الشاعر الطبيب الداعية مأمون الشقفة
(1936 – 2012 م)
هو الطبيب والشاعر والمفكر والمؤلف، وجدته ذلك الطبيب الألمعي النجيب، والمفكر الذي يغوص في تدبر رائع لآيات القرآن الكريم، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فنتج عن هذا كتابه الفريد (القرار المكين)، والذي قضيت في قراءته أياماً جميلة سجل فيه المؤلف خلاصة فهمه للآيات والأحاديث الواردة في هذا الموضوع، مع خلاصة لتجربته العلمية والعملية الطويلة مع عالم الجنين.
تأسرك دماثة أخلاقه، والبسمة الجميلة المشرقة التي لا تفارق محياه، مع أدب وتواضع عجيب، يضاف إلى هذا كله احترام للعلماء وتوقير لمكانتهم.
– لا أريد الإطالة ولكن سأنقل ما كتبه بعض أصدقائه ومحبيه في موقع جمعية العاديات بحماة بمناسبة تكريمه في شهر / 10 / 2009 م، وهذا بعض ما جاء فيه:
لا تقاس الأوطان بالمساحات، وإنما تقاس بالرجال الذين يثمنون الأوطان، و”حماة” التي يتنزه اسمها على ضفة الروح، رسمته بأنامل العلم طبيباً ماهراً، وشاعراً غريداً، وقرأته قلعةً وبيوتاً ومساجد، وجنةً يجري من تحتها العاصي، وأرسلته عبقرياً لينشر العلم داخلها وخارجها، كي يعم الخير كثيراً من الناس، أبت في نهاية المطاف إلا أن تعيده إليها كي يقضي ما تبقى له من عمر بين رحابها بعد أن بلَّغَ رسالتها.
إنه الأستاذ الدكتور ” مأمون الشقفة ” الطبيب الذي ذاع علمه الديني والدنيوي أرجاء الوطن، وأسر بعلمه وتواضعه عقول وقلوب من عرفه أو سمع عنه.
تحدث عنه صديقه الدكتور “مسعف الشيخ خالد” رئيس جمعية “العاديات” في حفل تكريمي كبير ضم لفيفاً من الأطباء والأدباء والشعراء والوجهاء أقيم في “حماة” في (8/10/2009) قائلاً:
مولده، ونشأته:
ولد الدكتور “مأمون الشقفة” في (30/9/1936 م) في حي “الشرقية” بـ”حماة” في بيت عربي واسع، وأسرة مسلمة ملتزمة تعود إلى أل الشقفة التي ظهر فيها العديد من العلماء والدعاة مثل الشيخ خالد الشقفة، والشهيد محمود الشقفة، والشيخ د. محمد بشير الشقفة، والمهندس الداعية محمد رياض الشقفة....والمحامي محمد فهر الشقفة ....وغيرهم.
الدراسة، والتكوين:
ودرس الابتدائية والإعدادية في المدرسة “المحمدية الشرعية”، وكانت وقتها مدرسة خاصة، ثم انتقل في المرحلة الثانوية إلى مدرسة “ابن رشد”، وتخرج فيها عام (1953 م).
انتسب إلى كلية الطب بـ”دمشق”، وتخرج فيها عام (1960 م).
وقد عاصر الأساتذة الكبار في كلية الطب هناك أمثال الدكتور “مروان المحاسني” الذي يشغل حالياً رئاسة مجمع اللغة العربية، والدكتور “مدني الخيمي” والدكتور “أمين شورى” وغيرهم.
ومما يلفت النظر في دراسة الدكتور “مأمون” أنه كان الأول على أبناء صفه منذ المرحلة الابتدائية حتى تخرجه في كلية الطب.
الوظائف، والمسؤوليات:
عمل بعد التخرج قائماً بالأعمال في قسم التوليد لمدة سنتين، حيث كان العمل شاقاً ومجهداً حتى إنه كان لا يجد الوقت كي يقص شعر رأسه.
