الشيخ العالم الفقيه الدكتور محمد رواس قلعه جي
( 1353ه/ 1934م = 1435هـ/ 2014م)
هو الشيخ العالم والفقيه الحنفي السلفي، من أهل مدينة حلب محمد رواس قلعه جي.
الحائز على الجائزة الأولى الدولية للتقدم العلمي، والخبير في الموسوعة الفقهية بالكويت، وخبير المجمع الفقهي الدولي، وعضو شرف في المجمع الفقهي الهندي، والأستاذ المشارك في جامعة الملك فهد، والأستاذ الدكتور في جامعة الملك سعود سابقاً، والأستاذ الدكتور في جامعة الكويت.
كان له اهتمام خاص بفقه السلف، وقد صنّف في ذلك عددًا من الكتب.
مولده، ونشأته:
ولد الشيخ محمد رواس قلعجي في مدينة حلب عام1353 هـ/ الموافق 1934 نشأ في أسرة فقيرة، ولكنها تحب العلم والأدب، وكان والده عامل بناء في بلدية حلب. رأس ماله العلم والأدب، حيث عمل مع أبيه في تجارة الساعات وتصليحها، ولما أفلس الوالد نتيجة مرض عضال أقعده مدة طويلة، تحول عن هذه الحرفة إلى حرفة البناء، فكان من أمهر البنائين، وكان يجيد الخط العربي، ويكثر من مجالسة العلماء وأهل الأدب، ويحفظ الكثير من أشعار العرب ومساجلات الشعراء. وكان محباً للعلم والعلماء، يستضيف فريقاً منهم كل يوم جمعة بعد صلاة الجمعة، يأنس بحديثهم، ولا يملّ توجيهاتهم.
وشقيقه عبد الفتاح قلعجي شاعر، وكاتب مسرحي، وناقد.
دراسته، ومراحل تعليمه:
وتعلم محمد رواس قلعجي العلوم الأولية في حلب، وبعد حصوله على الشهادة الابتدائية من مدرسة العرفان في حلب، تعلم قراءة القرآن على يد ابن عمه الشيخ محمد عيد معلم القرآن المشهور في المدينة، ثم دخل إلى الثانوية الشرعية (الخسروية) في حلب، وبعد ست سنوات حصل على شهادة الثانوية الشرعية عام 1954م، وقد درس على العديد من العلماء الأعلام، نذكر منهم:
1-تتلمذ على مؤرخ حلب العلامة محمد راغب الطباخ، أيام دراسته في الثانوية الشرعية بحلب "الخسروية".
2- كما تتلمذ كذلك في حلب على الشيخ عبد الوهاب سكر: فأخذ عنه تاريخ الأعلام.
3- الشيخ محمد السَّلْقِينِيّ: أخذ عنه الفقه الحنفي.
ثم انتقل إلى دمشق للدراسة في كلية الشريعة والقانون، وقد أبدي تفوقاً في دراسته مما لفت انتباه أساتذته إليه، فاتخذه العلامة محمد المنتصر الكتاني مساعداً له وتبناه علمياً، وقد كان الكتاني -رحمه الله- مهتماً بفقه السلف، وحصل أثناء دراسته على دبلوم صحافة، ليدعم اهتمامه في المجال الصحفي، فقد كان يهتم بنشر المقالات في الصحف والدوريات، وفي عام 1958 تخرج من جامعة دمشق، وحصل على شهادة ليسانس في الشريعة والقانون.
وكان من أبرز شيوخه فيها:
- الدكتور يوسف العش: وقد علمه طريقة البحث، وجمع المعلومات على طريقة البطاقات وغيرها من الطرق التي أعانته على تأليف كتبه في موسوعات فقه السلف.
- د. مصطفى السباعي: وكان يعطي طلابه السيرة النبوية: دروس وعبر.
-د. محمد أديب الصالح.
-د. صبحي إبراهيم الصالح: أخذ عنه علوم القرآن، وعلوم الحديث ومصطلحه.
