رواية الخطّ الأخضر والرّاوي الخارجيّ العليم
تأخذ رواية الخط الأخضر للكاتبة رولا خالد غانم، والصادرة عام 2015 عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس، رمزا وواقعا للتّقسيم الظّالم الذي وجد في غفلة من الزّمن والاستعداد وتقدير حجم المؤامرة الدّوليّة لترسم من خلال معاناة أسرة تقيم في باقة الغربيّة وأقاربها في باقة الشّرقيّة ودير الغصون واقع المأساة الفلسطينيّة.
الخط الأخضر وهو يحمل عكس دلالة المسمّى - جاء على الغلاف باللون الأحمر لما يرمز إليه اللون - حمل معه معاناة أخرى لا تقل أهمّيّة عن القضيّة السّياسيّة وهي قضيّة اجتماعيّة ثقافيّة تتعلق بواقع حياة المرأة في المجتمع.
تنتصر الكاتبة لحرّيّة الأنثى في اختيارها المسؤول لمن تحب وترتبط وتعرّج على سلبيّة الرجل الذي لا يخلص لحبّه كما تخلص الأنثى.
حملت الرّواية حشدا من الأمثال الشّعبيّة التي جاءت داعمة للحوار والفكر الذي يقدّمه المتحدّث ذكرا كان أم أنثى، وتقدّم رأي الجيل الشّابّ بتلك الأمثال التي تظلم أحيانا أكثر مما تخدم.وحفلت الأحداث بعدد من الأغاني الشّعبيّة التي تثري النّصّ وتوضّح بيئته الثّقافيّة مسندة بهذا اللغة الحواريّة المحلّيّة بنكهتها الخاصّة.
وفي الإشارات الفنّيّة تعليقا على رواية الخطّ الأخضر يمكن نقاش مدى واقعيّة إلحاق ابن الرّابعة عشرة بالخدمة العسكريّة لجيش نظاميّ.
ثم هذا التفصيل الدقيق في الحدث بلغة الرّاوي الخارجيّ العليم الذي يقدّم ويروي ويعرّف بالنّاس والأماكن. وتلك الشّخصيّات التي تظهر فجأة.
وهذا التّبرير لوجودها أو غيابها متأثّر بأسلوب الحكاية الشّعبيّة ذات الشّخصيّات المتعدّدة التي تظهر لمرة واحدة، وهي تحمل مبرر وجودها غير المقنع فنّيّا بقدر خدمته للحدث الذي يريده الرّاوي.
لقد كتبت الكاتبة رولا غانم رواية اجتماعيّة- سياسيّة وهي تمسك بشخصيّاتها وأحداثها وتراقبها وتسيّرها بإطلالة الرّاوي كليّ العلم من عل، فلم تدعها تنمو وتتحرّك بحرّيتها بل أسقطت آراءها عليها، وراحت تتعجّل الحدث، فنراها تخبرنا بأنّ فلانة تزوّجت وأنجبت، أمّا فلانة فحصل معها كذا وكذا.
كنت أرغب لو راجعت صديقتنا رولا ما خطّطت له من أحداث؛ لتخرج أكثر نضجا فنّيّا على مستوى اللغة والحدث والحوار والتّاريخ والتّعليق السّيّاسي والوصف.
وسوم: العدد 646