حصل على شهادة الاختصاص عام (1964م)، وشغل منصب أمين سر جمعية “المولدين السوريين”، ثم عاد بعد خدمة العلم إلى “حماة” وعمل في المستشفى الوطني القديم في منطقة “الحاضر”.
وأضاف الدكتور مسعف الشيخ خالد قائلاً: تعود معرفتي بالدكتور “مأمون” لعام (1966 م) حيث كنت أعمل طبيباً متمرساً في المستشفى الوطني، حيث كان ظاهرةً فريدةً من نوعه، بشوش الوجه، خفيض الصوت، قليل الكلام، ولا أتذكر أنه رفض لنا طلباً بالاستشارة ليلاً أو نهاراً، وأنا لا أنسى إلى الآن إحدى المريضات من قرية “اللطامنة” حين أصيبت بقصور كلوي حاد وكانت حسب المتعارف عليه آنذاك أنها شارفت على الموت بسبب تعذر العلاج، لكن الدكتور “مأمون” كان قد قرأ عن عملية “الرحم الصفاقي” والتي بدأ تطبيقها في بعض المستشفيات في أوروبا على استحياء، فسافر إلى “دمشق” وجلب المحلول اللازم للعملية من هناك، وأجرى لها تلك العملية ونجحت نجاحاً باهراً، ونجت تلك المريضة من الموت بإذن الله وبفضل الدكتور “مأمون”، وكانت هذه أول عملية تجرى في الشرق الأوسط من هذا النوع.
أما عن اختصاصه فقد أُرسل الدكتور “مأمون” إلى “بريطانيا” للحصول على شهادة عالية المستوى على حساب القنصلية البريطانية، وكانت مدة التحضير لهذه الشهادة ثلاث سنوات، لكن الدكتور “مأمون” حصل على تلك الشهادة العالمية في غضون (16) شهراً ثم عاد إلى “حماة”، وعندما علم وزير الصحة آنذاك بالشهادة التي يحملها الدكتور “مأمون”، طلب منه الانتقال إلى جامعة “دمشق” والتدريس فيها، وبقي فيها إلى عام (1980 م) حيث انتقل دولة الإمارات العربية المتحدة وعمل في مستشفى راشد بدبي ثم في مستشفى الوصل، وأخيراً إلى كلية “دبي” الطبية للبنات، وعين عميداً للعلوم السريرية، وأدخل أساليب التعليم الحديثة، وأنشأ علماً دعي بـ”الطب الإسلامي” عني بكشف الظواهر الطبية بالقرآن والسنة، وألف في هذه المرحلة كتابه القيم ” القرار المكين “، وأحد أبحاث هذا الكتاب كان بعنوان “الصلب والترائب” حيث تناول تفسير الآية الكريمة (يخرج من بين الصلب والترائب) في سورة “الطارق”، حيث كان هذا التفسير هو الأول الذي يخرج بهذه الحلة العلمية الصحيحة).
– وأما عن الدكتور الشاعر “مأمون الشقفة” قال الدكتور مسعف:
كانت البداية الشعرية للدكتور “مأمون الشقفة” في الصف العاشر، حيث كتب قصيدة قدمها للمجلة الطلابية، لكن هذه القصيدة رفضت بداعي “الركاكة”، بعد ذلك انقطع عن الشعر لفترة بسبب عمله في دار التوليد وهو مازال شاباً يحاول أن يثبت نفسه في هذه الدار التي كانت تعد من أهم المراجع العلمية في سورية، وطرق الدكتور “مـأمون” كل أبواب الشعر، واختص بالشعر الزوجي أو ما يسميه “الشعر الحلال”، وتحدث أيضاً في الشعر الديني، وكتب مجموعة شعرية أسماها “رمضانيات”، وأجاد فن الرثاء، ومن الممكن اعتبار أن أهم ما كتبه في هذا الباب هو رثاؤه للمرحوم الأستاذ “إبراهيم زعرور” الذي كان ملازماً له ويحفظ قسماً كبيراً من أشعاره – حتى عرف بأنه راوية شعر الدكتور مأمون الشقفة – وأيضاً ما قاله في رثاء المهندس “ماجد الأمير”، وكتب ديواناً في الدكتور “وجيه بارودي ” رحمه الله.
