الطّائرة الورقيّة والحبكة القصصيّة
حبكة (بفتح الحاء) من حَبك حَبكا أي الشّدّ الوثيق، وحبك الشّيء- شدّه شدّا وثيقا. وفي المعجم الوجيز: أي أحكمه ويقال حَبَك الأمر أحسن تدبيره، والثوب ثنى طرفه وخاطه. وفي مختار الصحاح: عن ابن الأعرابي “أن كل شيء قد أحكمته وأحسنت عمله فقد حَبكته."
في قصّة الأطفال " الطّائرة الورقيّة" للكاتبة، رفيقة عثمان نلحظ بأنّ البناء الفنّي للقصّة بني على أساس السّببيّة، والنّتيجة، وعليه بنيت الحبكة، حيث أنّ سبب تطوّر الأحداث ونموّها كان سببها ادراك الطّلاب لمسبّبات تلويث البيئة؛ والنّتيجة، هي عمل الطّلاب من خلال الاقتراحات والتّشاور، وبالتّالي التّنفيذ، أي القيام بعمل مجسّمات من الأوراق والكرتون، بدل حرقها أو اتلافها.
نرى بانّ الحبكة في "الطّائرة الورقيّة" تعد هي المسار العام من البداية مرورا إلى الذروة ثم النهاية وتفكك العقدة.
حيث بدأت الكاتبة بنسج الأحداث بإيقاع مرتفع منذ البداية، ثمّ سارت بالأحداث بإيقاع طويل فيه المتعة والجمال.
اذ أنّ ملاحظة الأطفال لحرق الأوراق في ساحة المدرسة عملًا سلبيّا يحتاج إِلى حلِّ سريع جدا؛ من أجل انقاذ البيئة. ايقاع مرتفع تدرّج نحو الاستقرار، حيث انشغل الأولاد بالأعمال الفنّيّة المختلفة والالوان والزّينة.
بما أنّ عنصر التّشويق هو من أهمّ العناصر في الحدث القصصي، عمدت الكاتبة رفيقة بأن تشدّ القارئ -الطّفل - منذ البداية، وتثير اهتمامه كمتلق من خلال سريان روح نابضة بالحياة، وخاصّة العمل على النّاحية العاطفيّة. حيث استثارت الكاتبة خوف وقلق، وتلهّف الأولاد على أعمالهم الفنّية من خلال هبوب الرّياح القويّة، الّتي أطارت كلّ ما تعبوا عليه وأنجزوه معًا.
اعتمدت رفيقة عثمان في قصّتها الطّائرة الورقيّة على الشّخصيّات، وما ينشأ عنها من أفعال، وما يدور في صدورها من عواطف، ولا يجيء الحدث هنا لذاته، بل لتفسير الشخصيات التي تسيطر على الأحداث، حسب رغبتها، فمثلًا شخصيّة الطّفل علاء بدت لنا شخصيّة متحرّكة، ذكيّة تسعى للبحث عن الحلول دون تلكّؤ. فعندما تسلّق الشّجرة؛ من أجل انقاذ الطّائرة الورقيّة، انزلقت قدمه، وكاد أن يقع ممّا خلق الخوف والهلع عليه من قبل اصدقائه، وكأنّما الكاتبة لم تكتفِ بالأزمة الأولى، وهي هبوب الرّياح وتشتّت الأعمال الفنّيّة للطّلاب، بل أضافت إِليها أزمة أُخرى؛ من أجل التّشويق والاثارة، وهي أيضًا هنا عملت على إثارة النّاحية العاطفيّة عند المتلقّي.
ومن وظائف الحبكة أيضًا، إثارة الدّ هشة والغرابة في نفس القارئ، حيث نلتمس استغراب واندهاش الشّخصيّات بالأعمال والانجازات من خلال عمليّة التّدوير الّتي قاموا بها، مثل المدير والمعلّمة والآذِن، فهي من النّاحية الفنّيّة تنعكس بالضرورة على مشاعر القارئ.
وملخّصًا لما سبق نستنتج بأنّ الحبكة هي المجرى العامّ الّذي تجري فيه القصّة وتتسلسل بأحداثها على هيئة متنامية، متسارعة، ويتمّ هذا بتضافر عناصر القصّة جميعها.
وسوم: العدد 669