قراءة نقدية في كتاب يرويكا
كتاب يوريكا رسائل عاشقة
كنت قبل بضعة أيام قد قرأت منشورا في صفحة الشاعر الرقيق محمد ناني فيه دعوة لحضور احتفائية توقيع رواية الكاتب الشاب علاء العقربي (( يوريكا)) ، وكما يقول إخوتنا المصريون ، ماكدبتش خبر ، وذهبت إلى مكتبة مسواط لحضور الفعالية ، فجميل أن تحضر نشاطا ثقافيا تحييه مجموعة شابة لروائي شاب . لم أكن حينها قد قرأت الرواية ، فوجدتني آذاناً صاغية إلى تقديم الأديب الشاعر عبدالعزيز بن بريك ، لكنه ربما أشفق على الحضور ، فكان تقديمه مقتضبا جدا ، وما أشبع شغفي لمعرفة مكنوناتها ، وكان المتحدث الثاني عنها الفنان التشكيلي علي محمد يحي الذي أنفق قرابة الساعة إلا ربع في الحديث عن الرواية ، وماتحدث عنها بشيء ، فكان حديثه يدور حواليها لاعليها ، كالراعي يحوم حول الحمى ، وليته يواقعه ، لقد حدثنا عن المونولوج والديالوج ، وعن السوريالية وسلفادور دالي ، وعن هوميروس والإلياذة والأوديسة ، وعن حصان طروادة وهيلانة .. وعن . وعن .. ونسي الحديث عن الرواية ذاتها ، غير أنه راح يكيل المديح للروائي وللرواية إلى درجة أنه - أعني المتحدث الثاني – منح علاء العقربي كاتب الكتاب شهادة منه بتفوقه على عديد من الروائيين اليمنيين ، لاسيما في عدن حد رأيه ، فكان حديثه ذاك حافزا لي لشراء الرواية وقراءتها للتعرف على صاحب هذا الإبداع الجميل . يوريكا .. كتاب نثري حمل بين جوانبه فنا أدبيا رائعا ، وهو يضم بين جنباته جنسا أدبيا عُرف بأدب الرسائل ، ولعل أبسط تعريف لأدب الرسائل ، هو ما سأنقله عن د. محمد العوين : (( نص نثري سهل ، يوجه إلى إنسان مخصوص ويمكن أن يكون الخطاب فيها عاما ، فهي صياغة وجدانية حانية مؤنسة ، وفي عتاب رقيق يظهر النجوى أو الشكوى ، ويبوح بما في الوجدان من أحاسيس وأشجان ، وتتوارد الخواطر فيه بلا ترتيب ولا انتظام ، لتغدو الرسالة إن قصرت أو طالت قطعة فنية مؤثرة دافعة إلى استجابة المشاعر لها ، وقبولها ما باحت به )). ولقد حوى الأدب العربي كثيرا من هذه الرسائل التي جمعها عدد غير قليل من الأدباء المهتمين ..وفي عصرنا الحديث كانت هناك رسائل الرافعي ، مي زيادة وجبران ، غسان كنفاني وغادة السمان ، وعدد غير قليل مما حوته مكتبتنا العربية .
نعم ، قرأت الكتاب من الغلاف إلى الغلاف ، وكان كتابا آسرا في سحر أسلوبه، وجمال عباراته ، فلا يتسرب الملل إلى نفس قارئه ، وأكاد أجزم أنه لايدع الكتاب دون أن يصل إلى خاتمته ، لكن الكتاب رغم كل ذاك الجمال المنسكب لم يكن رواية على الإطلاق ،
من حق القارىء أن يتساءل لَمَ نحيتها جانبا عن الأدب الروائي ، والجواب ببساطة هو أن الرواية جنس ادبي يروي لنا الراوي من خلاله أحداثا حصلت هنا أو هناك ، في زمن ما أو أزمان متعددة ، قام بها أشخاص هم أبطال الرواية . وللرواية حبكتها وعقدتها وحواراتها ، ولقد كانت هذه العناصر مفقودة تماما في الكتاب يوريكا ، ولهذا فإنني استطيع أن أقرر ، وأنا مطمئن كل الإطمئنان ، أن يوريكا كانت كتاب رسائل أدبية من الطراز الأول ، وهو شهادة ميلاد أديب موعود يمكن أن يكون له اسم في مقبل السنوات إن استمر على مثابرته . وإذا قُدّر لهذا الكتاب أن تعاد طباعته للمرة الثانية بعد نفاد نسخ الطبعة الأولى ، فإنني أتمنى على الشاب الجميل في أدبه بالمعنين ، أن يحذف كلمة رواية من صفحة الغلاف ، وأن يكتب تحت اسم الرواية بين قوسين ( رسائلُ عاشقةٌ ) . أما الأمنية الثانية فهي رجاء تخلّصهِ من المقطوعات الشعرية التي تناثرت بين ثنايا الكتاب ، فلقد جاءت عامل ضعف لاقوة كما أراد لها علاء ، إذ النثر كان من الجمال بحيث طغى نوره الأخاذ على بعض نور حوته .
الأمنية الثالثة أن يبتعد عن التجسيد في وصف علاقته بحبيبته ، فلقد كان التجريد حاملا زخات من ألق روحاني يسمو بالقارىء إلى عوالم من الطهارة فريدة ، وكان التجسيد يهبط به إلى سفوح بعدت كثيرا عن القمم السامقة التي وصل إليها . أما الأمنية الرابعة ، وأعتذر للإطالة ، فهي مراجعة الكتاب لغويا مرة أخرى ، فقد حمل من الأخطاء النحوية والإملائية مايربو على السبعين خطأً حسب ما أحصيته ، ولعل المراجع اللغوي قد فاتته هذه الأخطاء بسبب ضيق الوقت ، هكذا أحسب والله أعلم .
نماذج من الأخطاء الواردة .
رقم الصفحة الخطأ التصحيح السبب 13 المغمورون المغمورين نعت لكلمة البشرِ المكسورة بالإضافة 18 وأكون منك وأكن منك مجزوم بلم وعلامة الجزم حذف الواو 27 لاتتحاشي لاتتحاشين لا هنا نافية وليست ناهية فلا تجزم الفعل 33 جنوني جنونيا خبر يكون منصوب 36 تحت جفنا تحت جفني جفني مضاف إليه مجرور 39 عنواناً عنوانٌ اسم كان مرفوع 44 لاتشبهُ لاتشوبه لا نافية وليست ناهية فلا تجزم الفعل 59 والرياضيون والرياضيين معطوف على السياسي المجرور بالكاف 71 شاباً يافع شابٌ يافع فاعل مرفوع 77 كالقلة الصادقون كالقلة الصادقين مضاف إليه مجرور 78 لأنهن مشروعاً تكميلياً لأنهن مشروعٌ تكميليٌ خبر لأن مرفوع
أكتفي بهذا القدر من الأخطاء .. كتدليل على صدق ما أقول . مرة أخرى أكرر ، كان الكتاب رائعاً ومشرّفاً ويحمل قدراً كبيرا وكثيرا من الجمال .. شكرا لك الكاتب علاء العقربي إذ أمتعتني وأمتعت الكثيرين .. شكرا لجمال روحك
وسوم: العدد 652