– وكتب أشعارا جميلة فيها “الحنين” لمدينته حماة والذي أنضجته نار الغربة، حيث يقول بإحدى قصائده التي يحن فيها إلى “حماة “:
بغيركِ لن أموتَ إن استطعتُ/ وأنتِ بخاطري مهما صنعتُ
بنفسي “جامع السلطان” ليلاً / ودرسٌ عند بحرتِه وصوتُ
بنفسي أنْ يبلَّ الطينُ ثوبي / بأطراف الأزِقَّة إنْ عَبَرْتُ
بنفسي “خَسَّةٌ” في شط عاصي/ إذا أنهيتُ أضلعَها انتهيتُ
– وألقى الشاعر “محمد منذر لطفي” قصيدة بهذه المناسبة أسماها (بطاقة تهنئة للصديق، والشاعر، والطبيب مأمون الشقفة في يوم تكريمه)، حيث يقول في مطلعها:
أخي مأمون أي أخ تكون / وأنت الطب والشعر الرصين
فأيام الدراسة ما أحيلى. / ومدرسة هي الأم الحنون
لك الذكر المعطر والقوافي / لك الفكر الطليعي والرزين
فمثلك من تخلده القوافي / وتهواه الخوافق والعيون
– أما صديق الدكتور وزميله في مسيرته الدراسية الدكتور “زهير مشنوق”، فقد قال بهذه المناسبة:
إن الدكتور “مأمون الشقفة” هو توأمي ولكن من أم أخرى، فأنا وهو ولدنا في نفس الليلة، لكن هو ببدايتها وأنا في نهايتها، وتعرفت عليه في مدرسة “ابن رشد” في المرحلة الثانوية، وتقدمني بسنة في الجامعة حيث كان كالمعلم بالنسبة لي، كان الأول على دفعة الطب أيضاً وبمرتبة الشرف الأولى، حيث كانت تمنح هذه المرتبة أيام الوحدة بين “سوريا” و“مصر”، وبعدها تخصص هو في التوليد وطب النساء في “انكلترة”، وأنا في طب الأطفال في “فرنسا”، وعدنا والتقينا في المستشفى الوطني في “حماة”، ثم انتقل إلى “دمشق” وعمل مدرساً في كلية الطب لمدة أحد عشر عاماً، وغادر إلى الإمارات في العام (1980) حيث عمل طبيب استشاري، ثم رئيس لقسم التوليد وأمراض النساء في مستشفى “الوصل” في “دبي”، ثم عميدا للعلوم السريرية في كلية “طب البنات” في “دبي”، حيث قام بتدريس مادتي “التوليد” و“أمراض النساء”، ومادة أخرى هي “الطب الإسلامي”، وبقي في “دبي” إلى سن التقاعد، واحتل فيها مكاناً علمياً بارزاً، وألف في هذه الفترة كتابه القيم “القرار المكين”، وأحد أبحاث هذا الكتاب كان بعنوان “الصلب والترائب” حيث تناول تفسير الآية الكريمة “يخرج من بين الصلب والترائب” في سورة “الطارق”، حيث كان هذا التفسير هو الأول الذي يخرج بهذه الحلة العلمية الصحيحة، وأنا اعترف لكم بأني مصاب بداء الحب لهذا الشخص، وادعوا الله أن لا يشفيني من هذا الداء.
