في رثاء الداعية المجاهد الشيخ سعيد حوى رحمه الله
شيخ المجاهدين الدكتور الشهيد عبدالله عزام (رحمه الله)
الذكرى الـ 27 لرحيل أستاذنا الداعية المجاهد الشيخ سعيد حوى "رحمه الله"
9مارس 1989
سلام الله على روحك الطاهرة ، وهكذا سرت على نفس الطريق الذي شقه امامك مروان حديد ضمتكما بلدة أبي الفداء ، و في مرابعها طاب الفداء تلفتما حولكما فلم تجدا إلا القليل فحملتما الامانة اذ ناءت بحملها غلب الرجال و افذاذ القلل (القمم) لقد حملت جسدك فوق ما يطيق و لكن:
وإذا كانت النفوس كبــارا تعبت فـي مرادها الأجسـام
قلب كبير يحمل أمال أمة ، ونفس عظيمة تصدت لحمل آلام جيل
واورد نفســي والمهـند في يدي مـوارد لا يصدرن من لا يجـالد
و لكن إذا لم يحـمل القـلب كـفه على حالة لم يحمل الكف ساعد
في دمشق أيام الدراسة في كلية الشريعة لأول مرة :
اكتحلت عيناي بمرآك وقد حفت بك جموع الشباب المقبل على الله وأنت تشرح لهم النعم العظمى التي ستعم البشر فيما لو طبق نظام الإسلام ، ثم مضت السنون واخترت طيبة المنورة منزلا ومررت بك في بيتك أثناء حجتي سنة 1391هـ ، وقد كان بيتك موئل الظامئين و مهوى أفئدة السالكين حبَاً بالتلقي على يديك ، وطمعاً في التلمذة بين يديك ولكن أسد الشرى لا تطيق بعدا عن خيفتها ، ولا تستطيع فراقاً لعرينها ، كيف لا وقد برح بك الشوق إلى ليث حماة الشام مروان ، فما رضيت روحك أن تبقى ، في حرقتها بعيداً عن غمار المعركة ، ومحنة الحركة فما كان منك الا أن طلقت الإخلاد الى الراحة ، وحطمت أغلال النعيم الجسدي ، وقيود الإسار الروحي ، وعدت هناك حيث يجثم الطاغوت بكلكله على الصدور ، ويصوب نباله وحرابه نحو النحور ، وبدأت تدفع بكل طاقتك عجلة الدعوة لتمضي بها قدما في طريق الإباء ، ولتنتشلها من وهدة الركود التي تعصف بكيان الدعوات وتحط بنيان الحركات .
أبا محمد: ماذا نقول فيك؟ إذ حيثما فقدنا الرجال في الميدان وجدناك:
طرقنا باب الدعوة فألفيناك قلعة من قلاعها.
وتلمسنا طريق العلم فوجدناك علماً من أعلامها.
ومضينا على جادة الجهاد فرايناك صارماً من صوارمها.
ونظرنا في ميدان السياسة فلقيناك قلماً من أقلامها.
وسلكنا طريق الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فوجدناك معلماً بارزاً في معالمها.
هكذا نحسبك ولا نزكي على الله أحداً.
أبا محمد : لقد جل بك الخطب ، وعظم بك المصاب ، وفدح بك الرزء ، وعزاؤنا على الطريق فقد الأمة لرسولها صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام.
ولو نطقت روحك لقالت لمن يتشرفون بحمل جثمانك .
خذاني فجـراني ببردي اليكمـا فقـد كنت قبل اليوم صعبا قياديا
ولو علمت كريمتك لرددت مع مالك بن الريب :
تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي سـفارك هـذا تاركـي لا ابـاليا
كم كنت احب أن أجلس اليك لأستمع الدرر التي تغوص إليها من أعماق الامهات الغرر وكم كانت تعجبني اراؤك الفقهية التي كانت تنم عن سعة اطلاع وفقه دقيق عميق .
كيف ننساك وكتبك تأبى علينا أن نمل ذكرا ؟ إن نسينا اخلاقك ذكرنا (جند الله ثقافة وأخلاقا) فنعرف عزمك وهمتك ، وإن اردنا أن نتعرف على بدائع صنع الله – عز وجل – هزنا كتابك (الله جل جلاله) شوق ونشوة – وإن أزمعنا التعرف على هذا الدين ففي (الإسلام ) مرتعنا وروحنا وإن شدنا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حنين ففي كتابك ريحاننا وموردنا ويدفعنا (المدخل) أن نقتحم عالمك الذي كنت فيه تحيا ثم نمضي (من أجل خطوة إلى الأمام على طريق الجهاد المبارك) ونرتقي صعدا إلى القمة السامقة وهناك يحلو لنا أن نستروح أرج (افاق التعاليم) وما أجمل الجولات مع الفقه الأكبر والأصغر .
ونتقلب مع النعيم في تصفح تفسير الكتاب الكريم .
ما نسيناك أيها الأخ الحبيب الأمير وعندنا (فصول في الامرة والأمير) وسنبقى على الجادة سائرين- أن شاء الله – نستنير بارائك كيف لا وعندنا ؟ (دروس في العمل الإسلامي ) .
أبا محمد : أنت الآن بين يدي ربك وافضيت إلى ما قدمت فنسأل الله أن يغفر لك زلاتك وأن يتجاوز عن سيئاتك وان يدخلك مدخلا ترضاه وأن يرزقك رزقا حسنا وهو خير الرازقين، ونرجو الله أن يجمعنا جميعا في الصالحين .
وسوم: العدد 666