-مصطفى أحمد الزرقا: حضر دروسه في الفقه وأصوله وفي القواعد الفقهية.
وبعد ذلك انتقل إلى القاهر للدراسة في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وحصل على الماجستير في الفقه المقارن من الأزهر الشريف عام 1971م.
ثم حصل على شهادة الدكتوراه من كلية الشريعة بالأزهر عام 1975م. عن رسالته "موسوعة فقه إبراهيم النخعي" بدرجة امتياز.
الإجازات:
ولديه إجازة من شيخه مؤرخ حلب العلامة الشيخ المحدث محمد راغب الطباخ الحلبي، وإجازة علمية أخرى من شيخه العلامة الفقيه محمد المنتصر الكتاني المغربي، رحمهما الله تعالى.
وقد قرأ عليه بعض الطلاب في الكويت كتاب: الهداية للميرغناني، في الفقه الحنفي،
لمدة أربع سنوات، فأجازهم فيه.
النبوغ المبكر:
كان الشيخ محمد رواس قلعجي نهماً في القراءة حتى إنه أتم قراءة معجم الأدباء لياقوت الحموي، وهو في السابعة عشرة من عمره.
وقد بدأ الكتابة في سن مبكرة، ونشر أول مقال له في الرد على محاضرة الدكتورة دريّة شفيق، التي ألقتها في حلب حول تحرير المرأة، وهو ما زال في الصف الثاني الإعدادي، ونشرت جريدة ( طريق الجهاد ) الحلبية المقال تحت لقب الكاتب الكبير محمد قلعجي، ووضع كتابه تسهيل المواريث، وكتابه الخصائص الفنية في شعر بعض شعراء العصر الأموي والعباسي، وهو ما زال في الثانوية، وكلفه أستاذه العلامة محمد المنتصر الكتاني بوضع مذكرة في تراجم رواة الحديث، وهو في السنة الجامعية الثالثة، ولما رأى الأستاذ جودتها قرر تدريسها في الجامعة.
الوظائف، والأعمال:
عمل محمد رواس قلعجي خلال سنوات الدراسة مدرساً للتربية الإسلامية في ثانويات دمشق، ودرعا.
كما تنقّل للعمل بعد تخرجه في مدارس دير الزور، ثم إدلب، إلى أن استقر في مدينة حلب، مدرساً لمادة التربية الإسلامية في مدراسها الثانوية، ودور المعلمين والمعلمات، مع استمراره في طلب العمل، وجمع فقه السلف، كما ساهم في تطوير مناهج المدارس الشرعية، فألف كتب للمرحلة المتوسطة. واشترك في تأليف العديد من الكتب المدرسية في مواد التربية الدينية، والعقيدة الدينية، والخطابة لوزارتي التربية، والأوقاف.
استمر في التدريس في مدراس حلب إلى أن غادرها إلى الكويت في المرة الأولى عام 1967م بدعوة من وزارة الأوقاف للعمل باحث في الموسوعة الفقهية التي يترأسها الدكتور مصطفي الزرقا، أستاذه السابق في جامعة دمشق، فأصبح محمد رواس قلعجي مساعد علمي في الموسوعة الفقهية في الكويت، ثم باحث علمي فيها، ثم خبير إدارة البحوث والموسوعات فيها، وبعد عامين ترك الموسوعة، وعاد للتدريس في حلب، ثم غادر حلب مرة ثانية للعمل من جديد في الموسوعة بعد أن قرروا استئنافها.
ثم انتقل ليعمل أستاذاً مشاركاً في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران في المملكة العربية السعودية، وبعد أربع سنوات انتقل ليعمل أستاذاً دكتوراً إلى جامعة الملك سعود في الرياض.
وقد أشرف على العديد من الرسائل الجامعية، ومنها:
- رسالة الماجستير تحت عنوان: ( موسوعة فقه عائشة أم المؤمنين)، وقد شغل 768 صفحة.