– أما عن تواضعه، فعندما جاء دوره بالكلام في الحفل التكريمي وقف وشكر كل من شارك في هذا الحفل بكل تواضع وهدوء وقال هذه الأبيات الرائعة:
يكرمني الكرام ولست أدري / على ماذا يكرمني الكرامُ
عجوز يستحق الدفن حياً. / ولكن دفنه حياً حرامُ
وكلُّ تقاعدٍ وأْدٌ خفيٌّ. / ولكن الحياة لها انتظامُ
أنا روحي الدروسُ ودــــ ون علمٍ وتعليمٍ فأيامي ظلامُ
إذا حاضرتُ غاب الربْوُ عني/ وعاد لنبض قلبيَ الانتظامُ
وزال إذا بدا مني عُبوسٌ / وأشرقَ في عيونيَ الابتسامُ
أشيخُ واستمر على دروسي /وصوتي خافتٌ والرَّبْعُ ناموا
أأقبعُ بين مسبحَتي ووِرْدي /وفي عملي سجودي والقيامُ
لقد كُرِّمْتُ ليس لأن مثلي /. يُكَرَّمُ بل لأنكمُ كرامُ
فشكراً ألفَ شكرٍ من ضلوعي/ إلى مَنْ نظَّموا ولمَنْ أقاموا
وشكراً لمَنْ حضروا وشكراً / لمن غابوا وعتبوا ولاموا
قالوا عن د. مأمون شقفة:
كتب الأستاذ فداء ياسر الجندي: في ذكرى وفاة الدكتور الشاعر مأمون الشقفة رحمه الله تعالى، التي تصادف هذا الشهر، تذكرت إحدى سهراتنا معه دبي، وكانت حافلة كالعادة بما يتلوه علينا من شعره البديع، ولما شاهد كم طربنا لشعره، اشتكى لنا أن البعض يأخذون عليه أن شعره واضح مفهوم سهل سلس، وليس مبهما رمزياً كما هي (الموضة) في أيامنا، فكتبت هذه القصيدة وأهديتها له رحمه الله، فسُرَّ بها سرورا عظيماً أقول فيها:
قد حكى قولَك العملْ. وفدت شعرك المقلْ
أيها الشاعر الذي. كنت فذا ولم تزلْ
ترسل الشعر مثلما. يغدق النحل بالعسلْ
جُعِلَ القول دونكم. روضةً ما لها مثَلْ
تنتقي من رياضها. كلَّ عَذبٍ ومشتملْ
ثم تُضفي عليه من. روحِك الظرف والأملْ
لست تلقيه قارئاً. بل بمعناه تنفعِلْ
فإذا بالقلوب قد. سرحت دونما مللْ
وتلقت بيانكم. مثل غيثٍ إذا هطلْ
ينعش الروح مثلما. تُنعِشُ الوجنةَ القُبَلْ
رُبَّ بيت مدلَّلٍ. أذهب الهم والدخَلْ
وقصيدٍ تلوتَهُ. فجَّر الدمع في المقلْ
ذاك دأب ُالذي له. طُوِّع الشعر فانهملْ
يشحذ النفس جَدُّه. يُفْرِحُ القلب إن هزلْ
ياطبيباً شفيتنا. من غُثاءٍ همُ العِلَلْ
حسبوا أن شعرهم. مُفرَدَ الدهر لم يُقَلْ
ولعمري فإنه. لخبطات من الدجلْ
لا ترى إن سبرته. أيَّ معنى ومُحْتَمَلْ
فإذا قلت عفوكم. فسِّروا ذلك الدَّخَلْ
زَعَموا أن ما بدا. واضحاً دونما خللْ
ليس شعراً وإنما. ْالشعر ما غُمَّ واشتكلْ
يا ترى هل قصيدهم. لبني الأرض أم زُحَلْ؟
أم ترى من أتى به. خطَّه بعدما ثَمِلْ؟
قُبِّح الشعر مُبهماً. لم يُفِد منع من عَقَلْ
ويعيبون شعركم. أنه واضح الجُمَلْ
هل يُعاب النسيم إن. رَقَّ وانساب كالغزلْ
أو تُعاب السماء إن. طلع البدر واكتملْ؟
أين شعراً شدوتَهُ. من أحاجٍ بها خطلْ
ذاك ماء على الظما. وشخابيطهم هَبَلْ
الشرود الذهني في الصلاة ...
