شعراء الفترة الراكدة (المظلمة )

موسوعة شعراء العربية

المجلد السابع - الجزء الاول

( 1 )

تمهـيـــــــــــــــــد

التتراوالمغول اقوام من اواسط اسيا ومن هضبة الصين وغربيها ومسكنهم الاصلي في مدن يأجوج ومأجوج في الصين او هكذا يخيل الي تجمعوا بقيادة ملكهم هولاكو حين ضاقت عليهم سبل العيش في بلادهم فغزوا العالم. يتميزون بوحشية عنيفة وحب للقتل والموت ويفرحهم رؤية الدماء تسيل والارواح تزهق بين ايديهم . قلوبهم قاسية قساوة الدهر عليهم فصبوا جام غضبهم وحقدهم على البشرية او هكذا وصفهم التاريخ .

قادهم هولاكو باتجاه الغرب فعاثوا في الارض فسادا وحل الفساد والقتل والدمار في البلاد اينما توجهوا . فنهبوا كل البلاد التي دخلوها من الهند الى مشارف البحرالمتوسط فقد دمروا البلاد وقتلوا العباد واكثروا فها الفساد .

فقد احتلوا كل الامارات والممالك بين بلادهم والبحرالمتوسط بما فيها خوارزم وسمرقند وبلاد ماوراء النهر وبلاد فارس والعراق والشام وكثير غيرها .

دخل المغول بغداد سنة 656 هجرية -1258 ميلادية وفي هذا العام دخلها الخراب فاحرقوا الاموال و الممتلكات والمؤن وعاثوا في البلاد فسادا قتلا وتجويعا ودمارا وقد وصف المؤرخون ذلك خير وصف ولاحاجة لذكر مافعلوه فانه كله كان في الاخبار مسطورا .

قيل ان من وحشيتهم احراق المكتبات والكتب ورميها في الانهر والشوارع والازقة وان دجلة بقيت سبعة اوعشرة ايا م تجري ماءا احمرا او اسودا لكثرة ما ألقي فيها من كتب ذابت احبارها وامتزجت بماء دجلة فتغيرت الوان ماء النهر بلون احبارالكتب . فاي وحشية هذه وكم من العلوم والاداب ذهبت وذابت فيها.

دامت الفترة المظلمة – كما يسميها المؤرخون- قرابة السبعة قرون من منتصف القرن السابع الهجري الى القرن الثالث بعد الالف هجرية .حكم البلاد العربية المغول والفرس الصفيون والاترا ك العثمانيون وشكلوا دويلات كثيرة تقاتلت فيما بينها وكان اهالي هذه البلاد واموالهم واحوالهم اصبحوا وقود هذه النار. فدمرت كل مالديهم من ممتلكات واموال واحرقت الحرث والنسل واشتد بالناس الفقر وغلب عليهم القحط وعمتهم المجاعة حتى قيل ان الناس اخذت تنبش المزابل للبحث عن لقيمة تسد بها الرمق فاكلوا حتى القطط والكلاب والحيوانات النافقة اوالميتة وبيعت الاعراض وهتكت جراء لقمة العيش .

وكتب التاريخ خير شاهد على ذلك .

وبهذا فقد تفرقت الدولة الاسلامية وانشأت حكومات محلية في كل بلد وكان الصراع عنيفا بينهم وظهرت النزعات القومية وظهرت الدولة العثمانية التركية في تركيا والدولة الصفوية في ايران وشرق البلاد الاسلامية . والبلاد العربية باتت في صراع مقيت بينهما وهذه كانت في صراع مقيت وطويل على حساب المذهبية والطائفية وكان العراق قد تحمل اشد ثقل هذا الصراع العنيف وفي كل معركة يكون ابناؤه واموالهم وقود هذه المعارك فمرة تكون الكفة الرابحة للصفويين ويكسبون المعركة فيدخلون بغداد ويعيثون فيها قتلا وتشريدا ومرة اخرى تكون للعثمانيين فيطردون الصفويين من بغداد ويعيثون قتلا وتشريدا بالشعب وهكذا كان العراق ساحة قتال للطرفين واصبحت البلاد تحت خط الفقر وانتشرت المجاعة والجهل وكثرت الامراض والاوبئة وهكذا في بقية البلاد العربية .

فاستيلاء التتار المغول على البلاد وجثمهم على رقاب الناس بعد ان اذاقوهم العذاب الشديد ,قيد هذا الاستيلاء السنتهم واسكتها و جمّد عقولهم و قرائحهم جمودا شديدا فلم ينبغ من الشعراء من يستحق الذكر في داخل مملكة التتار الا خارجها وخاصة في العراق والشام ومصر الا انه لا تخلو البلاد الاخرى من شعراء مجيدين وبالاجمال يمكن القول ان حالة الشعر اصابها الخمول او الجمود وان وجدت في شخصية معينة في بلد ما فقد اصبح الشعر صناعة لفظية .

من سمات هذا العصر ان اختلط الشعر بالادب وقلما ظهر شاعرالا جمع الشعر والادب لذا فقد أ لفت الكتب في الادب وجمع الشعر والحكم والمواعظ وحتى النكات وابتذلت الصناعة الشعرية وانتشرت بين الناس فتبارى الناس بينهم على قول الشعر المصنوع وحشرت الكلمات حشرا في قوالب الشعر وموازينه حتى اصبح الشعر يقال لقتل ساعات الفراغ وكثر الناظمون حتى من اصحاب الحرف والمهن الحرة كالنجارين والخياطين والدهانين والجزارين والعطارين وما اليهم اشبه بحركة الشعر هذا اليوم على الفيسبك يكتب به من هب ودب على انه شاعر . وعلى العموم كان الشعر كاسدا و ربما يقال للتسلية فقط . فاذا نبغ شاعر ممن يقولون الشعر الجيد فلا يجد آذانا صاغية اليه ولا يوجد من يشجعه او يسمعه من الخلفاء والامراء ليشحذ قريحته ويشده الى الشعر وقوله , ويرغبه فيه وعساه ان يهجر مهنته فان فعل مات جوعا . لذا يبقى في مهنته وسبيل عيشه اضافة الى قوله الشعر او نظمه الشعر واذا ظهر وان قرّب احد الخلفاء او الملوك او الامراء شاعرا فانهم يقربونه ليؤلف لهم الكتب في التاريخ اوالادب او العلوم الاسلامية وليست يقرب لشاعريته لذا فقد كسدت سوق الشعر وفست الطباع .