- وفي ذكرى القلعجي ذكر آخر طالب له قبل أشهر عديدة من وفاته، وهو د. هشام أحمد عبد الحي: ( لقد كان د. القلعجي مشرفاً على أطروحتي، وكانت بعنوان (الصناديق والصكوك الاستثمارية الإسلامية )، والتي نلت بها الدكتوراة بدرجة ممتاز، فقد كان للدكتور قلعجي أسلوب بارع في التوجيه للبحث العلمي وموسوعة في الدلالة على المراجع والكتب وبحوث المجامع العلمية.. وغيرها، وكان أسلوبه في التشجيع على الارتقاء لطلبته بأريحية الأب العطوف.
التقاعد:
وبعد بلوغه سنّ التقاعد القانوني في المملكة غادرها للعمل أستاذاً دكتوراً في جامعة الكويت، وبعد تقاعده منها عُين مستشاراً في وزارة الأوقاف الكويتية، إلى أن عاد إلى حلب ليستقرّ فيها، ويتابع التأليف والنشر.
آثاره، ومؤلفاته:
ترك الشيخ الكثير من الآثار العلمية النافعة، فقد قدم للمكتبة العربية أكثر من ثمانين عنواناً، ابتداء من قصص الأطفال، وانتهاء بالكتب الموسوعية والأكاديمية ... ومنها:
1-المعاملات المالية المعاصرة في ضوء الفقه والشريعة: طبع عام 1999م.
2-معجم لغة الفقهاء عربي - إنكليزي (بالاشتراك مع حامد صادق قنيبي)، طبع عام 1985م.
3-موسوعة فقه ابن تيمية.
4-الموسوعة الفقهية الميسّرة: يقع في مجلدين.
5-موسوعة فقه عمر بن عبد العزيز
6-موسوعة فقه عمر بن الخطاب
7-موسوعة فقه إبراهيم النخعي، وقد شغل 1070 صفحة، وطبع في مجلدين.
(وهو رسالة الدكتوراه من جامعة الأزهر، كلية الشريعة والقانون، بتقدير امتياز، 1975م ).
8-موسوعة فقه عثمان بن عفان.
9-موسوعة فقه أبو بكر الصديق.
10-موسوعة فقه الليث بن سعد.
11-موسوعة فقه عبد الله بن مسعود.
12-موسوعة فقه الحسن البصري: وقد شغل 950 صفحة ... وطبع في مجلدين.
13-موسوعة فقه ابن جرير الطبري: وقد شغل 156 صفحة.
14-موسوعة فقه حماد بن أبي سليمان: وقد شغل 271 صفحة.( وهذان الاثنان طبعا في مجلد واحد ).
15-موسوعة فقه سفيان الثوري: وقد شغل 835 صفحة.
16-موسوعة فقه إسحاق بن راهويه: وقد شغل 670 صفحة.
17-موسوعة فقه مكحول الشامي: أرسله إلى المطبعة.
18-موسوعة فقه طاووس بن كيسان: مخطوط.
12-أميرنا وأميرهم بين مكيافيلي وعمر بن الخطاب.
13-حديث الروح: يقع جزئين.
14-مجموعة قصص للأطفال عن أسباب النزول.
15- فقه المعاملات المشجر.
16- فقه المرأة بين فقهاء الرجال وفقيهات النساء.
17- دراسة تحليلية لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال سيرته الشريفة.
18- قراءة سياسية للسيرة النبوية.
19- ملامح السلوك القيادي عند عمر بن الخطاب.
20- ملامح الشخصية القيادية عند عمر بن عبد العزيز.
21- طرق البحث في الدراسات الإسلامية.
22- مباحث في الاقتصاد الإسلامي ( من أصوله الفقهية ).
23-تسهيل المواريث.
24 – من وحي المكتبة.
25 – العقيدة الإسلامية في مواجهة المذاهب الهدامة.
26 – لغة القرآن لغة العرب المختارة.
ومن تحقيقاته:
1-سلسلة التراث الطبي العربي الإسلامي: وتقع في 12 كتاباً، وتم إخراجها مع د. محمد ظافر وفائي، وحازت هذه السلسلة على جائزة مؤسسة التقدم العلمي في الكويت.
