هوامش على مقال (رأس) للشيباني(3)

الشيباني والأدب العربي في الهند

شمس الدين درمش

عبد المنعم الشيباني

عبد الحميد الحسامي

قول على قول 3 : شمس الدين درمش

وكتب عبد المنعم الشيباني يقول: "ويبقى التحدي اليوم قائما، كم مضى على تأسيس الرابطة؟ وماذا قدم أدباؤها بهذا الاتجاه؛ اتجاه أدب الحق والخير والجمال المنطلق من فهم التناغم الجميل بين الكون والإنسان؟"

وقال: "إن المسافة بين النظرية والتطبيق لم تزل بعيدة بعيدة.

 قال أحدهم: لدينا رابطة ولكن ليس لدينا أدب.

 وقال آخر: اسم عرمرم فارغ المضمون.

 وثالث قال: لم يواكب الإنتاج الاسم."

وقال الشيباني: "ومن خلال لقاءاتي الكثيرة مع جهابذة العربية في الهند وعشاق الأدب ورؤوس مؤسسين للرابطة لمست أن الأدب الإسلامي لم يخرج في مفهومهم عن ذلك النص التقليدي للقصيدة أو الرواية، وأنه لم يزل بين هؤلاء الجهابذة المؤسسين وبين العبور إلى شاطئ الأدب الجميل مسافات وأزمنة وعصور."

وهكذا اختزل عبد المنعم الشيباني الأديب العربي اليمني الشاعر والمتخصص بالأدب الإنكليزي قضية إبداع النصوص في الأدب الإسلامي في جهابذة العربية في الهند من الرؤوس المؤسسين للرابطة!!

هل تقرؤون أيها الإخوة ما أقرأ!؟ إنه لأمر محير حقا؛ أن يتصور شاعر عربي يمني له باع في الأدبين العربي والإنكليزي وجود إبداع أدبي عربي متميز حسب الشروط النظرية في الكتب التي تنظر للأدب الإسلامي العربي وغير العربي في الهند!.

جهابذة (اللغة العربية) في اليمن والشام والعراق ومصر والسودان والمغرب، وخصوصا أعضاء مجامع اللغة العربية في العواصم الكبرى؛ هل لديهم كلهم إبداعات أدبية في الشعر والقصة والرواية والمسرحية؟ وهل وجود الإبداع شرط أو فرض لديهم؟

إذا كان الجواب؛ لا، فكيف نطلب ذلك من أناس في بلد غير عربي!؟ لغتهم اليومية، أو لغتهم الأم –كما يقال- هي الأردية، أو الهندية.

الأخ الشيباني لم يذكر لنا أحدا من أسماء الجهابذة، لذلك أخشى أن أذكر بعض الأسماء المؤسسين للرابطة فيكونوا ممن لم يعنهم!

لو صحت نظرية الشيباني هذه لحق لنا أن نطالبه بإبداعات في فنون الأدب الإنكليزي، ونقارن ذلك بإبداعات كبار الأدباء الإنكليز في المملكة المتحدة، وأمريكا! فهل هذا ممكن!؟

وما يزيد هذا الأمر غرابة هو أن الأخ عبد المنعم الشيباني عضو عامل في الرابطة، ومعنى ذلك أن له إنتاجا أدبيا يعتد به. وهو لا ينكر عضويته، سواء في بداية مقاله الذي نحن بصدده، أو في أحدث ما كتبه من تعقيب على الحوار الذي نشرته مجلة الأدب الإسلامي مع الأديب الدكتور عبد الحميد الحسامي في العدد 75.

ومما يساعدنا على مقاربة الموضوع بعض المعلومات المذكورة في استمارة طلب عضوية رابطة الأدب الإسلامي العالمية، والتي حصل عليها بتاريخ 20/12/1421هـ، الموافق 15/3/2001م.

-       فهو عضو مؤسس للرابطة اليمنية للثقافة والفنون،

-        والمسؤول الثقافي للرابطة (آنذاك).

