أثر المعطيات الفلسفية في منهجية جاك دريدا
أثر المعطيات الفلسفية في منهجية جاك دريدا
بقلم: د. محمد سالم سعد الله/الموصل
اعتمد السلوك الفلسفي على أسلوب تنشيط الفرضيات : ( Activist Hypothesis ) القائم على أنّ فعل ( الفكر ) كما فعل الحياة ، قائمٌ على الهدم والبناء ، وعلى الخروج من حالة الضعف ـ بشتى صوره ـ إلى حالة القوة ـ بأشكالها المختلفة ـ ويمكن عدّ هذا الأسلوب هو الأصل في خلق الحضارات ، ونشوء الفكر بصفتيه الفردي والجماعي .
وقد اتسم هذا الأسلوب بصفة ( التوالي ) بمعنى تتابع الفرضيات في سياق سلسلة متصلة تخضع للتأثير والتأثر ، وقد شكل الفكر النقدي لدريدا حلقةً من حلقات هذه السلسلة الممتدة ، التي يمكن إدراج معطيات التأثير فيها على النحو الآتي : ( الفلسفة القبلانيــة ، وفلسفة أفلاطــون، ومعطيات روســو ، وفلسفة هيجل ، والفلسفة الماركسية ، وفلسفة نيتشــه ، ومعطيات سوسير ، وهوسرل ، وفرويـد ، وهيدجـر ).
وقد شكلت هذه المعطيات برامج توجيهية لإعادة صياغة الإنسان الجديد ، من خلال هندسة الأفكار المرتبطة باللغة أولاً ، وبهيمنة الإنسان أو عجزه ثانياً ، ثم فتحت هذه المعطيات المجال النقدي لفكرة التجاوز الدائم ، والتحول المستمر ، فمقولات التطور المعرفي لا تُقرأ أبداً من خلال السكون والتسليم والتقليد ، وهذا ما سعت إليه هذه الطروحات في النظر المتواصل بسلوك الاختلاف ، والتركيز على توسيع رقعة الدلالات والمعاني .
فالقبلانية فلسفة روحية تشرح علاقة الفرد بربه ، والرغبة في الوصول إليه ، من خلال صدق العشق والحنين والذوبان فيه ، وتكمن قوة هذه الفلسفة بالأحكام السرية ، وتتسم بالخفاء والدهاء والكتمان ، والولع بصياغة الأضداد ، ويمكن صياغة المعادلة الفلسفية اللاهوتية للقبلانية كما يأتي الفلسفة القبلانية = قتل الروح + يباس الفكر + الخوض في عالم الغربة + المغامرة).
والإله الأصل حسب القبلانية ( = الله ) خلق الموجودات ثم استقل عن مهامه ليحلّ محلّه الرب
(كيثير ) ، ( = الشيطان ) الموكل إليه تسيير الموجودات ـ حسب التصور القبلاني ـ (1)،
ويكمن تأثر التفكيك بالقبلانية في نقل الممارسات التأويلية للنصوص المقدسة اليهودية ، وتطبيقها على الخطاب الفلسفي ، حيث وجد دريدا أنّ الميتافيزيقيا الغربية تتسم بالطلاسم الماورائية ، والخطاب (المُبطّن) ، لكنّه ـ أي دريدا ـ أرسى في الوقت نفسه دعائم لطلاسم ما ورائية لاهوتية في نقده للميتافيزيقا الغربية(2).
وقد اتجه دريدا إلى النصوص المؤسِسة للفلسفة الغربية لتغذية الاستراتيجية الشاملة لمشروع التفكيك ، وكانت البداية مع أفلاطون ( ـ 347 ق.م ) الذي عدّ الكتابة لقيطاً يحتاج إلى أبٍ ، إلى مرجعٍ ، بعكس الصوت ، لذا جلب إلى تشكيل فلسفته الاهتمام بالكلام واللوجوس ، ونعت الكتابة بوصفها الخارجة عن هذا الأخير ، ووسيلة الاتصال المُهجنّة ، والتمثيل الطفيلي الناقص والرديء ، وهي ـ حسب أفلاطون ـ لا تنتج الحقيقة بل إنّ نتاجاتها لا تتعدى الظاهر(3) ، ورؤية دريدا لذلك كلّه كان بالاتجاه المعاكس للطرح الأفلاطونـي ، لأن دريدا مدح الكتابة ، ومنحها الاستراتيجية النقدية في رسم فضاء الدلالة ، ومن جانب آخر ذكر دريدا أنّ أفلاطون تحدث عن (اللعب) بإيجابية ، وحمله على محل الجدّ ، فهو اللعب المراقب والمحتوى داخل الموانع الوقائية للأخلاق ، بمعنى أنّ ( اللعب ) عند أفلاطون هو وسيلة من وسائل تدعيم اللوجوس لا خلخلته ، فهو يتم من خلال توخي الحيطة والحذر من مزالق اختزال العلاقات النقدية المُنظِمة للمجتمع في وسائل لُعبيّة ذات مظاهر خادعة ، وقد وصف دريدا رؤية أفلاطون للعب بأنّه خدعة ، واختفاء لاهوتي للعب في الألعاب ، وأدانه واضحة لممارسات الكتابة وصِنوها اللّعب (4) .
