تَعْليقاتٌ عَلى مُتونِ الْكُتُبِ الْعَرَبيَّةِ11
تَعْليقاتٌ عَلى مُتونِ الْكُتُبِ الْعَرَبيَّةِ11
مَنْهَجٌ فِي التَّأْليفِ بَيْنَ كُتُبِ الْعِلْمِ وَبَيْنَ طُلّابِها ، بِوَصْلِ حَياتِهِمْ بِحَياتِها
[تَعْليقَةٌ عَلى مَتْنِ "الْغَيْثُ الْمُسْجَم في شَرْحِ لاميَّةِ الْعَجَم" لِلصَّفَديِّ]
د. محمد جمال صقر
قالَ |
قُلْتُ |
قالَ الْآخَرُ دوبَيْتَ : بِاللُّطْفِ إِذا لَقيتَ مَنْ أَهْواه عاتِبْهُ وَقُلْ لَهُ الَّذي أَلْقاه إِنْ أَغْضَبَهُ الْوِصالُ غالِطْهُ بِه أَوْ رَقَّ فَقُلْ عَبْدَكَ لا تَنْساه |
حيرني هذا البحر العجمي ! |
فِي الْمَثَلِ " أَقْوَدُ مِنْ ظُلْمَةٍ " ! قالَ بَعْضُهُمْ : أَظُنُّه مِنْ قَوْلِهِمُ : " اللَّيْلُ أَخْفى لِلْوَيْلِ " ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ : فَإِنَّمَا اللَّيْلُ نَهارُ الْأَديبْ |
في المصالح - يا شيطان - لا المفاسد ! |
حَكى لي أَبُو الْفَتْحِ عَبْدوسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدانيِّ ، حينَ قَدِمَ الْبَصْرَةَ حاجًّا في سَنَةِ نَيِّفٍ وَسِتّينَ وَأَرْبَعِمِئَةٍ (...) |
ومتى كان الحج إلى البصرة ! هَلّا قلت : مر بها في طريقه ! |
أَمَّا النّادِرَةُ الْأولى فَلا بُدَّ فيها مِنْ مُسامَحَةٍ ما ، لِأَنَّ التَّنْديبَ إِذا كانَ جَوابًا اغْتُفِرَ فيهِ ما لا يُغْتَفَرُ في غَيْرِه |
أم التَّنْدير ! |
قَدْ تَكونُ " ما " بِمَعْنى " لَيْسَ " ؛ فَتَعْمَلُ عَمَلَها ، فَتَرْفَعُ الِاسْمَ وَتَنْصِبُ الْخَبَرَ |
ينبغي ان تقول : بوظيفة " ليس " ، لا بمعناها ؛ فهذا المراد ، إلا أن تتحدث بلسان امتزاج الوظيفة بالمعنى ، ويفهم لها معنى غير الذي لها حين لا تشبهها |
بُنِيَ الْحُبُّ عَلَى الْجَوْرِ فَلَوْ أَنْصَفَ الْمَحْبوبُ فيه لَسَمُجْ |
أحسن منه قولنا : عَلاقَةٌ لَمْ يَقِسْهَا الْعَدْلُ لَوْ خَضَعَتْ لِحُكْمِه فَسَدَتْ وَانْهارَ مَا اجْتَمَعا |
" تبيت نار الهوى منهن في كبد حرى ونار القرى منهم على القلل " حَرّى مُؤَنَّثُ حارٍّ |
بل مؤنث " حَرّان " ، كما صرح ابن منظور ، وكما تدل الصيغة ، وهذه سقطة شنيعة ! |
قَدْ بالَغَ مِهْيارٌ الدَّيْلَميُّ في قَوْلِه : ضَرَبوا بِمَدْرَجَةِ الطَّريقِ قِبابَهُمْ يَتَقارَعونَ عَلى قِرى الضّيفان وَيَكادُ مَوْقِدُهُمْ يَجودُ بِنَفْسِه حُبَّ الْقِرى حَطَبًا عَلَى النّيران |
لم تعد في الأول الآن مبالغة ، بعدما دَرَجَ المصريون الصائمون الصالحون ، في رمضان ، على عادة موائد الرحمن التي يقيمونها في كل مكان ولا سيما طرق المسافرين ، ويقطعونها عليهم ، لينزلوا إلى الموائد ، فيصيبوا منها ولو كوب خُشاف التمر باللبن ؛ حتى إذا ما استعصى مسافر غضبوا عليه قائلين : لماذا تحرمنا الأجر يا بخيل ! |
