همسات القمر71

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*على جدول الفرح تقف الأماني عطشى تائهة تجول بعينين حائرتين، تتنقل بين دمعة وبسمتين تكاد قدمها تزل وتنزلق لتغرق دون أن تظفر بقطرة تبل الصدى تتراجع بحذر مذعور.. تربت على قلبها.. تقرأ لروحها تراتيل السلام.. تغذّ خطاها وتضيع ما بين الزحام.

*باب ومحراب وزاجل أتعبه الوقوف على نافذة مشروخة ينتظر الجواب نظرة وعَبرة وفكرة منزوية تتصارع وعصف عاطفة تتأرجح ما بين أمل وألم صمت وبوح وحرف عالق في عنق زجاجة لا يهوي إلى القاع فيستريح.. ولا يرى النور فيُريح وما بين الأضداد تكمن الحكايات وتتناسل الأحداث والروايات

*في الأفق البعيد.. شمس دافئة وفي الذات القريبة.. مشاعر دافقة يتمازج دفء الشمس بدفق المشاعر ويصنعان أسطورة الحياة

*وما الدنيا إلا سكّة يتوازى فيها خطان من الألم والأمل نعبرها بوجل، بفرح، بتردد، بحيرة واضطراب نخوض فيها هوج العباب أجدني فيها أحيانا كسيّدة أنيقة تخشى على نفسها ذرة غبار تخدشها .. وأحيانا كمتشردة بائسة تسير على غير هدى بعفوية أضع يدي في جيبي المهترئ أخرج بقايا من ناي متآكل يكاد يصرخ أعتقيني كلما بدأت نفخ أنفاسي فيه.. أصنع لحني الذي أهواه.. أمدّ نظري امتداد سكّتي التي لا أرى نهايتها في الأفق المتاح أنفض أفكارا تكاد تصيبني بالعجز وترغمني على ارتداء حلتها السوداء.. أنسجم وذاتي.. تزهر بسمتي.. أمدّ يدي نحو الألم..  ألوّح وأقول وداعا!

*تحدثني نفسي كصديقة حينا وكمعلمة متعالية حينا آخر مبتسمة حينا، ورافعة عصا التهديد حينا آخر تربت علي بحنان أم، وتقرّعني متوعدة مهددة كزوجة أب في النهاية، لا أملك إلا أن أحبها وأتقبلها بتقلبات أطوارها فليست سوى نفسي وملهمتي وصانعة فرحي وأنسي.

*لا مناص من درب آلام يشق طريقنا من لوعة الأيام تهدينا المواجع لا خلاص.

*تراودني نفسي بأن أكسر قلمي وأنسى عالم الحروف والكلمات كلما اتخذت قرارا كهذا، عدت ونكثت عهدي دون وعي مني واستقبلت الحروف بصدر رحب.. أترى سيأتي اليوم الذي أقوى فيه على ترك القلم ونبذ الحروف والكلمات؟

*بعض الذكريات، تسكننا بعمقها، نتشبث بها بعمق عواطفنا ووجداننا.. على ضفته الشرقية يرقد الجسد وعلى ضفته الغربية تسكن الروح متأصلة بعبير الذكريات على بعد سنوات من تلك الذاكرة صنعت الحكاية جسر ومعبر.. ومشاعر عداء لمن نصبوا أنفسهم حراسا عليه.. لا تُنكر ثم لقاء الأرض.. لقاء الجد.. لقاء الأجيال التي تشرّب بعضها المرارة.. والآخر أقلقته الحكاية . أرجوحة لأجلنا.. حكاية لفرحنا.. أشجار نتسلقها وندور حولها.. ثم جولات إلى بستان الجد تبدأ في الصباح الباكر ولا تنتهي في لغة المشاعر.. واهم من يظن أن الأجيال تسلو والقلب يقسو هنالك سرّ لحب الأرض لا يعرفه إلا من كان ذا وجدان حرّ وقلب.. وأنّى لأعداء الكرامة والإنسانية أن يدركوه!

وسوم: العدد 668