تراتيل للغد الآتي ـ د. محمد وليد

عبد الله الطنطاوي

الشاعر الدكتور محمد وليد في ديوانه

(تراتيل للغد الآتي)

بقلم: عبد الله الطنطاوي             د. محمد وليد

تمهيد:

بعد رحيل عمالقة الشعر العربي في عصرنا: (بدوي الجبل، وعمر أبي ريشة، ومحمود حسن إسماعيل، وعمر بهاء الدين الأميري، وبدر شاكر السيّاب، ومحمد المجذوب، ونزار قباني) وبعد توقّف الشاعرة الكبيرة المبدعة نازك الملائكة عن قول الشعر، وبعد تقدُّم شعراء الحداثة الغرباء عن قيمنا الفكرية وعن قيمنا التعبيرية، ما عدنا نقرأ من الشعر (الشعر) إلا قصيدة هنا وقصيدة هناك، فقد قلَّ المبدعون وتوزعتهم تيارات الحياة، وشتت بعضهم مواهبه بين القصة والشعر والفكر فتراجع شعرهم إلا قليلاً منهم، ومن هذا النفر الكريم القليل من الشعراء صاحب هذا الديوان الذي سوف نطالع فيه شعراً حقيقياً، ولا عجب، فالدكتور محمد وليد شاعر أصيل، استمدّ شاعريته من رهافة الأحاسيس التي حباه الله بها ومن جمال طبيعة اللاذقية التي وُلد فيها ونشأ وترعرع، ومن الذوق الرفيع الذي فطره الله عليه ثم نمّى موهبته من تلاوته لكتاب الله العزيز وانكبابه على شعر الشعراء الفحول الذين شكّلوا بقصائدهم البليغة ديوان العرب، كما نمّاها كونه ابن هذه الحياة عانى، وما يزال، من حلوها ومرّها، ففجّرت معاناته ينابيع الشاعرية في نفسه التي آدها ظلم الإنسان للإنسان، فراح يحيا آلامها وأحزانها وآمالها، ثم يترجم عما يلقى فيها من الألاقي.

أحزان وإيمان:

وشاعرنا في تنوّر الأحزان ينضج عواطفه، لما أصاب أمته من هوان، بعد أن كانت خير أمة أخرجت للناس.. إنه متفجع للفوارق الهائلة بين أمته وبين الأمم الأخرى، صارت إمّعة من الإمّعات الخانعين فهوت من ذرى المجد.. هُنَّا على الناس.. فُتنّا بالغرب وبالشرق.. إذا أمرونا بأن نشرك بالله، أشرك بعضنا، وأقاموا الأنصاب والأصنام.. ومجّدوها وطافوا حولها.. ركعنا للظالمين وخضعنا.. رأينا أوطاننا تباع وتضيع فسكتنا.. وما ذلك إلا لما أصابنا من وهن.. من حب الدنيا ومتارفها، فلبسنا غيرما نصنع، وركبنا غير ما نصنع، وأكلنا غير ما نزرع، وكنا تبعاً للآخرين، فتقدموا وتأخرنا، بل قعدنا نطعم ونكتسي، ولا نلقي بالاً لمجد.. وكأننا لسنا أهلاً لمجد، ولا كنّا يوماً أصحاب مجد.

ولكن وبرغم كل الأحزان الناجمة عن المآسي والكوارث يبقى شاعرنا شامخاً بأحزانه، شامخاً بإيمانه.. بالله الذي لن ينساه ولن ينسى إخوانه:

لقد قالوا..

بأن الظالم الملعون قد أفنى سرايانا..

وما علموا..

بأن الله باقٍ ليس ينسانا

ودين الله باقٍ شاهد أنّا..

غذوناه ضحايانا...

وقدَّمنا له القربان أرواحاً وأبدانا...

أرأيتم إلى هذه الصورة البديعة؟ غذونا ديننا بضحايانا.. على الرغم ممّا فيها من شعور شجيّ فاجع، ولكنه شعور ملهم، شعور يلهب المشاعر، ويحرّك الكوامن، ويغذو أرواح المستضعفين.