وإذا كان أفلاطون قد ذمّ الكتابة وعدّ تمثيلها ناقصاً وطفيلياً ، فإنّ روسو ( - 1778 ) قد عدّ الكتابة موضع عدم ثقة ، فهي تمارس دوراً في إضعاف التعبير ، وقد عدّ الصوت البشري ـ القول الملفوظ ـ هو المحور الأساس لجميع الفلسفات القائمة بشكل أو بآخر على ميتافيزيقيا الأصول والحضور ، وذكر أيضاً أنّ القول الملفوظ هو الشكل التأصيلي ، والحالة الأكثر طبيعية للغة ، وتشكل هذه الأفكار أهمية في فلسفة روسو حول الطبيعة البشرية ، ولهذا السبب احتل روسو مكاناً مركزياً في كتابات دريدا بشكل عام ، فهو يمثل مجموعة كاملة من الأفكار المرئية ، التي سيطرت على المعالجات اللاحقة في اللغة وفي العلوم المتصلة بالإنسان (5).
وينتقد دريدا محاولات روسو التي لا تختلف عند مسيرة التفكير الميتافيزيقي الغربيّ ، في تفضيل الكلام ( اللفظ المنطوق ) ، على الكتابة ( اللفظ المُدون ) ، وجعل الكتابة ملحقاً أو (إضافة) للكلام ، فهي تأتي دائماً لخدمة الصوت ، وهذا هو دورها ـ حسب روسو ـ وتنطلق معطيات روسو هذه من خلال نظريته عن الطبيعة البشرية ، وأنّ الثقافة يلازمها عنصر الشر أكثر من ملازمة عنصر الخير لها ، فضلاً عن الولع بحالة الحضور ـ حضور صاحب اللفظ وحضور المعنى ـ المرتبطة أساساً ـ حسب روسو ـ بحالة الكلام ووضعيتــه ، أما الكتابة فهي تماثل التناقض لميزان النطق ، وتؤكد حالة الغياب ـ غياب الناص ووعيه وغياب المعنى ـ ولهذا عدّ روسو الكتابة خطراً يهدد الطبيعة وحضورها ، وأطلق عليها ـ أي الكتابة ـ ( الملحق )(6).
لقد سيطر مفهوم السلبية ( Negative ) على معطيات روسو ، بوصفه غياباً ثمّ إمكانية إعادة تَملّك الوجود بوصفه حضوراً ، وتتمثل مشكلة روسو في الاختلاف بين معنى ضمني أو حضور اسمي ، وتفسير مضموني ، وكل التمييزات الداخلة في الحالة المعرفية للغة ، وقد مَكّنت معطيات روسو من الحديث عن أسبقية الصوت على الكلمة المكتوبة ، وتفضيل الحضور المباشر على التأمل ، مكنت دريدا من استمدادها بصـورة مشروعة من تراث طويـل ، بحيث مثّل روسو ـ حسب تعبير دي مان ـ قناعاً أو ظلاً لدريدا ، كما مثّل موقف روسو من اللغة مقدمةً فلسفية جذرية ونموذجية(7).
أما التأثر بهيجل ( ـ 1831 ) فقد تمثّل أًصلاً في حل المتعارضات الثنائية الكلاسيكية ، ثم حل تناقضاتها ضمن حدٍّ ثالث تكون مهمته نفي الاختلاف مع حلّه وإعطائه طابعاً مثالياً ، ومن ثم التسامي به داخل ذاتٍ مفكرةٍ مطلقة ، وتموضعه داخل الحضور الذاتي ، وقد يقود هذا إلى تسكين فاعلية المتعارضات الثنائية الميتافيزيقية ، في حين سعى التفكيك إلى تفادي التجميد لتلك المتعارضات ، للتواصل في عملية خلق المعنى واستمرار اختلافه(8).
