الأسير معمر الشحروري من القلم إلى البندقية

الأسير معمر الشحروري من القلم إلى البندقية

ثامر سباعنة

سجن مجدو -  فلسطين

[email protected]

قم وحلق واترك هذا الجسد المكبل بالقيود .. دع ليلهم المظلم ... كسر السلاسل ..حلق عاليا..حارب الوجع ..القهر..الحزن .. الالم وحلق و لملم أشلاءك المتناثرة ...اجمع ما تبقى لك من كرامة ..وحب .. وأمل وحلق .. اقهر خوفك..اهزم شكك..أطع ربك ..أغظ شيطانك ..وحلق و تذكر دائما ان اللحظة التي يبلغ الالم ذروته لا يصبح الالم ألما انما يصبح شيأ آخر لايشعر به إلا الذي عاشه.

الأسير معمر فتحي شريف شحرور ،ولد في مدينة طولكرم بتاريخ 21/9/1979 ،إنه الفتى الشامخ .. الذي ما ذلَّ رأسه لمحتل ، أمسك الحجر في طفولته وعانق البندقية رجلاً مغواراً ، نشأ معمر في جو ديني ملتزم فعرف منذ طفولته بالتزامه المساجد وبتقواه وورعه فنال حب الجميع له وحب إخوانه لما يتصف به من ذكاء ومرح ، بعد حصوله على الثانوية العامة منعته سلطات الاحتلال الصهيوني من السفر إلى الخارج لإكمال التعليم العالي, فالتحق بكلية خضوري في طولكرم ليحصل منها على دبلوم تربية رياضية, وهناك في الخضوري بدأ معمر يخط احرفه الاولى في صفوف العمل التنظيمي والحركي اذ انظم الى صفوف الكتله الاسلاميه التي كانت في بدايات العمل الطلابي في الخضوري ، واستطاع معمر مع كوكبه من شباب الكتلة الاسلامية تشكيل النواة الاولى للعمل الطلابي الاسلامي هناك، وعرف معمر بين جميع الطلاب بنشاطه وعطائه الذي لا يتوقف ، فلم يترك طيلة سنوات دراسته ووجوده بالكليه لم يترك أي نشاط او عمل الا وكان معهم يشاركهم ، بل انه فتح بيته لكل الاصدقاء والطلاب القادمين من المحافظات الاخرى ، احبه الجميع في كليته وشارك الجميع فرحهم وحزنهم ، كم كان متواضعا خدوما محبا لاخوانه ودعوته .

من القلم الى البندقية:

لم يكتفي معمر بشهادته الجامعية ، لكنه اراد ان يواصل دربه الذي رسمه منذ فترة طويله ، خاصة بعد ان بدأت انتفاضة الاقصى وشاهد معمر تغول وبطش الاحتلال بالشعب الفلسطيني ، وخسر معمر الكثير من اصدقائه وزملائه ما بين اسير في سجون الاحتلال يقضي السنوات الطويلة وشهيد ارتقى الى العلا ، اراد معمر ان يشارك أصدقائه وإخوانه هذ ه المعركة وهذا العطاء .

يقول معمر حول عملية لونا بارك في نتانيا التي وقعت عام 2002 وادت الى مقتل 30 اسرائيليا وجرح 150 اخرين كانوا يحتفلون بعيد الفصح : في حوالي الساعه الواحدة ظهرا ودعت منفذ العملية عبد الباسط عودة وسلمت عليه وطلبت منه ان يبلغ من سبقونا الى الجنة السلام مؤكدا باننا جميعا على هذا الطريق انشاء لله متمنيا ان نلتقي قريبا في جنة عدن ، لم يكن وقتا كافيا للوادع ، لقد نظفت الشقة التي اختبأنا فيها من بقايا التجهيز للعملية ورتبت الفوضى الكبيرة التي سادت الشقة .وبدأ الانتظار القاتل، انتظرنا ان نسمع عن العملية وفي المساء ذهبت الى مسجد طولكرم حيث اديت صلاة المغرب وبعد فترة بدأ الناس في الحديث عن وقوع عملية في نتانيا ، وفي لحظة سماعي عن العملية شعرت براحة كبيرة واستطعت النوم لان العملية التي عملنا عليها جاهدين نجحت وبعد ذلك اصغيت الى اذاعة الجيش الاسرائيلي لمتابعة التقارير الواردة عن العملية وسمعت ان عددا كبيرا من القتلة قد سقطوا فيها ورويدا رويدا بدأت الارقام تتوالى وترتفع 1،2-،3،10 وحين وصل الرقم الى 20 صرخت من الفرح وواصل الرقم ارتفاعه ولم اصدق اننا حصلنا على هذه النتيجة حيث خططنا الى عملية قاسية توقع 10-15 قتيلا .

الاعتقال والمحاكمة :

بعد مطاردة طال أمدها وفشل المخابرات الصهيونية في اعتقال البطل معمر أكثر من مره, كان قدره أن يعتقل في 9/5/2002 تلك الليلة كانت ضاحية ذنابة على بعد نصف كيلوا متر شرقي طولكرم كأنها ساحة حرب.. طائرات في السماء ودبابات واليات مصفحة تملأ الأرض ومئات الجنود في كل مكان, في الشوارع وعلى الأسطح, فيما مكبرات الصوت تنادي: "معمر.. سلم نفسك".طال حصاره.. فما كان من الجيش إلا أنهم هددوه بأمه وأخته وأنها معهم وأجبروهما على مطالبته بالاستسلام بعد سبع ساعات من الحصار فما كان من الأم الصامدة الشامخة إلا أن نادته "يا بطل الله يرضا عليك سلم نفسك"فخرج البطل من حصنه رافعاً رأسه مبتسماً, يشق طريقه بينهم بشموخ.

تعرض معمر لتحقيق قاسي استمر لاكثر من ثلاث شهور ثم حكمت عليه محكمة الاحتلال بــ 32 مؤبد ، وكان احد الأسرى الذين رفض الاحتلال الافراج عنهم خلال صفقة وفاء الاحرار، وقد توفت والدة الأسير معمر خلال وجوده بالاسر لكن معمر لازال صابرا محتسبا .

معمر ... حلق كالنسر بجناحيه الذهبيتين... حلق عاليًا فوق كل الجراح والآلام.. حلق بكل فخر رافعًا رأسك بكل عنفوان.. اترك لون الجرح الأحمر ولون القيد الأسود، وارسم بلون الفجر الأبيض ولون الأمل الأخضر، وارسم لوحة للفجر والحرية... ارسم لوحة للوطن.