الطبيب الداعية حافظ عبد الغني النتشة رائد الحركة الإسلامية في فلسطين

( ١٩٢٤ - ٢٠٠٧م )

  ليس من اليسير على المرء أن يتحدث عن شخصية فذة مضى صاحبها رحمه الله رحمة واسعة إلى رحاب الله، وقد مضى في ركب من قال الله تعالى فيهم :

 ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ).

  مضى المجاهد وخلف آثارا من مواقف ومعالم هي في ميزان حسناته إن شاء الله، نقول مضى المجاهد الكريم رجلا من رجالات الدعوة الخالدة , وعلما من أعلامها الشوامخ .

  لقد تفتحت عيوننا على تراث الإخوان المسلمين من خلال الرسائل العميقة القيمة للإمام الشهيد حسن البنا، وسيرة هؤلاء المجاهدين، الذين لم يفرقوا بين كونهم قادة وكونهم جنود فهما سواء.

  تربوا على معاني الإخلاص الصادقة، فلم يكن للنفس حظا مما عملوا (نحسبه كذلك) ومن هؤلاء الجنود القادة المجاهد الطبيب حافظ النتشة.

بداية الرحلة:

  ولد الطبيب الداعية حافظ عبد الغني عبد المغني عبد النبي النتشة بمدينة الخليل عام 1924 في حارة السواكنة بمنطقة الزاهد.

الدراسة،والتكوين:

التحق حافظ النتشة بمدرسة الإصلاح الإسلامية، ثم انتقل إلى مدرسة باب الزاوية الابتدائية، ثم إلى المدرسة الرشيدية والتي أتم فيها التعليم حتى الصف الثاني ثانوي.

 ومن ثم التحق بكلية الطب البشري بجامعة القاهرة عام 1945م، وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة بكلية القصر العيني جامعة القاهرة في ديسمبر سنة 1951 بدرجة امتياز.

الوظائف، والمسؤوليات:

  وعمل  د. حافظ النتشة في مهنة الطب منذ سنة 1951، فقد عمل رئيسا لمستوصف الإخوان المسلمين في الخليل لمدة 26عاما.

  ويعتبر من أوائل المؤسسين لرابطة الجامعيين سنة 1953م.

  وقد أصبح د.حافظ النتشة عضواً في مجلس بلدية الخليل المكون من ثمانية أعضاء وذلك بالتزكية للدورة

( ٣ - ١٠ - ١٩٥٥م وحتى ١٦ - ١ - ١٩٥٩م)

 ولكنه أعلن استقالته في 16/1/1956 بسبب نجاحه كعضو في مجلس النواب الأردني، فقد كان من أوائل الشخصيات الإخوانية التي اقتحمت قبة البرلمان الأردني حيث أصبح نائبا في مجلس النواب الأردني عن حركة الإخوان المسلمين بين الأعوام 1956 حتى 1961م.

  وعمل د. حافظ النتشة أيضا في الدورة الثانية من عام 1967 إلى أن فك الارتباط عام 1988، حيث كانت رؤية الإخوان حينها بأن الإخوان المسلمون حركة لها حضورها وبرنامجها وترتيبها قادرة على إحداث التغيير أو على الأقل الوقوف في وجه الباطل كما أنهم إذا لم يدخلوا البرلمان سوف يدخله غيرهم ، وسيصعدون على ظهورهم ، وسيطمسون وجودهم.

  وفي عام 1958 قام الدكتور حافظ النتشة بدور المراقب العام للإخوان على مستوى فلسطين.

يقول الأستاذ إبراهيم غرايبة:

 وفي عام 1956 بعد تغييرات قيادية كبيرة جرت داخل الجماعة- شارك الإخوان في الانتخابات النيابية، ونجح منهم أربعة نواب من بين أربعين نائباً، وهم: 

 محمد عبد الرحمن خليفة، وعبد الباقي جمو، وعبد القادر العمري، وحافظ النتشة. 

  وشكلت حكومة حزبية برئاسة (سليمان النابلسي) قائمة على الحزب الوطني الاشتراكي، والحزب الشيوعي، وحزب البعث، وقد منح نواب الإخوان الثقة لتلك الحكومة.

  اختير الطبيب حافظ النتشة عضواً في الوفد الفلسطيني في هيئة الأمم المتحدة برئاسة أحمد الشقيري عام 1963 ومن المؤسسين لجمعية أصدقاء المريض في الخليل في العام 1976م.