وقد وجَه دريدا نقداً لهيجل في إطار تصور الدلالة اللغوية أو الفنية ، إذ أعاد الأخير تلك الدلالة إلى بنى مفهومية ، أو بنى مدلولات وحيدة المعنى ، لا تحمل صيغة التعدد ، ولا ترتكن إلى اختلافها ، وتَصوُر هيجل يخالف عملية تصور الخلق الجمالي التي تتجاوز التصور المفهومي للدلالة لأنّها لا تشير إلى شيء محدد ، ويتحدد موقعها على مستوى الدلالة الايحائية ، ويمكن التسليم بالتأثر الكبير لدريدا بهيجل على مستوى المنطق الجدلي الديالكتيكي ، ويمكن عدّ هذا المستوى إيجابياً إذا لم يتوقف عند اجتماع الضدين بوصفه ( سلباً ) ، وبوصفهما وحدة أضداد ، إنّه سعي لتجاوز التناقضات لوضعها في صيغ تأليفية(9)، ولا شك أنّ الطرفين الهيجلي والدريدي ينطلقان من نقطة مشتركة وهي اجتماع الضدين واختلافها ، لكنهما يختلفان في طرق معالجة اجتماع الضدين ، فهيجل يضع مشهد الضدين من خلال النظرية الثنائية الفلسفية ( Dualism ) التي توحي بوجود مبدئين متعاكسين مثل ( الخير والشر ) ، وتصف الكون على أنّه وحدة متناسقة متناغمة ذو معالم واضحة وثنائية ، وعناصر غير قابلة للنقض والمشاركة في آن واحد ، ثم تطورت هذه المعطيات لتصل إلى هيجل الذي فسّر الكون من خلال انسجامه مع عنصريه ( العقل والمادة ) ، وبهذا عمدَ هيجل إلى حلّ التعارض بين الثنائيات ، وتوحيد ( Unified ) صيغهما في الذات ، ليتحدد المعنى أولاً ، ولتنتفي صيغ اللاتحدد واللاتعيين . أما دريدا فيعالج اجتماع الضدين من خلال مصطلح ( الاختلاف ) الذي يحيلهما ـ وكما ذُكر سابقاً ـ إلى منظومة التعدد الحرّ للمعنى ، والإرجاء المتواصل للدلالة ، ولاشك أنّ هذه النظرية ـ أي الثنائية ـ تعاكس النظرية الأحادية ( Monism ) في المسيرة الفلسفية وتقتضي هذه الأخيرة بناء الوجود والكون على حضور أحادي في تسيير فعاليات الموجودات .
وقد طرح الناقد الاجتماعي ( بيير زيما ) إشكالية تخيل الفلسفة الهيجيلية على أنّها فلسفة تفكيك ، وذكر أنّ دريدا تبنى فكرة هيجل القائلة : إنّ الفكر الديالكتيكي الذي يستهدف الجملة لا يمكن تلخيصه فهو ذو أثر دلالي ممتد .
ونقد دريدا في الوقت نفسه تمركز هيجل حول العقل ونقد مثاليته المتمحورة حوله ، وبشّر بالكتابة بديلاً عن ذلك التمركز ، وطرح فكرة أنّ المعرفة لا تستتبع تماهياً بين الذات والموضوع ـ كما ذهب هيجل ـ إنّما تتراوح بين احتمالية (Probability) إقصاء الذات ، وتجنب إحصائية ( Statistics ) تموضع المعانـي ، بمعنى الدعوة إلى اللاإحصاء ، وهذا ما دفع ( زيما ) إلى وصف التفكيكية بـ( الهيجلية الشابة )(10).
وأما تأثر دريدا بماركس ( ـ 1883 ) فقد تمثّل بكتاب دريدا ( أطياف ماركس ) الذي تأرجح أسلوب دريدا فيه بين التفكيكية والماركسية ، وتحدد غرض الكتاب في تحفيز النقاد والباحثين على إعادة قراءة النص الماركسي ، وقد وُصفت قراءات دريدا للفلسفة الماركسية في هذا الكتاب على أنّها تدخل سياسي للوقوف بصورة واعية ، من حيث كونه رداً على الدوغمائية ، ومحاولة لتركيب قيادة عالمية في الموضوعات التي يعتريها الشك في الميدان السياسي والمعرفي . وقد حاول دريدا تطهير روح ماركس وأطيافه من خلال إعادة قراءة فلسفته بما يخدم أغراض الواقع السياسي الراهن ، لذلك تحددت المشكلات التي بحثها دريدا في ( أطياف ماركس ) بثلاث(11):
(تهتم بفهم اللحظة التاريخية الحاضرة ، وتهتم بشؤون السياســة ، وتهتم بشؤون الأيديولوجيا ).
إنّ سؤال الماركسية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بسؤال التفكيك ، فكلاهما يقوضان الرأسمالية ، وكلاهما لا يؤمنان بالحقيقة الفلسفية المطلقة(12)، فسلوكهما المعرفي ذو طابع احتكاري للمشروعية اللاهوتية ، فضلاً عن ممارستهما القاضية بتفكيك وتهديم الأشياء المتوارثة ، وإعلان الثورة المعرفية على العناصر البالية في الفكر ، وقد قادت هذه الممارسات إلى تحول الأشياء ـ بفعل التفكيك ـ إلى رموز وعلامات وأشكال ، وقد ركز دريدا على الصلات بينه وبين ماركس من خلال تفعيل فكرة العدالة التي قرنها مع مسيرة الماركسية وطروحات التفكيك ، ووصف دريدا الوضع العالمي وأشكال هيمنته بأنّه مؤامرة عُظمى ضد الماركسية(13)، وقد تأتى هذا الوصف من الخطاب العالمي المهيمن القائل بنهاية الماركسية واندحارها ، بينما يؤكد دريدا على أنّ إشباح ماركس ستدخل إلى جميع الإجابات الفلسفية ، لأنّها تملك منطلقات تأويل العالم وإنقاذه من إرهاب المشهد الرأسمالي المخيم على فضاءات الشرعية الدولية .
