعادتها في احتضان أنشطة رائدة تألقت المكتبة الوسائطية إدريس التاشفيني في الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف 18 دجنبر من كل سنة .وقد التقطت الجهات المنظمة الإشارة مبكرا يوم 15 دجنبر 2017 لتخليد هذه المناسبة لأهمية الحدث وعميق الإشكالات التي يطرحها فاختارت لمبادرتها عنوانا " أي دور للمؤسسة التعليمية في الارتقاء باللغة العربية بالمغرب " . وهوالعنوان الذي اقترحته مؤسسة الإحسان الخاصة بشراكة مع فرع اتحاد المغرب وصالون مازاكان للثقافة ورابطة كاتبات المغرب فرع الجديدة والمحتضن لفقرات هذا الاحتفاء المكتبة الوسائطية التاشفيني .ويأتي هذا الاحتفاء كسيل من السيول التي تصب في نهر النقاش الصريح والواضح حول واقع اللغة العربية استجابة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي نادى بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية واللغات المعمول بها في الأمم المتحدة وقد جاء ذلك بعد اقتراح بعض الدول العربية ودعم أخرى لهذا المقترح .وتكللت هذه الجهود بتكريس 18 دجنبر يوما عالميا للغة العربية واحتفلت اليونسكو بذلك سنة2012 للمرة الأولى ليتم اعتماد اليوم العالمي للغة العربية كنقطة أساسية في برنامج المنظمة سنة2013 وساهمت هذه الخطوات في تعزيز استخدام اللغة العربية في اليونسكو عن طريق الترجمة من العربية إلى لغات أخرى أو الترجمة من لغات أخرى إلى العربية بوصفها لغة منحدرة من السامية والتي يتحدث بها الملايين من مواطني الوطن العربي وغيره ويستعملونها كلغة للتخاطب والدين والحضارة والكتابة .
جاء الاحتفاء إذن ،في ضوء هذا السياق ممزوجا بين الاحتفاء والاحتفال، معبرا بلغة شاعرية وأخرى واصفة ، بلغة الخبير والمدرس الممارس في حجرات الدرس، بلغة المبدع والناقد.افتتح هذا اللقاء بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ، استعرضت بعدها مُسيرة فقرات اللقاء نسرين سطي برنامج الأمسية وفقراتها،وقد كانت أولى فقرات هذا البرنامج الكلمة الترحيبية للسيدة مديرة مدارس الإحسان الخاصة أمينة بنسليمان التي رحبت فيها بالمشاركين والحضور والشركاء المنظمين لهذا اليوم المميز مراهنة بذلك على دور مثل هذه الأنشطة في توجيه التلاميذ ولفت انتباهم إلى الاهتمام باللغة العربية وتشجيع الناشئة على الارتقاء بها كتابة وتعبيرا خاصة وأنها لغة القرآن والدين تلتها بعد ذلك لوحة فنية أبدعتها فرقة من تلاميذ مؤسسة الإحسان ،ليفسح المجال لجلسة علمية حوارية أدارتها الإعلامية في قناة تيلي ماروك سهام فضل الله برصانة هادفة وهادئة ،وهي الجلسة التي شارك فيها الدكتور محمد حمود الخبير في ديداكتيك اللغة العربي والمبدع المغربي المعروف العربي بنجلون والناقد والمبدع الكبير الدكتور الحبيب الدايم ربي والباحث والأستاذ المبرز في اللغة العربية الدكتور عبد العزيز بنار. استهل المبدع العربي بنجلون كلمته بالإشارة إلى ضرورة الارتقاء باللغة العربية وربط هذا المطلب بتأهيل اللغة العربية لتكون لغة في مستوى التحديات الاقتصادية والحضارية والانسانية وأن تطويرها بالمؤسسة التعليمية رهين بتنشيط دور القراءة وتوجيه المتعلمين إلى قراءة القصص والشعر حسب المستويات عبر خلق أندية للقراءة تساهم في تطوير اللغة العربية،بينما انصبت مداخلة الدكتور محمد حمود على تقديم احصائيات دقيقة حول واقع التعليم والقراءة والناطقين باللغة العربية في العالم ،مشيرا إلى أن واقع اللغة العربية ووضعها مرتبطان بأزمة تعليمية ومجتمعية بنيوية وهيكلية واقترح من خلال ديداكتيك القراءة بعض المداخل لتطوير اللغة العربية وتجاوز صعوبات تعلمها مشيرا إلى بعض الايجابيات التي تميز منهاج اللغة العربية .