ذَكَرَ أَصْحابُ الْخَواصِّ أَنَّ الْكَلْبَ إِذا نَبَحَ إِنْسانًا ، وَخافَ ضَرَرَه ، فَلْيَلْتَفِتْ إِلَيْهِ ، وَلْيَجْلِسْ إِلَى الْأَرْضِ ؛ فَإِنَّه يَرْجِعُ عَنْهُ |
هذا علاج ناجع مجرب ! |
قَدْ تُزادُ " ال " عَلى ما يَصيرُ عَلَمًا ، أَوْ تَغْلِبُ عَلَيْهِ الْعَلَميَّةُ ، كَـ" الْبَيْتِ " لِمَكَّةَ ، وَ" الْمَدينَةِ " لِمَدينَةِ رَسولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ ، وَسَلَّمَ ! – وَ" الْعَقَبَةِ " لِعَقَبَةِ أَيْلَةَ ، وَ" الْكِتابِ " لِكِتابِ سيبَوَيْهِ ، وَ" الصَّعِقِ " لِخُوَيْلِدِ بْنِ نُفَيْلٍ ، وَ" النَّجْمِ " لِلثُّرَيّا ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ هذِه قَدِ اشْتُهِرَ اشْتِهارًا تامًّا مَتى أُطْلِقَ لَفْظُه فُهِمَ مَعْناهُ |
ومنه اسم الجلالة " الله " ، فيما أَرى |
كُنْت قَدْ نَظَمْتُ قَديمًا في سَنَةِ سَبْعِمِئَةٍ وَثَمانِيَةَ عَشْرَةَ ، مَعْنًى خَطَرَ لي |
كأنك مثلي تؤرخ ما تأتي ويأتي غيرك ! |
ظَبْيٌ مَشَى الْوَرْدُ مِنْ لَحْظي بِوَجْنَتِه مَشْيَ اللَّواحِظِ مِنْ عَيْنَيْه في أَجَلي |
الله ! مِشْيَةٌ بِمِشْيَةٍ ، والبادئ أظلم ! |
وَما صَبابَةُ مُشْتاقٍ إِلى أَمَلٍ مِنَ اللِّقاءِ كَمُشْتاقٍ بِلا أَمَل |
ربما كان التنوين علاجا لإيطاء التَّقْفية |
بي ضَيِّقُ الْعَيْنِ وَإِنْ أَطْنَبوا فِي الْحَدَقِ النُّجْلِ وَإِنْ أَوْسَعوا |
أما نحن فضيق العين عندنا من الطمع ، واستدارتها التي تصحبها السعة غالبا ، من الحسد ! |
" هابَه " ، " يَهابُه " ، وَالْأَمْرُ " هَبْ " ، اَلْأَصْلُ " هابْ " : سَقَطَتِ الْأَلِفُ لِاجْتِماعِ السّاكِنَيْنِ ، وَإِذا أَخْبَرْتَ عَنْ نَفْسِكَ قُلْتَ : هِبْتُ ، وَأَصْلُه هَيِبْتُ ؛ فَلَمّا سَكَنَتِ الْياءُ ، سَقَطَتْ لِاجْتِماعِ السّاكِنَيْنِ ، وَنُقِلَتْ كَسْرَتُها إِلى ما قَبْلَها |
كأنك تصم عن جدول الأمر ، إلى عادة أخذه من المضارع ، وهي شِنْشِنَة تعليمية سديدة |
لَقَدْ بالَغَ ابْنُ رَشيقٍ في قَوْلِه : وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ فِي السَّفينَةِ وَالرَّدى مُتَوَقَّعٌ بِتَلاطُمِ الْأَمْواج (...) وَعَلَتْ لِأَصْحابِ السَّفينَةِ ضَجَّةٌ وَأَنا وَذِكْرُكِ في أَلَذِّ تَناج وَالْأَصْلُ في هذا الْمَعْنى قَوْلُ عَنْتَرَةَ : وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالرِّماحُ نَواهِلٌ مِنّي وَبيضُ الْهِنْدِ تَقْطُرُ مِنْ دَمي فَوَدِدْتُ تَقْبيلَ السُّيوفِ لِأَنَّها لَمَعَتْ كَبارِقِ ثَغْرِكِ الْمُتَبَسِّم |