والطغاة الذين مردوا على الإجرام كانوا وما زالوا مبعث أحزان الشاعر، وأحزان كل ذوي النفوس الحرّة الأبيّة.. ولنتأمل معاً هذا الرمز الواضح من خلال الصور الحيّة الموحية في "السفينة والطوفان":

الليلُ صار كُلُّه عُيونْ..

تُطاردُ الأحلام في الجفون..

أشباحه عقارب تدبّ في سكون..

زعانف تلاحق الأفكار وهي تعبر الظنون

فتبعث الضوضاء في سكينة القمر..

فالليل وعيونه وأشباحه وزعانفه من جهة، والأحلام والأفكار والقمر من جهة.. مصدر قلق نفسي وإثارة شعورية مضنية.. والشهداء الذين قضوا نحبهم وهم في عنفوان الشباب في سبيل عقيدتهم ومن أجل تخليص شعبهم من أوضار الظالمين، لترتفع هامات المستضعفين، وتستقيم قاماتهم التي طالما حملت من الأعباء ما آدها، ومن المظالم ما كسر ظهورها.. هؤلاء الشهداء هم مصدر من مصادر عزّته وأحزانه الكثيرة، تراه وهو في عز شكواه متمسكاً بإيمانه، معتمداً على ربه:

لـكنني والـهمُّ يـحزبـني     ما خانني  الإيمان والرشد

ما خاب دون الخلق  معتمدي     إنـي على الخلاق أعتمد

حتى وهو في أوج أزمته النفسية لما يرى في دياره من آلام وأتراح، تراه يدافع القنوط عن ساحة الضمير المؤمن {ومن يقنطُ من رحمةِ ربهِ إلا الضالون}، وهو شاعر مؤمن:

غير أني وسياط القهر في روحي وقلبي..

لست بالقانط من رحمة ربي

إن وعد الله بالتمكين لاح..

إنني أرقب فرسان الصباح

وهي تسري في الدنى

تصهل من قلب الجراح

وأرى عبر البطاح

شجر الغرقد ينمو

فيميد النخل والزيتون والعرض المباح

وينادوني إلى حمل السلاح

وليس إلى اليأس، وهو يشهد زمن العلو الثاني المرموز له بشجر الغرقد، شجر اليهود:

وجيش محمد سيعود في عز وفي غلب

وإن الغرقد الملعون مقطوع بلا نسب

وإن السامري سيوقد النيران فوق مفاوز العرب

ويمضي مثلما ولَّت

جميع كتائب الإفرنج من حقب

ويبقى تائهاً في الأرض

يعبد عجله الذهبي

أحزان شاعرنا إذن إيجابية، وتدين المواقف السلبية والاستسلامية.. إنها تدعوه إلى العمل.. إلى الكفاح.. إلى حمل السلاح.. فكبرياء الجرح، كبرياء الإيمان، كبرياء الحق.. تدعونا إلى الجد، لأن الأمة المجاهدة لا تعرف إلا الجد سبيلاً إلى المجد.. هذا ما يراه وهو يجوب آفاق هذه الدنيا، ويشاهد مآسي المسلمين.

ومن مدريد إلى البوسنة والهرسك، إلى أفغانستان، إلى الجزائر، إلى تغييب الشعوب في عوالم القهر والإذلال.

