كلمة وفاء لأخ حبيب

د. كمال رشيد رحمه الله

حسني جرار

الكلمة التي ألقيت في احتفالية الوفاء للدكتور كمال رشيد

الذي أقامته رابطة الأدب الإسلامي مكتب الأردن في يوم السبت 26/7/ 2008

في المدارس العمرية عمان الأردن

الحمدلله رب العالمين ،والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أهله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد :

ففي أواخر شهر آذار من هذا العام 2008 فقدنا أخاً عزيزاً كريماً عزّ علينا فراقه ..أرجو الله تعالى أن يتقبله عنده في الصالحين ، وأن يعلي منزلته في الجنة ،ويجمعنا به في ظل رحمته ..

لقد عرفت الأخ الفقيد الدكتور كمال رشيد في مدينة نابلس منذ نصف قرن من الزمان ..حيث كنّا نلتقي على حب الله وطاعته ..وامتدت الصلة والعلاقة الأخوية بيننا حتى يوم الفراق ...وكان الأخ الحبيب كمال طيلة هذه السنين نعم الأخ

الذي يتمتع بصفات طيبة كريمة تشعرني بطيب معدن هذا الإنسان ..وتورثُ الشعور العميق في نفسي بالمودة والمحبة والإحترام ..وتدفعني إلى الرغبة في لقائه ،والأُنس في الجلوس معه ..فالأرواح جنود مجّندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها إختلف ...

كان هذا الأخ العزيز أديباً إلتزم الإسلام عقيدة ومنهجاً وسلوكاً في الحياة .. كان كاتباً وصحفياً وشاعراً ،وكان مربياً فاضلاً..له دور كبير في تربية الشباب والناشئين وتوجيههم..وكان من الأدباء الذين حملوا هم القضية الفلسطينية بوصفها قضيتهم وقضية الأمة العربية والإسلامية ..وكان بحق رمزاً من رموز التربية والثقافة ،وأحد الوجوه الأدبية والفكرية في الساحة الأردنية .

ولقد حفلت حياة أديبنا الدكتور كمال رشيد بنشاطات متنوعة كثيرة ،في مجالات متعددة من مجالات العمل التربوي والإعلامي والأدبي والإجتماعي ..فهو مؤلف وشاعر وباحث ، وكاتب صحفي ، وكاتب إذاعي ، وكاتب للأطفال ..ففي المجال التربوي ..عمل الدكتور كمال معلماً في مدينة طولكرم ، وفي منطقة نابلس ، وفي مدارس الجزائر والمغرب العربي ،وفي مدارس عمان ..وعمل في مديرية المناهج قرابة عشرين عاماً ،رئيساً لقسم الكتب المدرسية ، ثم رئيساً لقسم التحرير ، والإذاعة المدرسية .. وكان عضو الفريق الوطني لتأليف كتب اللغة العربية ، ورئيس اللجنة الأردنية المحلية لمشروع( الرصيد اللغوي ) ، وعمل ممثلاً للأردن في لجنة البرامج التعليمية الموجهة للطلبة العرب في الأرض المحتلة .وقام بتمثيل الأردن في عدد من المؤتمرات التربوية واللغوية والتعليمية ..وعمل في جامعة الزرقاء الأهلية ،وعمل محاضراً في كليات المجتمع ،وفي دورات المعلمين في عمان .وفي عام 1995 عمل مديراً عاماً للمدارس العمرية في عمان ، وكان يمارس نشاطه التربوي والأدبي ،ويقوم بتوجيه الأجيال وجهة سليمة تفيد الأمة والوطن .

وفي المجال الإعلامي ..قام بإعداد وتقديم برامج دينية من إذاعة عمّان لسنوات طويلة ..وبإعداد وتقديم برنامج ديني في إذاعة الكويت .وبإعداد مسلسل إجتماعي في عدة حلقات ولعدة سنوات لإذاعة عمان بعنوان (الأسرة السعيدة) ..وإعداد برامج تعليمية للمناهج الأردنية في مبحث اللغة العربية في إذاعة عمان ..وإعداد وتقديم برامج تعليمية للتلفاز الأردني .وعمل رئيساً لتحرير صحيفة الرباط في الأردن ، وكاتب مقال صحفي في جريدة الدستور .

وفي المجال الأدبي .. كانت له مشاركة في ندوات فكرية وأمسيات شعرية مختلفة ، وقد شارك في مهرجان المربد الشعري عام 1987م .وله تجربة ناجحة مع أدب الأطفال ،فقد أصدر لهم أربعة عشر كتاباً كان لها دور وأثر في توجيههم ..

