الشهيد خليل مـحـمـد بدران ( أبو حسام )
من مواليد عام 1940 في مدينة دوما العز – ريف دمشق.
نشأ، وترعرع فيها في أسرة فقيرة، وكانت الحاجة تمنع أهله من إلحاقه بالمدارس، حاله حال الكثير من البيوت في الغوطة في ريف دمشق، ولكنه منذ نعومة أظفاره كان محباً للعلم، ثم دخل المدرسة وعمره آنذاك عشر سنوات فالتحق في الصف الأول الابتدائي، وأتم المرحلة الإبتدائية والإعدادية فيها، ثم درس الصف العاشر في مدينة التل في ريف دمشق، ثم أتم الثانوية العامة في ثانوية الحكمة بدمشق.
سافر إلى لبنان للدراسة الجامعية ليدرس الأدب العربي، لكن الفقر، وقلة ذات اليد منعاه من إتمام دراسته الجامعية، فعاد إلى سوريا.
ودرّس في مدارسها الابتدائية إذ كانت الشهادة الثانوية لها وزنها واعتبارها.
وفي عام 1968 كان من بين المدرسين الذين أرسلوا إلى الجزائر للتدريس مساهمة في حركة تعريب الجزائر بعد استقلالها حيث كانت الفرنسية قد أثرت في لغتها العربية.
وفي عام 1969م كان زواجه الميمون، وعاد إلى الجزائر، وأقام فيها حتى عام 1971م.
رجع إلى سوريا في زيارة لها، لكنه أُرسل للخدمة الإلزامية، وبعد الانتهاء من الخدمة بعد أربع سنوات تقريباً درّس في مدرسة سيف الدولة في دوما، وكان مثالاً للمدرس المخلص الناصح لطلابه.
وإلى جانب عمله في التدريس وحتى يستطيع القيام بأعباء أسرته كان لابد من عمل إضافي إلى جانب التدريس ليؤمن لهم حياة كريمة، فافتتح محلاً لبيع الألبسة، ثم وجد أن هذه المهنة تحتاج إلى تفرغ كامل، وهذا ما لم يكن متيسراً له مع التدريس، فبدأ بالتحول إلى مجال الكتب.
بدأ مكتبته بمصحف واحد، ثم أضاف إليه تفسير الجلالين، ثم رياض الصالحين والأذكار وهكذا.. حتى أصبحت مكتبته الأولى في مجال بيع الكتب، والوحيدة لبيع الكتب الاسلامية في دوما، ثم أضاف لها القرطاسية وكان خير ناصح لزبائنه يختار لهم الكتب الجيدة والنافعة.
أمضى حياته في الدعوة إلى الله و النصح لكل مسلم امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم "الدين النصيحة..."، فكان هذا الحديث واقعاً عملياً في حياته لا يثنيه عن تقديم النصيحة شيء.
ترك التدخين على يديه خلق كثير، والتزم الكثير من الناس بفضل الله على يديه .
كان صادحاً بالحق لا يخشى في الله لومة لائم ، مدافعاً عن السنة محارباً للبدعة رحمه الله .
عمل في تسيير أمور الحج من عام 1979م إلى عام 2001 سنة تقاعده من وظيفته حيث أنه قد ندب من التعليم في عام 1979 إلى العمل في مديرية منطقة دوما حيث عمل في ديوان الرسائل، وقد كان مخلصا أميناً في عمله متقناً له، وهو بذلك يتمثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ".
فكان يأتي إليه المواطن يريد الحج وحده دون زوجته فيطلب منه أن يأتي بأوراق زوجته ويحاول معه حتى يقنعه بأن يصطحب معه زوجته، وكثير من النساء ذهبن للحج بفضل الله بعد جهده رحمه الله وجعل ذلك في ميزان حسناته.
استدعي للأمن في أواخر العام 1979 م واعتقل على إثرها لمدة ثلاثة أيام، ومن بعدها بدأت المضايقات له خلال ثلاثين عاماً.
وفي عام 2000 اعتقل لمدة ستة أشهر مع عدد من شباب ورجال المدينة، لاقى فيها شتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، ولم يغفر له سنه وشيبته لديهم.
وفي أواخر العام 2010 دوهم منزله وتمت مصادرة مكتبته الخاصة جميعها وفيها من الكتب القيمة الكثير.
حضر دروس العلم في دمشق، وتجمعه صلة أخوية بتلاميذ الشيخ الألباني، ثم الإخوة التي نشأت مع الشيخ عبد القادر الأرناؤوط رحمهم الله جميعاً، وأثناء الأحداث الأخيرة في سوريا لم يغادر غوطة دمشق الشرقية المحاصرة لما يعرفه من أحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام من أنها فسطاط المسلمين، وقد عانى ما عاناه الناس من حصار وجوع وقصف مع مرضه وضعف قوته.
كان رحمه الله شديد الحرص على اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في المأكل والمشرب والملبس والعبادات، كان صواماً قواماً، وفي أواخر حياته وفي ظل الحصار والجوع تحول صيامه إلى صيام نبي الله داوود عليه السلام حتى نحل جسمه ورق عظمه، فطلبت إحدى بناته منه أن يخفف عن نفسه فأجابها إجابة المؤمن المشتاق للقاء ربه:
"خير من أن يبقى هذا اللحم للدود."
وكان له من الأولاد أربعة ومن البنات ست، وله من الأحفاد خمسون حفيداً.
استشهاده:
وفي يوم السبت الرابع والعشرين من شهر محرم 1437/ الموافق السابع من تشرين الثاني 2015م نزل صاروخ على مقربة منه, فاختاره الله شهيداً نحسبه كذلك، ولا نزكيه على الله.
وسوم: العدد 1071