الشاعر الأديب محمد منلا غزيل - رحمه الله -

رجال في ذاكرتي 

أدباء - علماء - دعاة 

رحم الله الأديب الشاعر الزاهد المجاهد الورع محمد منلا غزيل الذي وهب حياته لخدمة الإسلام فأعزه المولى ، وجعل لكلامه شعرا ونثرا ولشخصه حضورا وقبولا ! فقد كان فارس المنابر والمنتديات ! إذا تحدث أدهش ، وإذا استرسل أتى بكل جميل ومدهش ، حاضر البديهة ، يستحضر الجواب ، وكأنه كان يهيئه من قبل ! يقول كلمته دون لجلجة ولا مواربة ، وكان الكثيرون من النخبة وأصحاب المراكز يتقبلونها لنصاعة بيانها وصدق قائلها ! يتحدث في فنون كثيرة وبأساليب مختلفة ويوظفها في خدمة فكرته ! مما كان يكثر من تكراره : الإسلام كالطائر ، يحلق في سماء العزة والمجد بجناحي الهجرة والنصرة ! -كما كان لايفوت أية مناسبة دينية أو حفل زفاف ، أو مجلس عزاء للتذكير بمآثر النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ؛ لأنهم القدوة والمثل - كما ورد في حديث الدكتور محمد صبحي مغربي عنه - وقد كان الشباب بحلب وغيرها في السبعينيات يتسابقون إلى المكان الذي يسمعون أنه سيكون احد المشاركين في أمسية أو إحياء ذكرى او مناسبة ، وهو يعد من الرعيل الأول الذي بشر بالأدب الإسلامي تنظيرا وإبداعًا !

أسأل الله أن يكون ممن دخل تحت نداء جبريل : إن الله يحب فلانا فأحبوه !! كان - رحمه الله - ينفق كل مايأتيه على طلاب العلم ، فلاتراه إلا حاملا مجموعة أشرطة ، وكتبا يهديهم منها ، ويحثهم على القراءة ، وهو يعيش حياة بسيطة زاهدة ، لايكاد يهدأ ، فيحس من يستمع إليه وهو في حماسة صادقة واعية أن لديه مشروعا كبيرا ، معتزا بالإسلام وحضارته ،وقدرته على الإصلاح والرقي بواقع الإنسان ! وقد وصفه الأستاذ المربي محمد أديب الكيلاني بالداعية المخلص ! كما كان حريصا متابعا لما يطبع وينشر في مناهج التعليم وغيره ، حتى عندما أبعد عن التدريس !؟ فلازلت أذكر برقيته التي نشرتها مجلة حضارة الإسلام الدمشقية يلفت نظر مؤلفي كتاب الأدب بضرورة عدم إيراد الآيات بشكل غير مرتب مما يسيء إلى المعنى وقدسية الكتاب الكريم !؟ وهذا أمر شاع عندما وسد الأمر إلى غير أهله بعد انقلاب عساكر البعث ، كما في كتاب النحو للصف الأول المتوسط الذي زعم المؤلف أن الاشتراكية هي التي تحل مشكلة الفقر ، وعجز الصدقة الطوعية عن ذلك ، متجاهلا فريضة الزكاة وحكمها ، وكما ورد في كتاب التاريخ للصف الثاني المتوسط آنذاك ، في الحديث عن الفتوحات الإسلامية وتفسيرها تفسيرا خاطئاً بتصور كنسي !؟ 

ومما يذكر الأديب الراحل محمد الحسناوي -رحمه الله - عنه في كتابه : ذكرياتي مع السباعي ، فوزُ شاعرنا غزيل بالجائزة الأولى في المهرجان الشعري بجامعة دمشق عام ١٩٥٩ ، وفوزه هو بالجائزة الثانية ، ودعوة الدكتور مصطفى السباعي للقائهما ، وتقديم التهنئة لهما ، وحثهما على المزيد من العطاء والتفوق !!

وقد أفرد الأديب عبد الله الطنطاوي كتاباً درس فيه شعر الراحل غزيل تحت عنوان : محمد منلا غزيل في ظلال الدعوة ، في سلسلة دراسات أدبية هادفة ! صدر في طبعته الثانية في الأردن / عمان - دار الفرقان ١٩٨٢

وترجم له مؤلفا كتاب شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث ،مع ذكر شواهد من شعره في الجزء الثالث ، وعده الناقد أحمد الجدع من العشرة الأوائل لشعراء الاتجاه الإسلامي المعاصرين ! كما أنشدت قصائد كثيرة من شعره ، واخترت له في المجموع الشعري ( بلابل الدوح )الذي يضم حوالي ثلاثمئة أنشودة ، عدداً من القصائد ، لتكون في متناول الجيل حفظا وإنشاداً ، وكانت أعماله الشعرية الكاملة صدرت في حياته عن دار السلام بالقاهرة عام ١٩٧٨ وضمت ستة دواوين ، وأعاد الأديب حسن النيفي طباعتها في حلة جديدة صدر منها الجزء الاول ! 

توفي الشاعر - طيب الله ثراه - ٢٠١٦ م ،في مدينته منبج ، مدينة البحتري وعمر أبي ريشة ويوسف عبيد ، ودفن في ثراها ! ولكن سيرته وشعره لم يدفنا ، فلا زالت الحناجر تردد أشعاره ، و تشدو بها ! ولازالت قصائده تهز المشاعر ، ولازالت الأسماع تحن إلى سماع إلقائه المنبري المتميز !

بعقيدتي بالحق بالإيمان يعصف في دمي 

بالنور ……. بالإعصار جياشا بوهج الأنجم 

بالروح تزخر بالهدى …..بهدى النبي الأعظم 

بسنا القلوب الظامئات إلى اللقاء الملهم 

سيزول ليل الظالمين .. .. وليل بغي مجرم 

سيزول بالنور الظلام ……ظلام عهد معتم 

وسيشرف الفجر المبين ويرتوي القلب الظمي 

أنا مؤمن بالنصر للإسلام للنهج السوي الأقوم 

أنا مؤمن بالنصر للإيمان للوعي الأبيّ المسلم

وسوم: العدد 1078