   وعمل بعدها رئيسا للمستشفى الأهلي الذي كان ثمرة من ثمرات الجمعية ، كما كان عضواً في مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية في القدس منذ عام 1982.

تزوج ورزقه الله بأربعة بنات وخمسة أولاد.

حياته العملية:

 حصل الدكتور النتشة على بكالوريوس طب وجراحة من كلية القصر العيني في جامعة القاهرة، حيث تخرّج في أيلول (سبتمبر) سنة 1951 بدرجة امتياز.

  عمل في مهنة الطب منذ سنة 1951، رئيساً لمستوصف الإخوان المسلمين في الخليل لمدة 26 عاماً، وهو من أوائل المؤسسين لرابطة الجامعيين سنة 1953 وعمل عضواً في المجلس البلدي لمدينة الخليل سنة 1954 ونائب في مجلس النواب الأردني بين الأعوام 1956 حتى 1961 وعمل أيضا في الدورة الثانية من عام 1967 إلى أن فك الارتباط سنة 1988.

  عمل أيضاً كعضو في الوفد الفلسطيني في هيئة الأمم المتحدة برئاسة أحمد الشقيري سنة 1963 ومن المؤسسين لجمعية أصدقاء المريض في الخليل ورئيسا لمستشفى الأهلي في الخليل حتى وفاته ليل الأربعاء 7/11/2007.

بين صفوف الإخوان:

  انتمى الدكتور حافظ لحركة الإخوان في العام 1953م عندما عاد الى فلسطين على الرغم من إنه درس في مصر وهي الدولة الأولى التي أسست فيها حركة الإخوان المسلمين إلا إنه لم ينتسب لها في مصر بل انتسب لها في الخليل.

  في بداية الخمسينيات أسس مركز تابع للإخوان المسلمين مع مجموعه صغيرة من الرعيل الأول، وأطلق عليه اسم الحركة (مركز الإخوان المسلمين)، وكان ولا يزال موجوداً في شارع الإخوان المسلمين، وهو عبارة عن مبنى مكون من طابقين وست غرف، وكانت تنفذ من خلاله كافة الفعاليات والأنشطة الخاصة بالحركة.

وكان أعضاء أول مجموعة هم:

 المرحوم عبد الحافظ مسودي، الشيخ محمد رشاد الشريف، والمرحوم زين الدين مسودي وعبد الرزاق الشوبكي، وحمادة شاهين، وعيسى عبد النبي النتشة، وحلمي زير.

  أما بالنسبة لنشاطهم الدعوي فقد كان عبر نظام الأسر المعتمد في الحركة حيث كانوا بشكل مجموعات تتلقى الدروس الدينية وكل مجموعة مؤلفة من ستة أشخاص بالإضافة للمسئول عن المجموعة، وكانوا يقدمون برنامجا تربوياً علمياً وبيئياً مميزاً يعتمد على المواعظ ودورات تحفيظ القرآن وأحكام التجويد والدروس من خلال المساجد .

رائد في العمل والدعوة:

كان الدكتور حافظ النتشة يطبب أهل الخليل، وكان الفقيد النتشة يشارك في تقديم المساعدات العينية للأعضاء المنتسبين والأسر المحتاجة على حد سواء، وكان رحمه الله يقدم خدمات إنسانية أخرى مثل العلاج والتطبيب، حيث كان من المؤسسين لمستوصف في بناء الدبويا (المعروف حاليا بالبؤرة الاستيطانية بيت هداسا)، وكان يقوم بنفسه بتطبيب بكشفية رمزية، ويقدم لهم العلاج برسوم بسيطة جداً، وقد كان مسؤولاً بشكل مباشر عن مستوصف الإخوان المسلمين منذ سنة 1954 وحتى عام 1982، وهي السنة التي قامت فيها عدد من المستوطنين باقتحام المبنى والاستيلاء عليه فيما بعد، وكان يدعم المستوصف عدد من رجال ووجوه الخليل والمتبرعين وأصحاب الخير.

  وقد ساهم أيضاً فيما بعد بتأسيس جمعية أصدقاء المريض في الخليل سنة 1976 والتي كانت تقدم الخدمات الكثيرة من خلالها، ثم ساهم بشكل فاعل في تأسيس المستشفى الأهلي وبفعل دعمه ونشاطه كان لجمعية أصدقاء المريض سبعة فروع عاملة في محافظة الخليل والآن لم يبق سوى المركز الرئيسي وسط المدينة.