وهذه قصيدة للشاعر الدكتور مأمون الشقفة يصف بها ظاهرة الشرود الذهني قبل أعوام مضت والتي تصيب بعض المصلين في صلاتهم حالة التفكير بأمر هام يستولي عليهم مضيفاً شيء من البهارات التي لا يطيب المذاق إلا بها:
أقــــوم إلـــى الــصّــــلاة وفـي صــلاتي
تـطـــوف عـــلـيّ أطــيــــاف الــحــيــاةِ
فـكــمْ أتـمـمـت فـيـهـا مــــن حــســابٍ
وكــــم راجــعــت بــعـــض مـحــاضــراتِ
وكـــم جـمّـعـت شـعــراً كــــان أمــــسٍ
تـــنـــاثــــر بــانــتـــظـــار الـــرائــــعــــاتِ
وقــد أغـتــابُ نــاســاً فــــي صــلاتــي
ولـكـــنْ لا أبــــوح بـــمــــا بـــذاتــــي
فــمــن هــــذا الــــذي صــلّــى إمــامــاً
ويـــلـــثـــغ عــــنـــــد راء الـــــذاريـــاتِ
فـصـارت نـصــفَ غـيــنٍ لـيــت شـعــري
ومـــــاذا عـــــن جـمــيــع الـمـفــغــداتِ
ومـــن هـــذا الــــذي صــلّــى أمــامــي
ومــــا نـــصـــب الأصـــابـــع واقـــفـــاتِ
وربّ حـــكـــايـــةٍ مـــــــــرّت وفــــــرّت
مـــــن الــذكـــرى تــعـــود لـذكـريــاتــي
وإن ضــيــعـــت بـــعــــض مــذكــراتــي
ذكـــــرتُ بـــهـــا مـــكـــان مــذكّــراتــي
وكـــم ســافــرت فـيـهــا فــــي قــطــارٍ
إلـــــى حــمـــصٍ ودجْــلـــةَ والــفـــراتِ
وكــــم أنــجــزت فـيــهــا مـــن أمـــــورٍ
فـطـابــت فــــي ركــوعــي مـنـجـزاتــي
وكــم عـالـجــت فـيـهــا مــــن عـقـيــمٍ
لِــتَــســعــدَ بـالـبــنــيــن وبــالــبــنـــاتِ
وكـــم أسـرعــت فــــي لــيــلٍ صـقـيــعٍ
لأســعـــف بــعـــض تــلـــك الـنّــازفــاتِ
أصــلــي ركـعـتـيـن ويـعـتـريـنـي الـــتّ
ـســـاؤلُ كـــم تــــرى كــانــت صــلاتــي
وإنّـي فـــي سـجــود الـسّـهـوِ فِـقـهــاً
وتـطـبـيـقــاً أعــــــد مـــــــن الــثّــقـــاتِ
أتُــقـــبـــل إي وربـــــــــي إنّ ربـــــي
عـــفـــوٌّ عــــــن جــمــيــع الـسّـيّــئــاتَِ
إلـــهـــي لـــســـتُ لــلأخــيـــارِ نــــداًّ
فـألـهـمـنــي الــتّــقــى والـصّــالــحــاتِ
وعـلّـمـنــي الـبــكــاءَ ومـــــا أحَــيــلــى
الــلآلــئَ فــــي الـعـيــون الـخـاشـعـاتِ
إلــهــي كُـلُّـنــا فـي الــيــمِّ غَــرقـــى
وعـنـــدك أنــت أطـــواق الـنّــجـــاةِ
تكريم كبير للدكتور "مأمون الشقفة"
وكتب (زاهر النقار) يقول:
10 تشرين الأوّل 2009
حماه
ذلك الطبيب الذي قنع بغناه في العلم عن الغنى المادي والمناصب التي شغلها داخل سورية وخارجها، فهذا الطبيب يرى في العلم والتدريس المتعة الكبيرة التي ليس كمثلها شيء، فبعد ما يزيد عن الستين عاما في طلب العلم، والذي حقق منه الشيء الكبير، تقاعد وفضل قضاء ما تبقى له من عمره في "حماة" ليستعيد ذكرياته ويتفرغ لعائلته وأحفاده، لذلك قامت جمعية "العاديات" في ختام مهرجانها السنوي أن تقيم وكعادتها حفلا لتكريم الدكتور "مأمون الشقفة" في المركز الثقافي القديم بـ"حماة" التقى عدداً من الحضور ومنهم الدكتور "مسعف.
