العبادات وبناء الإنسان المسلم
العبادات وبناء الإنسان المسلم
محاضرة الدكتور عودة أبو عودة
من صالح أحمد البوريني/عمان
مع بداية برنامج نشاطاتها الثقافية لهذا الصيف أقامت رباطة الأدب الإسلامي مساء يوم السبت 16/4/2005 في عمان أمسية تحدث فيها الدكتور عودة أبو عودة عن العبادات وبناء الإنسان المسلم ، وقد دارت المحاضرة حول عدد من المحاور منها معنى العبادة في الإسلام ومعنى الإسلام في حياة الإنسان ودلالة قوله تعالى ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ) ومفهوم إصلاح الأرض وعلاقة أركان الإسلام بحياة الإنسان في إطار المفهوم الشمولي للعبادة .
وكان للدكتور أبو عودة وقفات تأملية مع دلالات عدد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى : ( ورتل القرآن ترتيلا ) و( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) و( وأقيموا الصلاة وآتو الزكاة ) و ( وكل في فلك يسبحون ) .
كما فصل في بيان بعض الأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بالموضوع وخاصة حديث ( بني الإسلام على خمس ) ، وبين أن منظومة أوامر الإسلام التشريعية في مجال العقيدة والعبادة هي التي تشكل الصياغة المثلى لشخصية الإنسان المسلم وهي التي توفر له كل عوامل الانسجام والتوافق مع عناصر الكون التي هيأها الله تعالى له ليقيم فيها عبوديته لخالقه عز وجل .
وركز الدكتور أبو عودة على أن مشكلة المسلمين اليوم ليست في الإسلام وإنما هي في إشكالية فهم المسلمين لدينهم وما يندرج تحت هذه الإشكالية من التعصب وتحكيم الهوى والاهتمام بالقشور والإعراض عن اللباب وتعميم الأحكام الخاطئة والانغلاق الفكري والتقوقع حول الذات ورفض الآخر والتعسف في تأويل النصوص والتحجر على الظاهر وضعف الاجتهاد وغياب فقه الواقع في كثير من المسائل إضافة إلى الضعف والوهن وغياب الموقف الفكري الإسلامي الموحد الذي تعكسه مظاهر التنازع والخصام في الساحة الإسلامية ، مع أننا نمر في ظرف يستوجب أن ننظر في عوامل اجتماعنا وقوتنا لنأخذ بها وعلى رأسها أركان الإسلام التي جعلها الله تعالى منهجا لحفظ الدين وحفظ الإنسان وصيانة حياته وسعادة وجوده .
وأكد أن الإفادة من أركان الإسلام متحققة لو أراد الناس ذلك على مستوى الإصلاح الفردي والجماعي وأن في هذه الأركان ما يعين على تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية منوها بفريضة الزكاة كأساس للتشريعات الاقتصادية والمالية التي تعالج الفقر وتكسر قيود كنز المال وتمنع حصره في أيدي طبقة واحدة تتحكم في حياة المجتمع .
وأكد الدكتور أبو عودة أن التشريع الإسلامي المحكم هو المنهاج الأمثل الذي تصلح به حياة البشر وتتحقق به سعادة الإنسان , وأن الإسلام يبني الإنسان الصالح الذي هو أساس المجتمع الصالح ، وأن إسلام الإنسان لا يتم له بمجرد لفظ اللسان بل لا بد من العمل والتطبيق وترجمة مبادئ الإسلام إلى معاملة وسلوك ، وأكد أنه لا وجه لفصل العبادات المتمثلة بأركان الإسلام عن الحياة والمعاملة وأن فصل العبادات عن المعاملات إنما هو تقسيم شكلي في الدراسة الأكاديمية للفقه الإسلامي ولا حقيقة له في الحياة لأن مفهوم العبادة يشمل المعاملة ويتعداها إلى التفاعل الإيجابي المثمر البناء مع كل عناصر الأرض التي جعلها الله تعالى دار الحياة الدنيا .