وفي هذا العصر ونتيجة للظروف القاسية التي المت بالشعراء فقد وجد ضرب من الشعر اقتضته تلك الظروف ونشأ من فساد اللغة الفصحى الذي استشرى نتيجة اختلاط اهل البلاد بالاعاجم فتولدت طبقة من الشعراء نستطيع ان نطلق عليهم ( المستعجمة ) قليلوا المعرفة باللغة العربية الفصحى فيعمدون لدخول الالفاظ العامية في شعرهم وخلو شعرهم من الاعراب .

ورعى عدد من ملوك الشام والعراق ومصر وماردين الشعراء فاصبح الشعر سوقه رائجة نوعما واتخذوه وسيلة للتسلية والتفكه وزينة للمجالس لان اغلبهم من اصول غير عربية فتقوضت مجالس الادب والشعر واصبح الناس غارقين في الجهل .

اما في المغرب العربي في تونس والجزائر والمغرب فقد اشتهرت طوائف من الشعراء يسمون قصائدهم ( الاصمعيات ) واهل مصر والشام يسمونها ( البدويات ) مثلا قول احدهم :

تقول فتاة الحي سعدى وهاضها 

لها في ظعون الباكين عويل

ايا سائلي عن قبر الزناتي خليفه 

خذ النعت منى لا تكون هبيل

وقد تولدت ضروب من الشعر كثير ة منها المربع والمخمس الذي يلتزم فيه القافية الرابعة في المربع والخامسة في المخمس والمواليا والزجل والسلسلة وكذلك ظهر ما يسمى عروض البلد وهو ضرب من الموشح كقول ابن عمير الاندلسي الذي هاجرالى المغرب وسكن مدينة (فاس) ونشر شعره فيه :

ابكاني بشاطي النهر نوح الحمام

على الغصن في البستان قرب الصباح

وكف السحر يمحوا مداد الظلام 

وماء الندى يجري بثغر الاقا ح

فاستحسنه اهل( فاس ) ونظموا على طريقته مع اغفال الاعراب 

او قواعد اللغة في نظمهم واختلفت الاسماء فيه مثل الكاري والملعبة والغزل ومن المزدوج قول شاعرهم ابن شجاع في هذا المجال وهو من فحول شعرائهم :

المال زينة الدنيا وعز النفوس

يبهي وجوهار ليس هي باهيا

فها كل هو كثير الفلو س

ولوه الكلا م والرتب العالية

وهذ النظم كثير الشبه بنظم العامة في الشام ومنها انتقل الى مصر ويقال له (المواليا ) ومنها ايضا : القوما والكان كان والسلسلة وغيره من الاسماء الاخرى و من الدوبيت قول الشاعر:

طرقت باب الخبا قالت من الطارق

فقلت مفتون لا ناهب ولا سارق

تبسمت لاح لي من ثغرها بارق 

رجعت حيران في بحر ادمعي غارق

وكذلك ظهر التاريخ الشعري وهو ضبط تاريخ معين لواقعة او حادثة معينة يريد الشاعر ان يثبت تاريخها وخاصة في القرون المتاخرة من هذا العصر واستمر في العهد العثماني ايضا وكثر, وهو اتخاذ من حساب الجمل والحروف اساسا في قيمة هذه الحروف الحسابية اذ وضع السريان والعبريون لحروفهم اقياما حسابية وكذلك شاع ايضا في العربية وضع اقيام للحروف العربية ونتيجة جمع هذه الحروف يظهر التاريخ المطلوب وهذا ما استخد مه اهل الحسا ب في صدرالاسلام في الدول المجاورة كانوا يستخدمون الحروف العبرية ويرمزون لكل حرف عدد معينا وهو ما استخدمه المنجمون بكثره . ولإيضاح ذلك ومافعله العرافون في هذه الفترة , فان حرف الهمزة او الالف اثبتوا له قيمة حسابية \ 1 والباء \2 والتاء\3 وهكذا في احتساب حساب الجمل الصغير . اما في حساب الجمل الكبير فيرمز لحرف الالف او الهمزة قيمة حسابية \10 والباب \20 والتاء \ 30 حتى الى وصلوا الى حرف الراء اثبتو له قيمة \100 والزاي \200 وهكذا وهذا ما استخدمه اصحاب علم التنجيم والحظ والابراج والسحرة وغيرهم .

ولايزال لحد هذا التاريخ موجودا فاذا ا راد المرء ان يعرف برجه ولا يعرف تاريخ ميلاده فما عليه الا ان يقيد اسمه واسم امه واحتساب قيمة احرفهما جمعا ثم يقسم مجموع قيمة هذه الحروف على \ 12 والباقي من خارج القسمة هو برجه . واعتذران خرجت عن الموضوع قليلا فقد اضفته للتسلية او الاستراحة .

يتبــــــــــــــــــــــــــع

اميرالبيــــــــــــــان العربي

د فالح نصيف الحجية الكيلاني

العراق- ديالى - بلــــــــدروز

وسوم: العدد 701