الشيخ خالد" رئيس جمعية العاديات منظمة حفل التكريم هذا في (8/10/2009) ليحدثنا عن هذا التكريم حيث قال:
درجت جمعية "العاديات" في مهرجانها السنوي على تكريم شخصية حموية مميزة لها باع طويل في مجال الخدمة العامة أو الإبداع في ضرب من ضروب المعرفة والثقافة، ووقع اختيار الجمعية هذا العام على الدكتور "مأمون الشقفة" لتميزه في مجالات الطب والشعر، والتكريم في يومنا هذا ليس تكريماً للشخص فقط، بل تكريم للمدينة والوطن بأجمعه الذي أنجب هكذا مبدع، فآل "الشقفة" من العوائل المشهورة في "حماة"، ويعود لقب "الشقفة" إلى مئتي عام، لقب به أحد أجداد الدكتور لكونه كان جميلاً جداً، وآل "الشقفة" عائلة علم وفضل، برز منهم العديد من العلماء، منهم الشيخ "محمد الشقفة" مفتي "سلمية"، والشيخ "محمود الشقفة" مدير المدرسة الشرعية والتكية وعالم متصوف وغيرهم الكثير
«درجت جمعية "العاديات" في مهرجانها السنوي على تكريم شخصية حموية مميزة لها باع طويل في مجال الخدمة العامة أو الإبداع في ضرب من ضروب المعرفة والثقافة، ووقع اختيار الجمعية هذا العام على الدكتور "مأمون الشقفة" لتميزه في مجالات الطب والشعر، والتكريم في يومنا هذا ليس تكريماً للشخص فقط، بل تكريم للمدينة والوطن بأجمعه الذي أنجب هكذا مبدع، فآل "الشقفة" من العوائل المشهورة في "حماة"، ويعود لقب "الشقفة" إلى مئتي عام، لقب به أحد أجداد الدكتور لكونه كان جميلاً جداً، وآل "الشقفة" عائلة علم وفضل، برز منهم العديد من العلماء، منهم الشيخ "محمد الشقفة" مفتي "سلمية"، والشيخ "محمود الشقفة" مدير المدرسة الشرعية والتكية وعالم متصوف وغيرهم الكثير».
الدكتور مسعف الشيخ خالد
أما الدكتور "أنس الناعم" نقيب الأطباء في "حماة" فقد قال:
«جاء اليوم الذي ألقي فيه كلمة نقابة الأطباء في حفل تكريم هذا الطبيب الألمعي، الذي تعود أن يعمل سراً قبل الجهر، والذي طالما كان خادماً أميناً لبلده، وابناً باراً لها، والأستاذ العلامة في مجال اختصاصه بعلم النساء والتوليد، والمربي الفاضل الذي حاز المبدأ والخلق ونظافة اليد واللسان، والزميل العزيز الذي نراه اليوم أمامنا على أحلى ما نتمنى، سيرته الذاتية تذكر بأبناء ذلك الجيل الذين صعدوا السلم بكل هدوء، حافزهم حب العلم ورائدهم الأفق الرحب، هذا الجيل الذي امتاز بحب العلم، تكاد حياة أحدهم تتمحور حول طلب العلم وممارسة التدريس، وكأنهم قد تفرغوا تماماً لهذا الجهاد، ومما يثلج الصدر أن التكريم الكبير في هذا اليوم هو حلقة في تلك القلادة الماسية التي تزين جيل التعليم في بلادنا».