إنّ تحليلات دريدا في ( أطياف ماركس ) كانت متجهة نحو عدّ الماركسية ضرورة فلسفية ومعرفية مُلحة ، شرط أن تُحوّل ويتم تأقلمها مع الفكر الأيديولوجي الحديث ، وأن تُكيّف مع الغائيات التقنية ـ الاقتصادية الجديدة ، وأن يتم عقد صلح بين الأطياف الماركسية والأطياف الدينية ، وأن تمتثل الماركسية الجديدة للقانون الدولي وتحتقره في الوقت نفسه ، وكل هذا التحويل للماركسية أطلق عليه دريدا : ( روح الماركسية )(14).
لقد قطع دريدا شوطاً كبيراً في سبيل عقد التحالف بين الماركسية والتفكيكية ، من خلال تقديم بعض الحلول لأزمات الماركسية القديمة ، أو أزمات الرأسمالية الجديدة ، وليس ذلك فحسب ، بل لقد عدّ التفكيك نوعاً من التصور الاقتصادي للسياسة الاقتصادية الإختلافية ، ومُمثِلاً لمُلكية الماركسية المُزالة(15)، وبهذا التصور حاول دريدا تفتيت المثوى الأخير للماركسية ، وإحياء بقاياها المُفككة ، والمتناثرة في أقسام الجامعات المختلفة ، لكن يبقى السؤال : هل استطاعت
الصيغ النقدية التفكيكية تطهير كلّ ما لَحِق بالماركسية من الأطياف الحرجة المتأزمة ؟ .
أما نيتشه (-1900) فيشكل الدافع الجوهري للطرح التفكيكي ، لأنّه أسهم في تحرير الدال من تبعيته ، أو وضعيته المتفرعة بالقياس إلى اللوجوس أو مفهوم الحقيقة المرتبط به ، لأنّ جميع التحديدات الميتافيزيقية للحقيقة ـ حسب دريدا ـ غير قابلة للفصل عن هيئة اللوجوس ، التي حطّت من الكتابة المنظور إليها على أنّها سقوط في برانية المعنى(16).
لقد كان لنيتشه دورٌ في نقد ميتافيزيقا الفلسفة الغربية ، وافتراضاتها المسبقة ، وقد ترك بصماته ـ على حدّ تعبير نورس ـ على نظرية التفكيكية وتطبيقاتها ، بحيث أصبح الطرح النيتشوي ، والطرح الدريدي نمطاً من الكتابة الفلسفية القائمة على الشك بجميع الأفكار الباحثة عن الحقيقة ، التي تتيح المجال لتحرير الفكر من الحدود الراديكالية للمفاهيم الميتافيزيقية الغربية ، وتحدث نيتشه بشكل واسع عن البرامج والخدع المنظمة للطرح التفكيكي متبنياً الطرح نفسه في مسيرة الشك ، رافضاً التقولب في مسيرة التمركز الغربي حوله اللوجوس ، فضلاً عن تأكيده على أنّ اللغة ترتبط بسلسلة لا متناهية من العلاقات والاختلافات ، ويقود هذا
إلى التضليل في البحث عن الحقيقة ، فيما وراء التحولات الملتوية للغة ، التي عبر عنها دريدا بالاختلافات واللّعب الحرّ للدوال(17) ، إنّ معطيات نيتشه عبّرت بشكل منهجي صريح عن التوجه التفكيكي في المشروع التحديثي والاستناري الغربي ، وتُشكل فلسفته لحظة تبلور إشكالات الفلسفة الغربية المعاصرة وتحولها ، التي تمحورت ودارت حول فهم فلسفة نيتشه التي دعت إلى صيرورة الإنســان بلا ذات ، وبلا حدود ، ولا استقلال ، ولا مركزية ، والهدف هو تحطيم الإنسان وتفكيك كينونته بوصفها مقولة ثابتة ، مستقلة في عالم الطبيعة المتغير ، وردّه إلى ما دونه(18).
ويستتبع دريدا نيتشه في قطيعته مع سمو الذات ، ويتطلع للتقاليد الميتافيزيقية ، والمتحولة للفكر الغربيّ ، ويبين أنّ هناك سلوكيات تستدعي الاختلاف ، وتجسد الاختيار الراديكالي الذي يشمل التأكيدات النيتشوية ، التي تبناها دريدا ، وشكّلت ـ من ثمّ ـ أُسساً فلسفية نشطة لامتلاك ناصية الطرح التفكيكي ، وقد عمدَ دريدا إلى تحديد نمطية نصوص نيتشه هذه ، لتوسيع دائرة انتشار المعنى الفلسفي(19) . إنّ المسلك المنهجي لدريدا هو نفسه المسلك الفلسفي لنيتشه ، فكلاهما حرّض على تفكيك المعرفة المثالية ، والمفاهيم المنهجية الخاصة بها، وقد نهضت التفكيكية ببعث الشك النيتشوي ـ الذي وصفه نورس بأنّه تمرد طفولي ـ واسلوبه في تفكيك نظم الفكر التقليدي ، وبذلك أرست التفكيكية تشكيل القراءات الخاصة وصياغتها ، بإعادة تنظيم البيان النقدي للفكر الغربيّ من خلال تحليل عقلاني ، وتبنٍ واعٍٍ لكل الآراء التي وردت في الأجندة النيتشوية(20).
