شعره ينطلق من إيمانه بالحق وتمسكه بالقيم
الدكتور سليم ارزيقات يلقي في رابطة الأدب الإسلامي
من صالح أحمد البوريني/عمان
عضو رابطة الأدب الإسلامي
أقامت رابطة الأدب الإسلامي مساء السبت الماضي أمسية شعرية للدكتور سليم ارزيقات ، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الزيتونة الأردنية ، قرأ فيها عددا من القصائد المختارة : بقايا استغاثة ، من وحي الثواني ، أنت الأميرة ، حبيبتي ، يقظة ، الأرض والانتفاضة ، ثورة على الذات ، وثلاثيات غير باكية ، وختمها بمسرحية شعرية من ذوات الفصل الواحد ، تستمد فكرتها من الواقع الاجتماعي العربي ، وتتخذ من المحاكمة القضائية المعلنة مصدرا موضوعيا لاختيار الشخصيات وبناء المشاهد .
المرأة رمز :
وقد تجول الشاعر ارزيقات بين واحاته الشعرية الوريفة ، والتقط من روضاتها همسات ونفحات خاطب بها المرأة ( المحبوبة ) على وجه الحقيقة حينا ، وبلغة المجاز أحيانا أخرى ، والمرأة في شعر ارزيقات لها حضور خاص يتجاوز شخص الحبيبة ، وتمتد دلالته ليشمل المرأة في كل العصور ، وأحيانا يجعلها رمزا للأرض ولفلسطين وللأمة . وللدكتور ارزيقات دواوين ستة : اشهدي يا قدس ، حواء يا جرحي القديم ، حب وحرب ، دوحة الإيمان ، هويتي ، و على لهب الانتفاضة . يكثر في شعره ذكر الأرض والقدس ومعاناة الإنسان العربي ومآسي الشعوب المسلمة،ينطلق من إيمانه بالحق وتشبثه بالعقيدة وتمسكه بالقيم ، وللشهادة والجهاد والمقاومة والبطولة والدماء والتضحيات حضور ظاهر في أشعاره .
توظيف الرمز القرآني :
يوظف الرمز القرآني في شعره توظيفا ناجحا ، كما في قصيدة ( ثلاثية غير باكية ) أهداها لروح الشهيد المصري سليمان خاطر :
( صفِّد الجن ) ولا ترخ الرياح
يا سليمان ..
ففي الأرض بذور
وابعث ( الهدهد ) في كل الجهات
بنداء ووصايا وبخور
معلنا عن مولد غير الذي ..
عهد الناسُ وأمواتُ القصور .
الحب الصادق :
يرى أن الحب لا يبلى بل تنقضي الأيام والليالي وهو باق على نضارته وتجدده :
الحب الصادق فاتنتي
يبلي الأيام ولا يبلى
والحب الذي ينشده الشاعر حب محتشم ملتزم بالفضائل متسربل بثوب التقوى : يقول :
فالحب في ظل التقى
أنعم به حبا وأكرم
وحين يظن أن الحب علاه رماد وخبا نوره مع كر الأيام والليالي ، تعيده لمسة الشوق ولحظة العين وخفقة القلب الصادقة إلى الحيوية وتجدد فيه العطاء . من قصيدة ( من وحي الثواني ) :
سنوات مرت
خلت وميض الحب ..
وخفق القلب علاه رماد
وبلمسة شوق حانية
وبلحظة عين وامقة
وبخفقة قلب صادقة
عادت أيام الحب فعاد
قدرا يتحدى الأبعاد .
رؤية وطنية وروح إسلامية :
وهناك رؤية وطنية وروح إسلامية مبثوثة في شعر الدكتور سليم يخاطب بها قومه وأمته ، خطاب الحب والوعي والعقل والقلب ، ويرفع صوته داعيا إلى اليقظة والنهوض والوحدة والأخذ بأسباب القوة ، لمقاومة الغزو والاحتلال ، وتحقيق الأمل والطموح والنصر .
فغدا سيولد مارد
حملت به الأرض الطهور
أرض العرب
أرض النبوة والنُّوَب
والآن تُنْتَظَرُ الولادة ..
من مخاضاة الغضب .
وفي قصيدة ( ثورة على الذات ) يتجسد الهم العام مؤرقا داخليا ومهيجا للثورة التي تشتعل أولا في الذات وعلى الذات ثم يتسع مداها حتى تنطلق من الخاص إلى العام تستمد وقودها من عذاب الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين ؛ ذلك العذاب الذي تحول إلى عزم وعنفوان ، تُلوّح به قبضات الشباب وحجارة الأطفال ، ويبلغ قمته في موهبة الاستشهاد وحب الموت في سبيل الله عز وجل ، وينتقد الشاعر الخائفين والمترددين ، ويعتبر الخوف من الموت والقتل سجنا بكبل حرية الإنسان .
ماذا تراني قائلا يوما إذا هم سائلون
فيم انتظارك أيها المهذار ؟ إنا ذاهبون
لله في ساح الجهاد ، إلى متى تترددون
مدد من الرحمن وحدنا على درب المنون
حتى نعيد المسجد الأقصى لمن لا يركعون
إلا لمن رفع السماء وبث فيها من عيون
سليم ارزيقات صوت شعري عربي أصيل ، يعزف على قيثارة التفعيلة كما يركب بحور الخليل ، ( متلبس بالشعر ) ولو قال إنه ليس بشاعر ، يحترق بالهم العام ، ويطير على أجنحة الحب إلى قلب ( محبوبته ) ، وإلى أبعد حبة رمل في تراب الوطن ، وإلى أقصى أفق في سماء أمته ؛ يعكس لون الجرح ونزف الدم وآهات المعذبين .