مع الإمام الشهيد حسن البنا:

التقى الدكتور حافظ رحمه الله، والإمام الشهيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ضمن وفد من الطلبة الفلسطينيين أبان مجزرة دير ياسين، وقد التقوا به للاسترشاد، وعندما علم أنه من الخليل، فوجئ الوفد بأنه يعرف عن تاريخ الخليل أمور كثيرة، كان أبناء الخليل يجهلونها، وقد التقى به وقتها في المركز العام للإخوان المسلمين. 

  كما التقى النتشة العديد من القياديين والسياسيين ومسؤولي الأنظمة العربية.

  في حرب سنة 1948 كان الدكتور حافظ يدرس الثانوية العامة، وقد عاد إلى غزة، وخلال مكوثه هناك انقطع اتصاله بأهله، وانتظر هناك عدة أيام في فندق، وقد حضر الملك فاروق لتفقد الخطوط الأمامية، وقد أطلقت النار على موكبه، وكانت هناك الهدنة الأولى.

  وقد حصل الدكتور حافظ على عضوية البرلمان الأردني، ممثلا عن حركة الإخوان المسلمين، وبصفة عشائرية، حيث كانت لحركة الإخوان المسلمين حضوراً بارزاً في الأردن.

  وقد عاصر الدكتور النتشة المرحلة الحرجة التي مرت بها جماعة الإخوان المسلمين في الخمسينيات.

جهوده:

  كان الدكتور النتشة يقوم هو ومن معه بتقديم الخدمات والمساعدات العينية للأعضاء المنتسبين والأسر المحتاجة على حد سواء فكانوا يفرضون رسوم اشتراك غير محددة على الأفراد كلٌ حسب استطاعته، وكانت هذه الرسوم تسخر في خدمة العامة، وكانوا يقدمون أيضاً خدمات إنسانية أخرى مثل العلاج والتطبيب حيث افتتحوا مستوصف في بناية الدبويا (المعروف حاليا بالبؤرة الاستيطانية بيت هداسا)، وكانوا يأخذون من المواطنين كشفية رمزية، ويقدمون لهم العلاج برسوم بسيطة جدا وقد كان د-حافظ مسئولاً بشكل مباشر عن مستوصف الإخوان المسلمين منذ عام 1954 وحتى عام 1982 وهي السنة التي قام فيها بعض من نساء المستوطنين باقتحام المبنى والاستيلاء عليه فيما بعد، وكان يدعم المستوصف عدد من رجال ووجوه الخليل والمتبرعين وأصحاب الخير.

رسالته الأخيرة للإخوان:

  وفي أيامه الأخيرة؛ وجه الدكتور حافظ النتشة رسالة إلى جماعة الإخوان المسلمين في كل مكان دعاهم فيها للتمسك بالثوابت التي أنشئت الحركة لأجلها، وذكرهم بقول الله سبحانه "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب"، و"واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذا كنتم أعداء فألف بين قلوبكم".

  وطالب النتشة في رسالته الإخوان المسلمين بأن يركزوا عملهم في البناء والتأسيس وتقديم الخدمات وأن يحرسوا ذلك كله بالتقوى والعبادة.

وفاته:

  توفي الدكتور حافظ النتشة مساء الأربعاء 7 نوفمبر 2007م الموافق 26 شوال 1428 هـ بعد مرض المّ به لمدة أربعة أشهر حيث توفي، وهو يرقد في المستشفى الأهلي في مدينة الخليل عن عمر يناهز (83) عاما.

المصادر:

١- موقع إخوان أون لاين 8/ 11/ 2007م.

٢- شبكة الكتلة الإسلامية في جامعة القدس 8/ 11/ 2007م.

٣- شبكة فلسطين للحوار 7/ 11/ 2007م.

٤- موقع فلسطينو 48 يوم 8/ 11/ 2007م.

٥- حافظ النتشة.. فقه العطاء

٦-وفاة د. حافظ النتشة أحد مؤسسي الاخوان المسلمين في فلسطين.

٧-  طبيب بارع وعالم مثابر .. الدكتور حافظ النتشة ترجل بعد 55 سنة من العطاء

٨- فئة ثابتة الدكتور حافظ النتشة.. من الطبّ إلى خدمة المجتمع

٩- الحركة الإسلامية في الأردن والانتخابات النيابية.

١٠- سيرة الدكتور المناضل حافظ النتشة.

وسوم: العدد 966