وقد عدّ المسيري معطيات نيتشه ودريدا صيغاً مؤسِسة لمنظومة العلمانية المادية الحديثـة ، وأنّ معظم الفلسفات الغربية التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين (ومنها الصهيونية والنازية) خرجت من تحت عباءة نيتشه ، فضلاً عن أنّ فكر ما بعد الحداثة بكل تشكلاته وتفريعاته هو امتداد معرفي لمنظومة نيتشه الفلسفية(21). لقد أخذ دريدا بمبدأ ميتافيزيقيا نيتشه الرامي إلى تفكيك الإنسان ، وتفتيت اللوجوس ، وتمزيق الذات ، إنّه تبنٍ لهدم الإنسان وتقاليده عبر هيمنة البنية عليه ، وقد فَهِم دريدا أنّه لا يمكن فهم ميتافيزيقيا نيتشه إلاّ بعد الذوبان في الفيزيقا ، والوصول إلى جوهر فلسفة نيتشه القاضي : بأن البشرية مصابةٌ بمرض عجز الإرادة، والمطلوب الخروج من ذلك بإرادة قويـة ، وأنّ العجز الموجود في الإنسان سببه عدم اتصافه بصفات الإله المثلى ، وهذا ما حاول دريدا تطبيقه عن طريق مداخل اللغة .
وتأثر دريدا بسوسير ( - 1913 ) يكمن ـ فضلاً عمّا قُدِم سابقاً ـ في نظام الاختلافات الذي قدمه الأخير ، وعدّه دريدا مضاداً للتمركز حول العقل ، لكنّه متمركز في الوقت نفسه حول الصوت، وقد بشّر سوسير بعلم العلامات ( السيميائية ) الذي يعتمد على إمكان الإمساك بالدوال والمدلولات بوصفهما حضورات إيجابية ، أي أنّه يحتاجها بوصفها نقاطاً لاختراق تحليل النسق والنظام النصيين ، والمفهوم السويسري عن العلامة ـ كما يذكر كيلر ـ هو في الأساس ميتافيزيقي ، ويتعرض للتعدد من خلال الطبيعة الاختلافية الخاصة للعلامات ، وأنّ قراءة سوسير في إطار العمل التفكيكي تحيل إلى تحليل مشكلات الخطاب ، وتعقيدات المعنـى ، التي تشيع في الممارسات الثقافية ، كما أنّها تدخل بقوة في ميدان الاحتكام إلى اختلاف الدوال(22).
لقد اتخذ دريدا خطوات سوسير في إنشاء نظام بناء الأشكال المختلفة ، بوصفها شرطاً مسبقاً على اللغة ، وبمجرد تثبيت الاصطلاح ضمن نظام الايضاح ، فإنّه يصبح بناءً مستخدماً بطرق تكبح رؤاه الراديكالية ، ولهذا السبب التجأ دريدا إلى حصنٍ من الاصطلاحات ـ على حدّ تعبير نورس ـ لم يكن من الممكن اختزالها إلى معنى مفرد ، فضلاً عن اعتماد دريدا منهجية سوسير في عدّ اللغة قائمة على مبدأ الاختلاف ، الذي ينتظم في بناء التشكيل الواسع لدلالة اللغة(23).
إنّ توجه دريدا النقدي في التفكيك ، وجد نفسه في معطيات سوسير التي تمثل نقداً قوياً لميتافيزيقيا الحضور ، أو ما يسمى بمركزية الكلمة ، فسوسير يُعرّف اللغة على أنّها نظامٌ من العلامات والأصوات التي لا تُعدّ لغةً إلاّ إذا نقلت الأفكار ، أو عبرت عنها ، لذا فالتركيز منصبٌ على طبيعة الرمز اللغوي ، واللغة وفقاً لذلك ليس فيها صفات قائمة بذاتها بل مجرد اختلافات ، وهذا المبدأ يعاكس مركزية الكلمة وميتافيزيقيا الحضور(24). وقد عدّ ( بروكر ) أنّ اللبنة الأولى في نظرية التفكيك تكمن في افتراض دريدا وجود نظام محوري للغة في الطرح السويسري ، أي نظام محوري حول ما وراء طبيعة الوجود ، وهي فكرة ترى أنّ الواقع يصل إلى الوعي ، وعن طريق وجود مدلولٍ متسامٍ (Transcendental Signified) ، وهي فكرة وجود نقطة انطلاق أصلية ، وعلّة أولية للجوهر الأصلي في الفكر الغربي(25).