أما الدكتور الحبيب الدايم ربي فاستقى مداخل حديثه العميق من تجربته داخل الفصل الدراسي ورأى أن استخدام مصطلحات من العامية قد يكون أهم لأنها عربية فصيحة وضرب لذلك أمثلة كثيرة كما أشار إلى أن اللغة العربية بخير بل المهدد هو الإنسان العربي خصوصا وأن اللغة العربية ظلت محفوظة لمدة 14 قرنا بخلاف بعض اللغات التي انتهى التخاطب بها وأشاد بالدور الذي يقوم به الأستاذ في تشجيع الناشئة على الإبداع وتطوير لغتهم واستغرب الحبيب الدايم ربي لوضع بعض المثقفين الذين يعبرون في أكثر من مناسبة عن عدم التحدث بلغتهم لأنهم لم يتكلموا بها يوما بخلاف ناطقين بلغات أخرى يهتمون باللغة العربية ويتعلمونها .
وإذا كان مبدأ التدرج في تعليم اللغة العربية نقطة التقى حولها جميع المتدخلين فإن الدكتور عبد العزيز بنار نيابة عن الدكتور عزالعرب ادريسي آزمي افتتح كلمته بما أشار إليه د فريحة في كتابه "نحو عربية ميسرة" محيلا على ضرورة تشخيص واقع اللغة العربية قبل خوض أي نقاش بخصوصها ، معتبرا أن المشكلة اللغوية مرتبطة بشعب مزدوج اللغة وقد أشار إلى أن الاهتمام الذي ميز كل البحوث اللغوية قد تركز إما على اللغة بوصفها موضوعا وجب التفريق فيه بين اللغة واللسان والكلام أو اللغة من حيث الطبيعة والوظيفة ،كما توقف عند منهاج اللغة العربية باعتباره تخطيطا يجب أن يستعين بنظريات الاكتساب اللغوي واحترام منطق التدرج حسب الأسلاك لأن تعلم اللغة العربية واكتسابها في المراحل الأولى يكون سريعا بخلاف تعلمها في مراحل أخرى كما نصت على ذلك نظريات النحو التوليدي وغيرها من النظريات. كما أشار إلى بعض المشكلات الحقيقية للغة العربية ومنها تباعد العربية والعامية ومشكلة الخط غير المشكل إذ يفرض الفهم قبل القراءة عكس اللغات الأخرى .ودعا إلى تكوين تكوين مستمر للمدرسين لتمكنيهم من أدوات وطرق تعليم اللغة وتبسيط قواعد اللغة والتشجيع على القراءة والتقريب بين العامية والفصحى.
وبعد نهاية مداخلات الباحثين وتدخل الحاضرين والردود، تحلقت الأسماع وسافرت مع عزف موسيقي جميل للفنان جمال بودويل تخللته قراءة شعرية لقصيدة حافظ إبراهيم يتغنى فيها بجمال لغة الضاد و قد التقت القصيدة التلميذة الشاعرة فردوس كربوزي
وانتهى هذا اللقاء المتميز الذي حرص على تنظيم وإعداد أجوائه الرجل الداعم لكل المبادرات الثقافية محافظ المكتبة عبد الله السليماني والفريق المرافق له بتكريم المبدع العربي بنجلون ،باعتبارها أديبا وأستاذا للغة العربية وكاتب قصص أطفال وحائز على جوائز، وقد قدم الهدايا الرمزية احتفاء به مديرة مؤسسة الإحسان الخاصة والخطاط عبد العزيز مجيب الذي اهدى المحتفى نسخة من القرآن الكريم بخط يده. واقيم في الأخير حفل شاي تخللته نقاشات مختلفة حول الأدب واللغة والإبداع وتوقيع بعض أعمال الكاتب العربي بنجلون.
وسوم: العدد 752