الحنين إلى الديار:

في قصيدته "لماذا هجرت بلادك" يوضح الشاعر سبب مغادرته بلاده:

أنا ما هجرتك يا موطني

فهجرك في ملتي مستحيل

أنا ما هجرتك حرا

ولكن هجرت الجراد بأرضك يغتال فيك الحقول

هجرت الغرابين تختال مرتاحة

وفوق رباك تموت البلابل كل الفصول

فهجرة الشاعر قسرية وليست إرادية، ولهذا فإن حنينه إليها في توهج، وتصميمه على العودة لا يُدافَع.. إنه مصمم ومتفائل:

سأرجع يوماً إليك

وأهجع في مقلتيك

سأرجع أحمل نور حروفي

وقلبي إليك الدليل

وأبذر فيك ضيائي وشمسي

وأحيا بظلٍّ ظليل

وفي قصيدته "حنين" شوق عارم للوطن الحبيب:

حـنَّ الغريبُ وحنَّـتِ  البلدُ    إلفان بينهما الهوى.. كبدُ

في النفس فيض من لواعجها    والقـلب بـالأشواق يتقد

كـم كان يلقاني بها ( بردى)    إذ رحت بين الدوح أبترد

فيـنبئني الشـكوى  يعاتبني    وأبـثُّه حـزني وما أجد

وبعد هذه الشكوى وذلك العتاب والحزن والوجد يهتف الشاعر في التياع:

يا زهر.. يا أنسام.. يـا بلد     يا حبُّ .. يا أشواق يا كمدُ

هـل تـرجع الأيام فرحتنا؟    والـدهر يوفينا الـذي يعد؟

في ( اللاذقية).. في مرابعها    حيث الحمى والأهل والولد؟

وبتذكر الأحبة فيها، والاصطياف في (سلمى) وجنّتها ورياضها، ولا ينسى الشطآن اللازوردية في اللاذقية عروس الساحل السوري الخلاب.. لنتأمل هذا البث الحزين:

يـا لاذقية أين مدرستي ؟    أيـن الطفولة ما لها أمد؟

أين الرفاق بها وما لعبوا؟     أين الأناشيد التي نشدوا؟

أين الطباشير التي كسروا؟    أين التلاوين  التي فقدوا؟

أيـن الحكايات التي نقلوا؟    أين المواعيد التي وعدوا؟

يتلاكمون إذا هم غضبوا ؟    وتعـود وحدتهم إذا سعدوا

ألا تذكرك بالقصيدة الفريدة في بابها.. قصيدة (أب) لأستاذنا الشاعر الراحل "عمر بهاء الدين الأميري" ثم:

يـا لاذقـية.. يا معذبتي   تهفو إليك الروح والكبد

ما كنت أحسبني مفارقها    أو أن إسلامي سيضطهد

وتحس في (شوق وحرقة) باختناق الشاعر كلما ذكر وطنه:

فمتى أعود إليك يا وطني؟    وتعود لي روحي فأنطلق؟

إنه مقيّد فقد روحه في فقدان وطنه ولن ينطلق إلا بالعودة إليه:

إني لأذكر موطني ولهاً   في غربتي فأكاد أختنق

والشاعر يبدئ ويعيد في هذه المعاني المشفوعة بالعواطف الجيّاشة، والمشاعر المستجاشة في أكثر قصائده ولكن بأساليب متباينة ولكنها متعانقة، وما ذلك إلا لتملُّك حب الوطن من قلبه ومن روحه:

المسك ملء رباك  والعبق    والنور ملء ثراك والألق

شط المزار إليك وانقطعت    بـالسالكين لحبك الطرق

إن حب الوطن يسري في عروقه.. والحنين إليه ملء جوانحه، ولنستمع إلى هذه النفثات المحرقة وهو يناجي وطنه الحبيب:

يـا واهـب الأيام بـهجتها    إن غـالها التسهيد والرهقُ

في كل ركن من ثراك هوى    فـي خافقي ما زال يحترق

قـد مرّت الأيام  تسرع بي    والسهد فـي عينيَّ والأرق

وانصـبَّتِ الأحزان مترعة    في القلب فهو بدمعه شَرِقُ

فمتى أعـود إليك يا وطني    وتـعود لي روحي فأنطلق؟

عالمية المسلم:

شاعرنا محمد وليد ملتزم بهذا الدين، ولهذا الدين آفاقه المتراحبة، وآماده الأزلية، فلا يحسبنَّ طاغية أنه يستطيع استئصال شجرة الإسلام ببتر أغصانها أو تقطيع بعض جذورها لأنها دوحة أصلها ثابت وفرعها في السماء، يتفيأ ظلالها المسلمون في سائر أرجاء المعمورة من بلاد الشام إلى الأندلس إلى شنقيط إلى السودان، إلى كابول إلى لاهور إلى أرض الحجاز إلى بلاد الرافدين ونَجْد حتى السند وأوروبا، ومن الصين إلى الدانوب.