وقد بنى دريدا نظريته للغة على تحطيم نظرية هوسرل ( ـ 1938 ) لها ، فالأخير ينطلق
في نظريته للغة من أساس فلسفي ذاتي قائم على فلسفة ( الأنا ) انطلاقاً من كينونة اللغة بوصفها إنسانية ، وقد دفعه هذا إلى التفريق بين العلامات الإنسانية ، والعلامات الطبيعيـة ، والدلالة طبقاً لمعنى هوسرل لا تتأتى من القول (الكلمات تعني)، ولكن تتأتى من أنّ أحداً يريد هذه الكلمات أن تعني ، انطلاقاً من منهجية هوسرل الظاهراتية للخبرة، الواعية التي تتطلب الاهتمام بالحضور الشخصي للقول(26).
وتأثر دريدا يكمن بالاتجاه المعاكس للطرح الهوسرلي ، فاللغة عند دريدا ليست إنسانية بالقدر الذي هي فيه ( لغة ) ، فهو يركز على لغوية اللغة ، أي يركز على اللغة بوصفها عنصراً قائماً بذاته وإن استقل عن قائليه ، وفي مقابل تركيز هوسرل على ترجيع اللغة إلى الحوار الداخلي ( Monologue ) ، يركز على كون اللغة بوصفها أصواتاً وكلاماً ، ويركز دريدا من جهة أخرى على استقلالية اللغة بوصفها شكلاً قائماً في حدّ ذاته ، ويتناول أنظمتها بوصفها ( كتابة ) ، والأخيرة هي لغة قائمة بذاتها ، إنّها توجد ـ على حدّ تعبير هولاند ـ بقوة على الورق ، قبل وصف وجودها على شكل تناقلات صوتية صادرة عن العقل ، وهذه الكتابة المكوّنة من مجموعة دوال تشكل ( علامات ) على الورق لا تتطلب وجود صائغها لكي تؤدي
مهمتها الدلالية ، بل على العكس من ذلك ، فإنّها تؤدي مهمتها في غيابه ، وبعد موته(27). إنّ الخلاف الذي نهض به دريدا مع هوسرل هو خلاف حول الطبيعة الفلسفية للغة ، وتحديد دورها ، ووظيفتها في تقديم الدلالة ، ومع أنّ الموضوع المعرفي كان واحداً بين دريدا وهوسرل ، إلاّ أنّ التفاعل كان مختلفاً حسب طبيعة منهج كل منهما ، فدريدا تناول البحث عن طبيعة اللغة انطلاقاً من منهجه في تقويض أسس الميتافيزيقيا الغربية ، وتمركزها حول الكـلام ، أما هوسرل فقد تناول البحث عن طبيعة اللغة انطلاقاً من منهجه الظاهراتي التي يقتضي التوجه نحو البناءات اللغوية بوصفها الصيغ العقلانية والظواهر المميزة ، والماهيات المحفِزة للوجود الإنساني ، وقد وصف دريدا تناول هوسرل للغة بأنّه : إقامة علاقة برانية بين
المعنى والعلامة ، وبين المدلول والدال ، بل إنّ الدال قد تحول عند هوسرل إلى عملية ( إخراج ) للمعنى ، وتعبير عن المدلول ، وقد ذكر دريدا أنّ هذا المسلك لا يشكل إلاّ خُدعة بنائية يمكن أن يُطلق عليه ( الوهم المتعالي ) الذي يتغير بحسب اللغات والثقافات، وقد شكلت الميتافيزيقيا الغربية تنظيماً نسقياً مُحكماً داخل هذا الوهم(28).
وكما أنّ فرويد ( ـ 1939 ) قد درس الأحلام وهفوات اللسان ، وأعاد لهما مكانتهما ، بدلاً من عدّهما كلاماً لا طائل من ورائه ، كذلك دريدا الذي درس قوة الفجوات والهوامش داخل النصوص فضلاً عن الأشكال ، والاستطرادات ، والتوقفات ، والتناقضات ، والغمـوض، … الخ ، وبذلك انفتحت مع التفكيك سلسلة قراءات من أهمها(29): (القراءة السياسية للغــة ، القراءة السياسية الجنسية). لقد درس فرويد المناطق الغيبية في السلوك الإنساني ، وحدّد خطته بمتابعة نشاطات اللاوعي على صعيدي ( الأحلام ، والسلوك الجنسي ) ، وارجع ذلك إلى أزمات في مرحلة الطفولة، وإلى عنصر الكبت ، وإلى عقدة أوديب ، أما دريدا فقد تابع فرويد
في دراسة المناطق الغيبية ، لكن على صعيد الدلالة ، إذ شكّل البحث عن المعنى الماورائي في التحليل التفكيكي أهم الأسس النقدية التي نهض عليها هذا التحليل .