والدكتور كمال أديب شاعر ..قال الشعر في عدد من المجالات والمحاور ..قاله في الوطن والعقيدة ، والرثاء والشهادة ، وفي النواحي السياسية والإجتماعية وفي قضايا المسلمين وأمور الحياة ، ونظم أناشيد للكبار والصغار ، ووقف معظم شعره على القدس وفلسطين ،وصور به جوانب من المحن التي حلت بشعب فلسطين ، فتحدث عن ظلام المؤامرات ,والإحتلال، والعدوان ،والخذلان ..

وقد صدر له عدد من الكتب والدواوين الشعرية ، منها ديوان (شدو الغرباء) ، وديوان (عيون في الظلام ) وديوان (أشواق في المحراب ) وديوان (القدس في العيون)

وديوان (نسائم الوطن) ، وكتاب ( مجالس الإيمان) وكتاب (الزمن النحوي في اللغة العربية ) وهو في أصله رسالة الماجستير ، وقد طبع بدعم من وزاة الثقافة .

وللشعر عند أديبنا كمال مفهوم وضحه عندما سأله أحد زملائه عن الشعر فأجاب

يـا سـائلي ليس نظم الشعر قافية
لـكـنـه  العطر في الآفاق iiنبعثه
وصورة  كطلوع الشّمس في iiخجل
وهـو  الـنذير بشرٍ إن عتا iiزمنٌ
وهـو السبيل لتعبيرٍ لفيضٍ iiجوى
والـشعر عندي شعورٌ لستُ iiأكتمه
ذاكم هو الشعر يا منْ جئت تسألني






لـكـنـه حِـكَـمٌ تـعلو iiوتزدان
لـكـنـه  نـغـمٌ تـمليه iiأحزان
فـيـهـا  من الحبّ ألوان وألوان
وجـاس  في أرضنا ظلمٌ iiوعدوان
إنْ ضـيمَ في عيشهم أهلٌ iiوخلانُ
وغـايـة الشعر إحساسٌ iiووجدانُ
قـلـبٌ  ووجـدٌ وإشراقٌ iiوإيمان

وفي المجال الاجتماعي نظم شعراً ارتبط بالإنسان ارتباطاً وثيقاً تعاملاً وتوجيهاً

ومن ذلك وصيته لأبنائه التي تناول فيها توجيههم دينياً وتربوياً ووطنياً ، فقال :

أوصـيك  يا ولدي أن تحسن iiالأدبا
وأن  تـكـون تـقياً، نابهاً ، iiيقظاً
وأن  تجعل القدس في العينين iiماثلةً
حـلّ  الـدخيل بأرض ليس iiيعرفها
لـكـنـمـا أمـل الأوطـان فتيتها
الأرض  أرضـكـم والعزم iiعزمكم
ولا تـخـافـوا مـماتاً إنّ iiعيشكم
هـذي  عـقـيـدتنا ، تلكم موائلنا







أن تـألف الدرس والتحصيل والكتبا
وأن تـقـدم لـلأوطـان مـا iiوجبا
ألاّ  تـكـل إذا مـا الـمعتدي iiغلبا
وصاحب الأرض عن أوطانه اغتربا
هـمُ الـسـبـيل لرد الحق إن سلبا
فـلا تـكـونـوا لـها إلا كما iiطلبا
فـي مـوتـكـم فـي ثـراها نجبا
والـحرُّ عن أرضه لا يعرف iiالهربا

 وقد تناول أدب الدكتور كمال رشيد عدد من النقاد والأدباء ،منهم:الدكتور عماد الدين خليل،والدكتور محمود ابراهيم، والدكتور مأمون جرار،والدكتور عدنان حسونة ، والأستاذ محمد صالح حمزة .. ومن هؤلاء من قدّم وعرّف بدواوينه الشعرية ، ومنهم من كتب عنه في الكتب الأدبية ، ومنهم من كتب في الصحف..

وكتبتُ عنه في كتاب "شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث " الذي صدر عام 1978م , وفي كتاب "أدباء من جبل النار " الذي صدر عام 2007م.

وكان للدكتور كمال ارتباط بعدد من الهيئات والجمعيات ..

فكانت له صلة بالحركة الإسلامية .. وكان عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية ,وعضو رابطة الكتاب الأردنيين , وعضو اتحاد الكتاب الأردنيين، وعضو جمعية الدراسات والبحوث الإسلامية , وعضو المعهد العالمي للفكر الإسلامي , وعضو الجمعية الوطنية لرعاية الطفل , وعضو الجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق وعضو جمعية مكافحة التدخين , وعضو جمعية العفاف..

أرجو الله تعالى أن يكرمه ويجزيه كل خير على هذا الجهد والنشاط المتميز، وأن يبارك له في أهله وذريته .. وأن يجمعنا به في مستقر رحمته .