لكن لعنترة مع الغزل فُروسيَّةً مَقْصودة لا يملُّ الدلالة عليها ، لأنها التي أعزَّتْه مِنْ ذُلٍّ لا الغزل ، فأما ابن رشيق فليس ثَمَّ ! |
انْظُرْ إِلَى الْبَلاغَةِ في قَوْلِه - تَعالى ! - : " يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ " ، كَيْفَ جاءَتِ الْمُبالَغَةُ فِي الْمُرْضِع دونَ الْوالِدَةِ ، لِأَنَّ الْمُرْضِعَ أَشَدُّ إِشْفاقًا ، وَأَكْثَرُ تَطَلُّعًا عَلى وَلَدِها الرَّضيعِ ، مِنَ الْوالِدَةِ عَلَى الْوَلَدِ الَّذي خَرَجَ عَنِ الرَّضاعَةِ ، وَتَرَعْرَعَ |
بل فَرِّقْ أنت بين المرضع التي تأكل برضاعها ، والمرضعة الوالدة التي فوجئت وهي ترضع وليدها ! فاللهم أحسن خاتمتنا وبعثنا وموقفنا وحسابنا وجزاءنا ، بكرمك ورحمتك ، لا بعملنا ! |
" فإن جنحت إليه فاتخذ نفقا في الأرض أو سلما في الجو فاعتزل " إِنَّ هذِه أُمورٌ مَفْروضَةٌ فِي الذِّهْنِ دونَ غَيْرِه ، وَالْفُروضُ وَالتَّقْديراتُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَقَعَ وَأَلّا تَقَعَ ؛ فَصارَ هذا مِنْ قَبيلِ الْمَشْكوكِ فيه ؛ فَلِهذا حَسُنَ تَعْليقُه بِـ" إِنْ " |
يذكرني هذا ما قاله زكي نجيب محمود في تجديد الفكر العربي ، من احتمال المبادئ للتغيير |
ذَكَرْتُ هُنا قَوْلَه - تَعالى ! - : " أَتَدْعونَ بَعْلًا وَتَذَرونَ أَحْسَنَ الْخالِقينَ " ؛ قالوا : ما الْحِكْمَةُ في الْعُدولِ عَنْ أَنْ يَقولَ : أَتَدْعونَ بَعْلًا وتَدَعونَ ، إِلى ما أَتى بِه لَفْظُ الْقُرْآنِ ، مَعَ أَنَّ الْمَعْنى واحِدٌ ؛ فَإِنَّ " يَدَعُ " ، مِثْلُ " يَذَرُ " ، وَيَكونُ فِي اللَّفْظِ زِيادَةُ الْجِناسِ ، وَهُوَ مِنْ أَنْواعِ الْبَديعِ الَّذي هُوَ أَحَدُ أَثافيِّ الْبَلاغَةِ ؟ وَأُجيبَ بِأَنَّه لَوْ أَتى عَلى هذِهِ الصِّفَةِ لَاحْتَمَلَ التَّحْريفَ فِي اللَّفْظِ ، وَيُقالُ بِالْعَكْسِ ، أَيْ أَتَدَعونَ بَعْلًا وَتَدْعونَ أَحْسَنَ الْخالِقينَ ، بِتَحْريكِ الدّالِ مِنَ الْأَوَّلِ ، وَسُكونِها مِنَ الثّاني ، هذَا الَّذي ذَكَروهُ ! قُلْتُ : هذا الْجَوابُ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، لِأَنَّ سِياقَ الْكَلامِ وَقَرينَةَ اللَّفْظِ وَالْحالَ ، يَمْنَعانِ مِنْ هذَا الْوَهَمِ ، وَيُبْطِلانِ هذَا التَّحْريفَ ، لِأَنَّه إِنْكارٌ عَلى مَنْ دَعا الصَّنَمَ ، وَتَرَكَ اللّهَ ، وَقَوْلُه : " أَحْسَنَ الْخالِقينَ " ، قَرينَةٌ تُوَجِّهُ الْإِنْكارَ عَلى دُعاءِ الصَّنَمِ ، وَتَرْكِ أَحْسَنِ الْخالِقينَ . وَالْجَوابُ أَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ الْكَريمِ أَعْذَبُ فِي السَّمْعِ وَأَخَفُّ عَلَى اللِّسانِ ؛ فَإِنَّ تَكرارَ الْحُروفِ عَلَى اللِّسانِ بِالثِّقَلِ وَالْخِفَّةِ ، أَعْقَدُ ، وَيَحْتاجُ إِلى إِحْضارِ الذِّهْنِ لِئَلّا يَقَعَ التَّحْريفُ وَيُنْطَقَ بِالْأَوَّلِ كَالثّاني وَعَكْسِه . فَإِنْ قُلْتَ : هذا يَرِدُ عَلى بابِ الِجْناسِ كُلِّه ، وَهُوَ مَعْدودٌ مِنَ الْبَديعِ ، قُلْتُ : الْجِناسُ وَإِنْ كانَ مِنْ أَنْواعِ الْبَديعِ ، لكِنَّ بَعْضَ صُوَرِه مُسْتَثْقَلٌ |
عجبا لك يا صفدي ! تأخذ ممن خَطَّأْتَ ، بَعْضَ ما خَطَّأْتَ ! ثم كل هذا منهم ومنك بَعيدٌ مِنْ وَجْهٍ آخر ( ألا يكون الفعلان مترادفين ) ، هو ما أميل إليه دائما ، لما فيه من صيانة بيان العربية ! |
" رضى الذليل بخفض العيش مسكنة والعز عند رسيم الأينق الذلل " ( الْعَيْشِ ) : مَجْرورٌ بِالْإِضافَةِ إِلى ( خَفْضِ ) ، وَهِيَ إِضافَةٌ مَعْنَويَّةٌ بِمَعْنَى الّلامِ |
ولا يمتنع أن تكون لفظية ؛ فالعيش مفعول به للخفض ، والفاعل متروك الذكر لبداهة معرفته |
لَيْتَ شِعْري وَأَيْنَ مِنِّيَ لَيْتٌ إِنَّ لَيْتًا وَإِنَّ سَوْفًا عَناء |
هو لأبي زبيد الطائي ، والذي أحفظه : " (...) وَإِنَّ لَوًّا عَناء " ! |
تَقولُ الْعَرَبُ في أَمْثالِها : " قالَ الْحائِطُ لِلْوَتِدِ : لِمَ تَشُقُّني ؟ قالَ : سَلْ مَنْ يَدُقُّني ؛ فَإِنَّ الَّذي وَرائي ما خَلّاني وَرائي " ! |
أي ما تَرَكَني وَرَأْيي . ولله الحمد ! |
" فادرأ بها في نحور البيد جافلة معارضات مثانى اللجم بالجدل " " مَثاني " : مَنْصوبٌ بِـ" مُعارِضاتٍ " ، لِأَنَّه اسْمُ فاعِلٍ ، وَاسْمُ الْفاعِلِ يَعْمَلُ عَمَلَ الْفِعْلِ إِذا كانَ غَيْرَ مُضافٍ ، تَقولُ : هذا مُكْرِمٌ زَيْدًا ، وَزَيْدٌ مُكْرِمُ عَمْرٍو ، فَتَنْصِبُ الْمَفْعولَ إِذا نَوَّنْتَ ، وَتَجُرُّه إِذا أَضَفْتَ . وَلَمْ يُظْهِرِ النَّصْبَ في " مَثاني " (...) الْوَزْنُ اضْطَرَّه إِلى سُكونِها |
فكيف إذا أضيف إلى ظرفه وبقي مفعوله قابلا لنصبه ، كما في : أَنا آخِذُ الْيَوْمِ أُجْرَةَ عَمَلي ؟ |
" إن العلى حدثتني وهي صادقة في ما تحدث إن العز في النقل " " وَهْيَ " : الْواوُ واوُ الِابْتِداءِ (...) ، وَقَوْلُه : " وَهْيَ صادِقَةٌ " ، جُمْلَةٌ اعْتِراضيَّةٌ |
فأين الحال ؟ ثم لو كانت الجملة اعتراضية لكانت واوها معها ، اعتراضية مثلها ! أم ماذا ؟ |
مِنْ كَلامِ الْحِكْمَةِ : " إِنَّ اللّهَ لَمْ يَجْمَعْ مَنافِعَ الدُّنْيا في أَرْضٍ ، بَلْ فَرَّقَها ؛ وَأَحْوَجَ بَعْضَها إِلى بَعْضٍ " |