وبيّن دريدا أنّ إجمال معاني نظرية اللاوعي الغربية تعتمد على أفكار غامضة ، من مثل (الاستشفاف ، والاختلاف ) ، وغيرها من الأفكار التي توجد ضمن نظام الكتابة ، وحين يتحدث فرويد عن اللاوعي ـ المُشَابه للبناء اللغوي ـ فإنّ الاصطلاحات التي يستخدمها للوصف مأخوذة من نظام الكتابة أكثر من اللفظ(30) ، فصناعة الوجه الآخر للذات ، وتشكيل لحظات الاسترجاع والاستشراف ، واختزال الزمان وإطلاقه ، وانفتاح المكان وتعايشه مع اللامحدود ، كل تلك العناصر وغيرها كانت مستعارة من مسيرة الكتابة أكثر من الصوت ، لأنّ ميدان اللاوعي هو ميدان نسقي نظامي لا يخضع للتمثيل عن طريق وحدات صوتية مسموعة ، إنّما يتمثل عن طريق مُحفزات ( Motives ) مخصوصة ، تنتظم في سلسلة من الثيمات التي تُحدِد الإطار العام لبناء لغة الرموز والعلامات .
وانطلاقاً ممّا ذكر ، فإنّ رموز فرويد في الكتابة يصعب تجاوزها ، وهي تشكل الإسهام الرئيس في دراسة اللاوعي ، لذلك وُصفت أفكار فرويد بأنّها أفكارٌ مرتبطة بالكتابة أكثر من ارتباطها بالأصوات الكلامية ، وأنّ وجهة نظر دريدا بالفرويدية قد انتجت نصوصاً تكشف دائماً عن اعتمادها لعلم البلاغة ، الذي يُفكَك ذاتياً إلى مجازات ، ومن ثمَّ إلى مجازات إضافية للكتابة(31).
لقد تعامل دريدا مع نصوص فرويد ـ والنصوص الأخرى ـ بوصفها نصوصاً غير متجانسة
وتحوي داخلها قوى عمل هي في الوقت نفسه قوى تفكيك للنص ، واستراتيجية هذا العمل يقتضي ـ حسب دريدا ـ الاستقرار والتموضع في البنية غير المتجانسة للنص ، والعثور على توترات أو تناقضات داخلية يَقرأ النصُ من خلالها نفسَه ، ويُفكك نفسَه بنفسِه ، ويؤكد دريدا أنّ في النص قوى متنافرة تأتي لتقويضه وتجزئته ، وفي ميدان النص الفرويدي ذكر دريدا أنّ في عمل فرويد طبقات ميتافيزيقية لم تخضع بعد للاستنطاق(32).
إنّ حركية النص التفكيكي لم تكن خالصة للمعنى التراجيدي لنقد تمركز الميتافيزيقا الغربية ،
أنّها لم تنهض من عدم ، بل ارتكزت على مقولات الهدم ( Destruction ) لهايدجر ( - 1976 ) التي تدل على تصفيةٍ واختزالٍ نسبيٍّ أقرب إلى الهدم النيتشوي ، وقد اعترف دريدا بذلك حيث ذكر أنّ هيدجر قرع نواقيس نهاية الميتافيزيقا ، وسلك مسلكاً استراتيجياً تمثل بالتموضع داخل الظاهرة الميتافيزيقية ، وتوجيه ضربات متوالية لها من الداخل(33)، ويقصد بالضربات تهشيم بؤر التمركز، وتحليل أهمية الفجوات والهوامش المضمّنة داخل النص ، وذكر دريدا في نصٍ آخر :"أنّ علاقة التفكيك بالتدمير والهدم الهيدجري كانت دائماً مطبوعة …
، وسيبقى فكر هيدجر بالنسبة لي ـ والكلام لدريدا ـ أحد أنواع الفكر الأكثر دقة وصرامة وإثارة وضرورة لزمننا هذا …"(34).
وفي الوقت نفسه ينتقد دريدا منهجية هيدجر واصفاً إيّاها بأنّها ما زالت حبيسة الرؤية الميتافيزيقية ، لأنّ فيها نهجاً لاستمرار التمركز حول اللوجوس ، وهو بذلك يعيد ترسيخ اللوجوس ـ حسب دريدا ـ ويوضح حقيقة الوجود بوصفها مدلولاً متعالياً(35)، وليس ذلك فحسب ، بل إنّ تمركز منهجية هيدجر يكمن في عدّ الخطاب الفلسفي بجوهره ذا توقيع يونانيّ في الأصل ، وأنّ الحضارة اليونانية هي الحضارة الوحيدة التي أنتجت الخطاب الفلسفي ، وعدّ كل الحضارات الأخرى عالةً عليها(36).