وشهداؤنا الذين ضحوا في سبيل هذا الدين يلهمون الأجيال من أحمد عرفان الشهيد في الهند إلى جعفر الطيار في مؤتة.. ولهذا نرى الشاعر يجوب بحسّه وأحاسيسه جِواء العروبة والإسلام فيرى الجرائم تُرتكب هنا وهناك.. في فلسطين وكشمير وفي أفغانستان والبوسنة والصومال، يرى أدعياء بني إسرائيل يكسرون عظام الفتيان، ينهبون الحِمى، يشردون الآباء والأبناء، يعذبون الأطفال، يهدمون المساجد، والمنازل، يقصفون العمارات والمستشفيات، يجرفون التربة، يحرقون المزارع، والعرب والمسلمون (يتفرجون) على هذه التراجيديا الإنسانية بعيون ناشفة وأعصاب متيبسة كأنهم في حفلة تمثيل يتفرجون وهم ينعمون بأطايب الطعام ولذائذ الشراب، وكأنَّ الأمر لا يعنيهم.. يعبر الشاعر عن مأساة الحسّ البليد هذا عبر مجموعة من الصور المتلاحقة المتعانقة المتشحة بأحزانه المتغلغلة في حنايا موسيقاه الحزينة الثائرة:

الليل غطى الكون في بحر السكون

والبدر غاب عن العيون

والوحش يفغر فاه يفترس الأماني والظنون

أطفالنا سحقت.. وأنتم فوق ألوان الموائد تنعمون

بالله يا أهل الحمية كيف أنتم تصبرون؟

تتفرجون على اليهود يقطعون لحومنا

فتحوقلون وتسكتون

فإلى متى تتفرجون؟

إلى متى تتفرجون؟

إنها نغمات هادرة تعبر عن نفس ثائرة على أوضاع جائرة.

بين الأصالة والتجديد:

الدكتور محمد وليد طبيب، وطبيب عيون ماهر، وبين الطب والأدب وشائج إنسانية، ولكليهما وظائف إنسانية:

خـلـق القلب أديـبا     لـم يكن يـوماً طبيبا

غـيـر أن الله  لـمّا     قـسم الطـبّ نصيبا

جعل الراحة في القلب     فـألـفـاه.. مـجيبا

عـشق الشعرَ  فؤادي     فـاكتوى الجمر لهيبا

وتـراه والهوى ألبسه     بُــرداً قـشـيـبا

يـحـمد الطب  ولكن    يـعشق الشعر الحبيبا

وهذا الشاعر الأديب الطبيب قد درس الشعر والأدب، كما درس الطب، وعرف أنماطاً أدبية كما عرف أنماطاً طبية.. ويبقى الشاعر هو الشاعر، ويبقى الشعر هو الشعر، وسواء أجاء على الأبحر الخليلية أم تنكّبها وجاء على الأوزان الحديثة، أوزان شعر التفعيلة، فالذي يجيد هناك يجيد هنا، ونازك والسيّاب ومحمود حسن إسماعيل ونزار شُهودٌ على صحة ما نقول، والناكب العي يبقى دعياً هنا وهناك، ولقد تنقَّل شاعرنا الموهوب بين العمود والشعر الحديث، شعر التفعيلة، في أصالة وتجويد وتجديد، تشهد بالشاعرية له، فهو في شعره العمودي –إذا تجوَّزنا في الاصطلاح- شاعر، وليس ناظماً كأولئك الذين يصفُّون التفعيلات إلى جانب القوافي وحروف الروي، بلا وحدة متلاحمة الأوصال والوشائج، وبلا معاني شعرية، ولا صور ولا موسيقى، كالكثير مما نقرؤه في هذه الأيام –وقبل هذه الأيام- لشعراء حسبناهم كباراً ولم يكونوا كذلك، وكذلك الأمر عندما يلجأ الشاعر إلى شعر التفعيلة فإنه يبقى ذلك الشاعر المجيد، وقد ذكرنا نماذج من كلا النمطين من الشعر، المتقاربين في الأسلوب.

في (شوق وحرقة) اعتمد حرف القاف للروي فجاء متسقاً مع ألفاظ القصيدة، متناسقاً مع المشاعر، مشاعر الاختناق والاحتراق (أختنق، تصطفق، الغسق، القلق، الحرق، المزق، الرهق، الأرق، الشرق..).

ثم ما آسى هذه القافية بحرف رويها (نا) وما آسرها، وشدة تأثيرها وتأثير موسيقاها على النفوس المضعضعة.. ضعضعها تآمر الأباعد وخذلان الأقارب وضعف الإمكانات وقلة الحيلة في مواجهة المخططات الرهيبة التي يسهر عليها حاقدون مختصون:

لقد قالوا

بأن الظالم الملعون قد أفنى سرايانا

وهدَّم في ظلام الليل

آخر مسجد تعلو مآذنه بنجوانا

وتيمور يقيم اليوم أهراماً من الهامات تنتثر

وأنَّ بلادنا خربت

فلا بيت ولا حجر

وأن العنكبوت ارتاح في أرجاء دنيانا

وقام يوقّع الأنغام ألحانا

ليشرب نخب موتانا

وأخيلة الشاعر ساعدت على دفق المشاعر وتألق المعاني التي توصوص من خلال الصور المتلفعة بها في تناسق يجعل من القصيدة لوحة:

وما علموا.. بأنّا في ضمير الكون محفور مُحيّانا

وأن نشيدنا يسري

كما يسري ضياء الشمس نشوانا

وأنَّ البرق يلمع من لهيب النار في أحداق قتلانا

وفي (حوار مع فرعون) مجموعة من الصور التي تشكّل لوحة أخرى من المشاعر الحزينة المنسابة عبر ألفاظ وقواف وحروف روي متساندة:

دموع القلب قد هطلت

كأحزان بتشرين

وأنوار الربى رحلت

وأسراب الحساسين

وغادر عطره الريحان

صار الورد قرباناً كآلاف القرابين

وأشرع سيفه الجلاد

يقطع كل أزهار البساتين

وماج القبر في الفلوات يزخر بالمساجين

وذا فرعون يرميني

بساطور وسكين

وهكذا تتوالى الصور في تلاؤم واتساق يشدّ بعضها أزر بعض، تؤدي كل صورة وظيفتها، وتنهض بدورها للتعبير عن التجربة الشعورية التي يمر في أتونها الشاعر.

وهكذا يبين لنا مما تقدّم من نماذج شعرية، الفن الأصيل الذي ظهر في وحدة القصيدة وحدة عضوية متلاحمة، كما بدت لنا رصانة الأسلوب، وحلاوة الكلمات التي انتظمت في جمل وعبارات لا تَكَلُّف فيها، ولا تعمُّل ولا غموض ولا تعقيد، بل فيها سلاسة وعذوبة ووضوح متألق، لأنها مستمدة من الأساليب العربية الفصيحة، من القرآن المعجز، ومن أساليب الفصحاء الذين لم يعرفوا للعبثية معنى، كما لم يعرف الشاعر سوى الإحساس السليم العميق الرقيق الذي قاده إلى اختيار المعاني الشريفة، تعبق بها الكلمات الشريفة التي شكلت معجم الشاعر، وهي كلمات شاعرة تعاونت مع الصور والموسيقى في التسلل إلى نفس القارئ بهدوء لتفعل فعلها فيها، وتكسبها إلى صفها، فكراً وشعوراً وموقفاً.