2-تشريح العين وأشكالها ومداواة أعلالها: للكفرطابي.
3-المنتخب في علاج أمراض العين: لعمار الموصلي - بالاشتراك مع ظافر الوفائي.
4-صفوة الصفوة: لابن الجوزي: بالاشتراك مع محمود فاخوري.
5- دلائل النبوة: للحافظ أبي نعيم الأصبهاني ( تحقيق بالاشتراك مع الأستاذ عبد البر عباس)
6- فهرس تحليلي لكتاب الفرق في اللغة: للإمام القرافي.
7– فهرس تحليلي لحاشية ابن عابدين.
8- العالم والمتعلم-أبو حنيفة- تحقيق بالاشتراك مع د. عبد الوهاب الندوي.
9- محمد في الكتب المقدسة.
فضلاً عن عشرات المقالات، والبحوث في عدد من المجلات والدوريات، مثل: مجلة حضارة الإسلام (دمشق)، ومجلة الوعي الإسلامي (الكويت)، والبحوث الإسلامية، والتراث العربي، ومجلة العربي (الكويت).
المؤتمرات والندوات التي شارك فيها:
شارك في أكثر من إحدى وعشرين مؤتمراً إسلامياً في العديد من العواصم العربية والعالمية، منها على سبيل المثال لا الحصر، مؤتمر مدرسي التربية الإسلامية الذي عقد بدمشق، وألقى فيه محاضرة عن إعداد مدرس التربية الدينية.
منهجه في الفتوى:
يرى د. محمد رواس قلعجي أن الفتوى ليس ماركة مسجلة تعطى واحدة لكل طالب، لأن المفتي لابدّ له من أن يراعي حال السائل، والعصر الذي تمّ السؤال فيه، والمجتمع الذي يعيش فيه السائل، وأموراً أخرى قد يكون لها أثر في تغير الفتوى، ولذلك فإني أفضل أن يرجع في الفتوى في كل بلد إلى علماء ذلك البلد، لأنهم أدرى بأحوال بلدهم، وأعراف أقوامهم.
أحواله الاجتماعية، والأسرية:
وفضيلة الشيخ محمد رواس قلعجي متزوج، وقد توفيت زوجتي الأولى بمرض سرطان العظام، وقد أنجبت له من الأولاد أربعة، على الترتيب التالي:
1-أكبرهم ذكاء: مهندسة معمارية، وهي تحمل ماجستير في التراث، متزوجة ولها ثلاث بنات.
2-ومحمد المنتصر: مهندس، ومدير شركة في السعودية حالياً، وقد جعل اسمه مطابقاً لاسم شيخه: محمد المنتصر الكتاني، ومحمد المنتصر متزوج، وله ولدان.
3-ومعتصم: وهو يحمل شهادة الدكتوراه في الصيدلة، وهو الآن في كندا، متزوج وله ولدان.
4-ومعتز: وهو مهندس معماري، وإقامته في مدينة حلب، وهو متزوج، وله ولدان.
وفاته:
توفي -رحمه الله- في فجر يوم الأربعاء 23 جمادى الآخرة 1435هـ / الموافق 23 نيسان 2014م في السعودية، ودفن في مقبرة الصليبخات. . عن عمر يناهز الـ 80 عامًا.
نسأل الله أن يتغمده برحمته، ويجعل جنان الخلد مثواه، ويجزيه عن أهل العلم خير الجزاء.
المراجع:
1- موقع أحباب الكلتاوية: حوار مع العلامة الفقيه الدكتور محمد رواس قلعه جي حفظه الله ورعاه- أجرى الحوار الشيخ فياض العبسو.
2-رابطة أدباء الشام: الدكتور العلامة الأديب محمد رواس قلعه جي، محمد عطا جذبة، وسوم: العدد 685.
3-معجم المؤلفين السوريين: 425.
4- مئة أوائل من حلب – أعلام ومعالم: عامر رشيد مبيض، ص 415.
وسوم: العدد 873