ويمكن القول أنّ هناك نقاطاً مشتركة كثيرة بين دريدا وهيدجر في مشروعهما لفك ارتباطات مركزية الفلسفة الغربية ، والاستمرار على وجود الشك ، أو وجود المعنى المتعدد في النصوص ، والبحث عن المصادر الحقيقية الكامنة في وحدة الوجود ، وإنّ تفتيت ميتافيزيقا المعنى لم يكن غرضه تحرير تعددية المعنى وحسب، ولكن إعادة تلك المعاني إلى مصادرها المتماثلة ذاتياً، بمعنى إحياء الكتابة الحرّة المتقلبة ـ حسب نورس ـ بوصفها استهلالاً للكتابة من خلال الاصطدام بالنص الذي يعبر بذاته عن عدم وجود حدود للّعبة المعاني الحرّة، وهذا هو عين القصد التفكيكي في طرحه عن نظرية اللعب(37). إنّ تجاوز الميتافيزيقا الغربية لم يكن بالأمر الهيّن، بل تطلب ويتطلب جهوداً نقدية وفلسفية مضنية في سبيل انفتاح الخطاب، وعدم اختزال محاولات صياغة تعددية المعنى، وقد تأتى لدريدا هذا الأمر من خلال سلسلة فلسفية منحته قيادة المشروع النقدي الذي اتسم بـ(العالميّ)، ومنحته مواكبة الطرح الغربيّ المتعالي الذي منح نفسه حقّ صياغة البيانات النقدية لتشكيل المعنى التراجيدي للوجود، وتتجسد هذه السلسلة بـ(القبلانية، والفلسفة الماركسية، وبديالكتيك هيجل، وبجينالوجيا نيتشه، وبظاهراتية هوسرل، وبهدمية هايدجر).
الهوامش :
(1) See : What is Kabbalah ? , The Kabbalah Center , Amazon : ( Internet ) .
(2) دليل الناقد الأدبي : 57 .
(3) ينظر : صيدلية أفلاطون : 19 ، 33 .
(4) ينظر : المصدر نفسه : 117 ـ 119 .
(5) ينظر : التفكيكية ، كريستوفر نورس : 39 ـ 43 .
(6) ينظر : دليل الناقد الأدبي : 70 ـ 71 . محاولة في أصل اللغات ، جان جاك روسو ، ت : محمد محجوب : 42 ـ 44 .
(7) ينظر : العمى والبصيرة ، ت : سعيد الغانمي : 185 ، 217 .
(8) مواقع . حوارات مع دريدا : 44 .
(9) ينظر : التفكيكية : زيما ، ت : أسامة الحاج : 13 ـ 16 .
(10) ينظر : المصدر نفسه : 31 ـ 32 .
(11) See : Ghostly Dewarcations : Asymposium on Jacques Derride’s “ Specters of Marx” , M. Sprinker : ( Internet ) .
(12) إدعى ريتشارد هولاند أنّ منهج ما بعد البنيوية يؤمن بالحقيقة الفلسفية المطلقة التي تعني الغيب ، لكنه لم يقدم أي دليل على ذلك ، والحقيقة أنّ ما بعد البنيوية ممثلة بدريدا كانت من المسهمين في تغييب هذه الحقيقة ، ينظر : Superstructuralism : 185 .
(13) أطياف ماركس ، ت : منذر عياشي : 102 .
(14) ينظر : المصدر نفسه : 116 ـ 117 .
(15) المصدر نفسه : 177 .
(16) ينظر : الكتابة والاختلاف : 112 ، 120 .
(17) ينظر : التفكيكية : 63 ـ 64 .
(18) ينظر : نيتشه فيلسوف العلمانية الأكبر ، عبد الوهاب المسيري ، مجلة أوراق فلسفية ، العدد 1 لسنة 2000 : 95 ، 97 .
(19) ينظر : التفكيكية ، نورس : 63 ـ 64 .
(20) المصدر نفسه : 87 .
(21) نيتشه . فيلسوف العلمانية الأكبر : 112 .
(22) See : On Deconstruction : 98 – 99 .
(23) التفكيكية : 38 .
(24) ينظر : جاك دريدا ، كيلر ، في كتاب : البنيوية وما بعدها ، تحرير : جان ستروك : 220 ـ 221 .
(25) الحداثة وما بعد الحداثة : 33 .
(26) See : Superstructuralism : 125 – 126 .
(27) Ibid : 127 .
(28) ينظر : مواقع . حوارات مع جاك دريدا : 33 ـ 34 .
(29) See : Deconstruction , Some Assumptions , John Lye : ( Internet ) .
(30) التفكيكية ، نورس : 126 . وينظر : مدخل لفلسفة جاك دريدا : 124 ـ 125 .
(31) المصدر نفسه : 127 .
(32) ينظر : الكتابة والاختلاف : 49 ـ 50 .
(33) ينظر : المصدر نفسه : 47 ، 58 . ومدخل إلى فلسفة جاك دريدا : 33 ـ 34 .
(34) مقابلة مع دريدا ، ت : هاشم صالح ، مجلة العرب والفكر العالمي ، العدد 6 لسنة 1989 : 152 .
(35) ينظر : الكتابة والاختلاف : 47 ، 121 .
(36) ما هي الفلسفة ، هيدجر ، ت: مركز الإنماء ، مجلة العرب والفكر العالمي ، العدد 4 لسنة 1998 : 24.
(37) ينظر : التفكيكية : 25 ـ 26 .