نقييب الأطباء الدكتور أنس الناعم
ومن ناحيته الشاعر "محمد منذر لطفي" اختار أن يعبر عن هذه المناسبة بقصيدة أسماها (بطاقة تهنئة للصديق والشاعر والطبيب "مأمون الشقفة" في يوم تكريمه)، حيث يقول في مطلعها:
أخي مأمون أي أخ تكون/ وأنت الطب والشعر الرصين
الدكتور زهير مشنوق
فأيام الدراسة ما أحيل/ ومدرسة هي الأم الحنون
لك الذكر المعطر والقوافي/ لك الفكر الطليعي والرزين
فمثلك من تخلده القوافي/ وتهواه الخوافق والعيون
أما صديق الدكتور وزميله في مسيرته الدراسية الدكتور "زهير مشنوق" فقد قال بهذه المناسبة:
«إن الدكتور "مأمون الشقفة" هو توءمي ولكن من أم أخرى، فأنا وهو ولدنا في نفس الليلة، لكن هو ببدايتها وأنا في نهايتها، وتعرفت عليه في مدرسة "ابن رشد" في المرحلة الثانوية، وتقدمني بسنة في الجامعة حيث كان كالمعلم بالنسبة لي، كان الأول على دفعة الطب أيضاً وبمرتبة الشرف الأولى، حيث كانت تمنح هذه المرتبة أيام الوحدة بين "سورية" و"مصر"، وبعدها تخصص هو في التوليد وطب النساء في "انكلترة"، وأنا في طب الأطفال في "فرنسا"، وعدنا والتقينا في المستشفى الوطني في "حماة"، ثم انتقل إلى "دمشق" وعمل مدرساً في كلية الطب لمدة 11 عاماً، وغادر إلى الإمارات في العام (1980) حيث عمل طبيباً استشارياً ثم رئيساً لقسم التوليد وأمراض النساء في مستشفى "الوصل" في "دبي"، ثم عميداً للعلوم السريرية في كلية "طب البنات" في "دبي"، حيث قام بتدريس مادتي "التوليد" و"أمراض النساء"، ومادة أخرى هي "الطب الإسلامي"، وبقي في "دبي" إلى سن التقاعد واحتل فيها مكاناً علمياً بارزاً، وألف في هذه الفترة كتابه القيم "القرار المكين"، وأحد أبحاث هذا الكتاب كان بعنوان "الصلب والترائب" حيث تناول تفسير الآية الكريمة "يخرج من بين الصلب والترائب" في سورة "الطارق"، حيث كان هذا التفسير هو الأول الذي يخرج بهذه الحلة العلمية الصحيحة، وأنا أعترف لكم بأني مصاب بداء الحب لهذا الشخص، وأدعو الله أن لا يشفيني من هذا الداء».
أما الدكتور المكرم "مأمون الشقفة" وجه كلمته إلى الحضور ومن كرمه بقصيدة كانت كما يلي:
يكرمني الكرام ولست أدري/ على ماذا يكرمني الكرام
عجوز يستحق الدفن حيا. /. ولكن دفنه حيا حرام
وكل تقاعد وأد خفي. /. ولكن الحياة لها انتظام
وأنا روحي الدروس ودون/ علم وتعليم فأيامي ظلام
إذا حاضرت غاب الربو عني/ وعاد لنبض قلبي الانتظام
وزال إذا بدا مني عبوس/ وأشرق في عيوني الابتسام
أشيخ واستمر على دروسي/ وصوتي خافت والربع ناموا
أأقبع بين مسبحتي ووردي/ وفي عملي سجودي والقيام
لقد كرمت ليس لأن مثلي. /. يكرم بل لأنكم كرام
فشكرا ألف شكر من ضلوعي/ إلى من نظموا ولمن أقاموا
وشكرا لكل من حضروا وشكرا/ لمن غابوا وعتبوا ولاموا
وفاته:
بعد تقاعده نزل إلى سوريا، واستقر في مدينته حماة، وبعد عدة سنوات رجع إلى الإمارات، واستقر مع أبنائه وأحفاده، إلى وافاه الأجل المحتوم، صباح يوم السبت 10 / محرم / 1434 هـ الموافق / 24 / 11 / 2012 م في مدينة دبي، وقد غُسِّلَ، وكُفِّنَ، وصُلِّيَ عليه في مقبرة القوز.
رحمه الله رحمة واسعة، وأجزل مثوبته عن الإسلام والمسلمين.
_________________________________________
مصادر الترجمة:
١_كاتب الترجمة: خلدون مخلوطة.
٢_ رابطة العلماء السوريين.
٣_ صفحة د. مأمون شقفة على الفيسبوك.
٤_ مواقع إلكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1080