-       وهو عضو نقابة المعلمين اليمنيين،

-        وعضو اللجنة الإعلامية لنادي الرشيد الرياضي بتعز ما بين عام 1996/1997م.

-        وله مجموعة شعرية لم تطبع (آنذاك) ولعلها طبعت الآن. بدأ بكتابة الشعر منذ عام 1993م، وبدأ نشر قصائده بالتحديد عام 1995م، في عدد من الصحف المحلية اليمنية مثل صحيفة الصحوة، ومجلة النور..

ذكرت هذه المعلومات لأبني عليها الأسئلة نفسها التي وجهها الأخ عبد المنعم الشيباني إلى رابطة الأدب الإسلامي العالمية، ومن ثم الحكم على الرابطة اليمنية للثقافة والفنون، ونقابة المعلمين، ونادي الرشيد الرياضي. هل هذه المؤسسات هي التي تعد الكوادر الفاعلة التي تسعى لخدمتها، أم تلك الكوادر تتهيأ بتأثير ظروف كثيرة ذاتية، وموضوعية، وداخلية وخارجية، والموهبة أهمها في مجال الأدب والثقافة والرياضة، ويقتصر دور تلك المؤسسات على أمور كثيرة ليس من بينها تخريج مثقفين وأدباء ونقاد؛ أمثال الرافعي وشوقي ومحمود شاكر والعقاد وباكثير والأميري وعبد الرحمن الباشا والمقالح والزبيري والبردوني والأمراني والرباوي... وغيرهم من أعمدة النهضة العربية الأدبية والثقافية المعاصرة!؟

حسناً..! تأسست الرابطة بجهود أشخاص لهم وجود أدبي وعلمي وثقافي، قد تكون لأغلبهم مشاركات أكاديمية علمية في الهند واليمن والسعودية وسورية ومصر والمغرب والعراق والأردن وتركيا وغيرها، ولكن ليس بالضرورة أن يكون لهؤلاء الجهابذة في (اللغة العربية) أينما كانوا، إبداعات أدبية متميزة كما يتصور الأستاذ الشيباني، وهذا أمر بدهي!.

ولا يصح في الأذهان شيء/ إذا احتاج النهار إلى دليل

رابطة الأدب الإسلامي العالمية تنتظر إبداعات كوادرها الشابة من أمثال الشاعر عبدالمنعم الشيباني، والناقد عبدالحميد الحسامي، والشاعر الشاب محمد أحمد فقيه، الذي أجرى الشيباني معه حوارا أدبيا ممتعا، ونشر له مختارات من شعره في موقع (مأرب برس) الذي نشر فيه مقاله هذا!

إنني واثق من غيرة الشيباني على الأدب عامة، والأدب الإسلامي الذي هو عضو في رابطته، خاصة، وأنه يريد أن يرى أحلام مؤسسي الرابطة أمثلة ونماذج في عالم الواقع، ولكن لا يمكن أن نجد أحمد شوقي العربي في الهند، ولا محمد إقبال الأردي في تركيا، ولا نجيب فاضل التركي في اليمن!

وهل ينبت الخطي إلا وشيجه/ وتغرس إلا في منابتها النخل!؟

كان بإمكان الأخ عبد المنعم الشيباني أن ينفع القراء بإلقاء الضوء على الأدب الأردي الإسلامي في الهند من خلال التعرف على إبداعات الأدباء المسلمين في الهند في فنون الأدب المتنوعة؛ بلغتهم الأم الأردية أو الهندية والتعريف بها، وقياس فنيتها بالميزان النقدي باللغة ذاتها. أو أن يلقي الضوء على إبداعات شعراء اليمن من مجايليه، أو سابقيه القدامى والمحدثين!.

 لو كان فعل ذلك لكان قدم خيرا كثيرا، ووضع لبنة في بناء الأدب الإسلامي، وإذ لم يفعل ذلك؛ فلماذا لم يرسل إبداعاته الشعرية إلى مجلة الأدب الإسلامي ولو مرة أو مرتين منذ تعرف على الرابطة ومجلتها، بدلا من هذا الهجوم العنيف عليها!؟