وإنما نُبْتلى بخديعةِ أَنْ تشتمل بلادنا على ما في غيرها كله ، لَمّا رأيناهم يُزَخْرِفونه ويُحَلّونه ، ونحن عاجزون عن الزَّخْرَفَة والتَّحْلية ! |
قالَ ابْنُ قَلاقِسَ : وَالصَّغيرُ الْحَقيرُ يَسْمو بِهِ السَّيْرُ فَيَعْنو لَهُ الْكَبيرُ الْجَليل فَرْزَنَ الْبَيْدَقَ التَّنَقُّلُ حَتّى انْحَطَّ عَنْه في قيمَةِ الدَّسْتِ فيل |
مِنْ أعراف الشِّطْرَنْجِ أن البيدق ( العسكري ) ، إذا نجا في حركته ، وبلغ الصف الأخير الذي هو صف العدو الأول ، تَرَقّى إلى فِرْزان ( وزير ) ! |
حَكى الْمَسْعوديُّ في " مُروجُ الذَّهَبِ " ، أَنَّ الْإِمامَ الرّاضِيَ بِاللّهِ ، أَتي في بَعْضِ مُتَنَزَّهاتِه بُسْتانًا مونِقًا ، وَزَهَرًا رائِقًا ، فَقالَ لِمَنْ حَضَرَه مِمَّنْ كانَ مِنْ نُدَمائِه : هَلْ رَأَيْتُمْ مَنْظَرًا أَحْسَنَ مِنْ هذا ؟ فَكُلٌّ أَنْشَأَ يَصِفُ مَحاسِنَه ، وَأَنَّه لا يَفي بِها شَيْءٌ مِنْ زَهَراتِ الدُّنْيا ، فَقالَ الرّاضي : لَعِبُ الصّوليِّ بِالشِّطْرَنْجِ أَحْسَنُ مِنْ هذا ، وَمِنْ كُلِّ ما تَصِفونَ ! |
الله الله الله ! ما أَحْسَنَ ما دَلَلْتَ على بَهْجَتِكَ به ! |
الْجَماعَةُ كُلُّهُمْ أَخذوا لَفْظَةَ " حاشا " ، مِنْ أَبِي الطَّيِّبِ ، حَيْثُ قالَ : وَيَحْتَقِرُ الدُّنْيا احْتِقارَ مُجَرِّبٍ يَرى كُلَّ ما فيها وَحاشاهُ فانِيا |
قد صرتُ أستعملها ، وكأنني سمعتها أولَ ما سمعتُها ، في كلام الناس بعُمان ، في كلام بعض الزملاء من الأردن |
حُكِيَ أَنَّ ابْنَ حَيّوسٍ لَمّا سَمِعَ قَوْلَ ابْنِ الْخَيّاطِ : لَمْ يَبْقَ عِنْدي ما يُباعُ بِدِرْهَمٍ وَكَفاكَ شاهِدُ مَظْهَري عَنْ مَخْبَري إِلّا بَقيَّةَ ماءِ وَجْهٍ صُنْتُها عَنْ أَنْ تُباعَ وَأَيْنَ أَيْنَ الْمُشْتَري قالَ : لَوْ قالَ : وَأَنْتَ نِعْمَ الْمُشْتَري لَكانَ أَحْسَنَ ! قُلْتُ : اشْتَهَرَ هذا بَيْنَ النّاسِ ، وَاسْتَحْسَنَه أَهْلُ الْأَدَبِ ، وَلَيْسَ ذلِكَ وارِدًا عَلَى ابْنِ الْخَيّاطِ ؛ فَإِنَّه لِكُلِّ مَقامٍ مَقالٌ ، وَابْنُ الْخَيّاطِ هُنا لَيْسَ في مَقامِ التَّعَرُّضِ لِلِاسْتِماحَةِ مِنْ أَحَدٍ ، بَلْ هُوَ في مَقامِ تَشَكٍّ وَتَظَلُّمٍ مِنَ الدَّهْرِ ، وَأَنَّه مِنَ الْفَقْرِ في غايَةٍ ، وَلَمْ يَبْقَ ما يَمْلِكُه غَيْرَ ماءِ وَجْهِه ، وَلَوْ باعَه لَعَزَّ وُجودُ الْمُشْتَري لَه ، لِعَدَمِ الْكِرامِ ؛ أَلا تَرى كَيْفَ أَكَّدَه بِقَوْلِه :" أَيْن " ، ثانِيًا ! |
خَطَطْتُ الخط لأعلق مثل ما علقه الصفدي قبل أن أقرأه ، ثم كررت النظر في البيتين ؛ فمنعني عَجُزُ البيت الأول ! |