مهداه إلى الصحفي الفلسطيني الجريح/عماد غانم

مهداه إلى الصحفي الفلسطيني الجريح/عماد غانم

عماد... أيها الشاب الطموح أنتَ أقوى من كل الجروح

هنادي نصر الله

[email protected]

ما الذي جرى أتجلسُ على كرسيٍ متحرك بعد أن كنتَ تحركُ مشاعرنا وأحاسيسنا من خلال كاميرتك التي تأبى مفارقتكَ في كل أمور حياك؟!

أتصبحُ فاقدَ للحركة رهينًا لكرسيٍ متحرك...قد يعرقلُ بعض أعمالك ومشاريعك لكنه لن يفلح في إلغائها أو ثنيكَ عن إكمالها فأنت الطموح صاحب الأفق الواسع والقلب الجريء... 

"عماد"باللهِ عليك ..قل لي ماذا جرى لكَ ...أخبرني ...لا تدع الحيرة تقتلني والحسرة تذبحني....هذا ليس حديثي وحدي... بل حديث أمك وأختك وأخوك وأبوك هو حديث الشعب بأسره تجاه شابٍ عشق القضية ودفع ثمن عشقه غاليًا ...هو بالطبع أنتَ يا عماد...فطوبى لك وأنت تلتحق بصفوف العمالقة الذين سيقودنا لا محالة إلى النصر والتحرير ...

كنتُ أراقبُ حركاتكَ وأنتَ تُحاول أن تنجو من رصاصات الإجرام القاتلة....وألاحظُ معها كبريائك وإصراركَ على البقاء في ميدان المعركة بالرغم من قسوتها وحدتها ....أخذتُ أتأمل أكثر في دقة الصورة ووضوحها التي تنقلها ليس لنا وحدنا بل للعالم أجمع؛ليرى بشاعة ما يقترفه (الجيش الذي لايُقهر)! بحقِ المدنيين والأبرياء في معسكر البريج الذي بُنيّ ليأوي من تشردوا وذاقوا ويلات الهجرة والغربة بعد نكبة عام 1948م، وتجرعوا كؤوسًا من الحرمان والفقر لاسيما بعد الحصار الجائر والمؤامرات التي ما انقطعتْ لحظةً عن شعبنا المجاهد....

"عماد"وما أجمل اسمكَ الذي سجلَ لفلسطين الحبيبة لوحةَ عزٍ وكبرياءٍ وعطاء منقطعة النظير بعدما صورتَ صمودها من خلال عدسةِ الكاميرا التي كانت بحوزتكَ....

"عماد"يا ذاكَ الشاب المعطاء الذي أبى إلا أن يتحركَ بإصرار إلى أرض المعركة ليرويها بنفسه مضحيًا بساقيه اللتان هانتا عليه ولم تهن عليه فلسطين الحبيبة....

طوبى لك"يا عماد" وأنت الشاب الطموح الذي يحلم بأن يفعل شيئًا لفلسطين وها أنتَ تُحققًُ طموحك سريعًا من خلالِ تقديمكِ مهرًا غالي وثمين جدًا ...

من يا "عماد"لم يُشاهدُك وأنت تصرخُ بأعلى صوتكِ ...بينما أقدامك تودعكَ إلى غير رجعة؟! من يا عماد لم يسمع صوتكَ الأبي وهو يتعالى على جراحِ جسدك النازفة قائلاً بشموخ الرجال وعزة الأبطال"نموت واقفين ولن نركع" ..؟! 

من لم يُشاهدك وأنت ترفع أصبع السبابة راضيًا بقضاء الله وقدره حيثُ لم يخطر في بالكَ وقتها إلا أن تكون قد أديتّ الأمانة على الوجه الأمثل والأكمل؛لتلقى ربكَ شهيدًا من أجل رفعة الحق ونصرة أهله ومن أجل نشر الحقيقة للعالم أجمع....؟!

"عماد"هكذا يجبُ أن يكون الرجال....هكذا يجبُ أن تلمعَ سيرتهم العطرة الندية ...فالرجل الحقيقي هو الذي يقتحم الملاحم ويُبحر في عالم الجرأة ويشرع بكل إخلاص لرسم ملامح البطولة والجهاد والعطاء والتحدي ..رغمًا عن أنف زخات الرصاص وطائرات الأعداء الغادرة...

ربما يا "عماد" ينظرُ البعض لك نظرة شفقة ورحمة بعد أن أصبحت معاقًا حركيًا ولكنك فاجأتهم جميًعا بتحديك للإعاقة وتحديك من قبلها للإحتلال حين أعلنت بكبرياء عن عزمك الجاد لمواصلة عملك الإعلامي وتحديدًا ـ التصوير الصحفي ـ رافضًا أي قسم إعلامي آخر غيره؛لتبرهنّ لأعداء الإرادة أن لاشيء يمكن أن يُعيق أهل العزة والإصرار عن متابعة مسيرة التحدي والعطاء... 

نعم يا"عماد"لايمكن أن يكون فقدانكَ لقدميك سببًا في تراجعكِ أو تقهقركِ أو ترددكِ فلم نعرفك إلا مقدام شجاع عاشقٌُ للتحدي مولعٌ بالإبداع ....

"عماد" يا عاشق الكاميرا يا عاشق فلسطين يا عاشق الحقيقة يا عاشق الخلود يا عاشق المجد يا عاشق الحرية طوبى لك وأنت تكابر على جراحك وتتحدى جلادك...

سنظل ننتظرك بفارغ الصبر لتشفى من جراحكَ وتعود إلينا سالمًا معافى حاملاً لكاميرتك تصور من جديد المؤتمرات والندوات والاحتفالات والفعاليات والاجتياحات....

أملنا في الله كبير بأن يُعينك على مواجهة التحديات وحتمًا سيلعن الجندي الصهيوني نفسه وعقله المجنون يوم أن أطلق عليك النيران .... 

حفظك الله يا عماد ودمتّ رمزًا للصحفي الجريء المثابر المكافح الطموح....