أطفال فلسطين يشكرون “بابا” سليماني
“پیام تشکر کودکان فلسطینی از حاج قاسم سلیمانی ” “أطفال فلسطين يشكرون قاسم سليماني” “على الانستغرام الخاص بالقائد سليماني ” بهذه العبارات الرنانة عنونت وسائل الإعلام الإيراني صدر أخبارها وصفحاتها صباح اليوم ، واصفة سليماني “بابا” أطفال فلسطين ، إلى جانب خبر مصادقة مجلس الشورى الإسلامي بالإجماع على مشروع قرار يكلف الحكومة بدعم القدس الموحدة عاصمة أبدية لفلسطين ، و أضاف الخبر تأييد القرار لجميع النواب الحاضرين في الاجتماع وعددهم 207 نواب من دون أي صوت معارض أو ممتنع” .
كثفت إيران مؤخرا بمناسبة وبدون مناسبة التركيز على دورها في دعم القضية الفلسطينية عموماً وحماس والجهاد الإسلامي على وجه التحديد وإسنادها لهاتين الحركتين بالمال والسلاح .
لا أحد يستطيع أن ينفي دعم إيران ” المشروط لهاتين الحركتين ” ، ولا نريد المحاججة والبرهان لنفي ذلك ؛ سيما أن دوافعه وأسبابه وضروراته تكاد تكون إجبارية في ظل الانكفاء العربي الذي يصل لدرجة السعي لتصفية هذه القضية ضمن صفقة سياسية مخيفة ، قد تُفضي إلى إشعال المنطقة ، وإدخالها في أتون صراع دموي سيأكل الأخضر واليابس .
تُحاجج إيران منتقديها وكارهيها من خلال اللعب بالورقة الفلسطينية بما يخدم مصالحها،في محاولة ميئوسة لتلميع صورتها القبيحة بعد أن أعملت ذبحاً وقتلاً في العراق وسوريا ….بقيادة جنرالها الهُمام ، الأسد الهصور ” بابا سليماني ” .
نستطيع القول أن وسائل الإعلام الإيرانية وخلال الشهر الحالي قد كثفت من تناول موضوع علاقة إيران بحركة حماس :” السنوار : إيران الداعم الأكبر لقدرات حماس العسكرية “” حماس تضاعف قدراتها العسكرية بفضل إيران “” اتصال هاتفي بين سليماني والسنوار : المواجهة على الأبواب ” ، “السنوار : الجنرال سليماني إيران والحرس الثوري في المقدمة للدفاع عن القدس ” ” صورة الجنرال سليماني ترفع في غزه “…. وغير ذلك الكثير الكثير ، في الجهة المقابلة تحرص وسائل الإعلام المختلفة رصد هذه التصريحات وتتبعها ونقلها وتأويلها وتضخيمها ، خاصة بعد أن خرج علينا حسن نصرالله بخطاب ناري قبل أسابيع أعلن فيه عن قيام حزب الله بمد حركة حماس بصواريخ كورنيت …. على هذه الخلفية الإعلامية ، ينبغي رؤية التداعيات وأبعاده على حركة حماس أولاً والقضية الفلسطينية ثانياً والإقليم ثالثاً.
في هذه الغضون لا شك بأن حركة حماس استطاعت نسج خيوط علاقات جديدة مع إيران ، وبلا شك لا مصلحة لها مطلقاً في الحديث عنها ، وعن شكلها وطبيعتها مجاهرة ليلاً نهاراً ، بحيث أصبحت مادة الإعلام .
فالتوتر والأهبة في المنطقة عموماً بعد موضوع القدس باتت سيدة الموقف ، وما يتم الترويج له من تعاظم العلاقات العسكرية بين حماس وإيران ،سيدفع إسرائيل ومن خلفها أميركا للرد بصورة عسكرية واسعة على قطاع غزة، بذريعة التهديد الخطير والوشيك الذي بات يثيره هذا التعاون .
لقد اتخذت حماس قراراً استراتيجياً بتصعيد إعلامي قوامه علاقات عسكرية متعاظمة مع إيران حتى تتمكن ربما من توظيف خيار الردع الذي قد يمنع إسرائيل من العدوان على غزه ، وبموازاة ذلك إيصال رسالة لبعض الدول العربية التي تركت الشعب الفلسطيني ومقاومته مكشوفة أمام إسرائيل ، وخصصت مواردها و قوتها عسكرية لصراعات جانبية على حساب القضية المركزية ” القضية الفلسطينية ” .
المخطط الإيراني معروف النوايا والأهداف خدمة للمشروع الإيراني المريب في أن تصبح إسرائيل بين مطرقة مليشياتها ومخالبها في جنوب سوريا بعد حسم معركة بيت جن في الشمال ،وسندان حركتي حماس والجهاد الإسلامي في الجنوب، مع التلويح بعشرات الآلاف من الصواريخ الموجهة إليها من جانب حزب الله ، ما يفضي إلى استكمال حلقة بناء ” شبكة الأمان ” ” المليشيات الموازية ” لاستكمال بناء ” الكردوار الإيراني ” .
للأسف الشديد تحاول إيران الإيحاء من خلال إعلامهم أنهم يريدون إنشاء نموذج شبيه بدور حزب الله لبنان في قطاع غزة، من خلال تسريبات عن تنسيق بين حزب الله وحماس من الناحية العسكرية ، من الواضح أن الإعلان عن ذلك يُشكل تهديداً حقيقاً على حماس نفسها ، وسيقدم خدمة مجانية لتبرير أية مغامرة عسكرية إسرائيلية ضد غزه بعد أن أسهمت طهران في تضخيم قدراتها ، وأرسلت فيلق قدسها للقتال في كل مكان ، بحيث غدا ” بابا” سليماني كمصباح علاء الدين الذي يتوقع ظهوره فجأة في بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت …. لكنه حتماً لن يخرج بقواته للدفاع عن القدس ، ولن تنطلق صواريخه ولا صواريخ “بابا” حسن نصرالله لتدمير الشيطان الأصغر ” إسرائيل” .
د. نبيل العتوم
رئيس وحدة الدراسات الإيرانية
مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية
وسوم: العدد 754