الفنان التشكيلي المصري عدلي رزق الله
الفنان التشكيلي المصري عدلي رزق الله
محمد فاروق الإمام
[email protected]
توفي الفنان التشكيلي المصري عدلي رزق الله في مستشفى بالقاهرة عن 71 عاما بعد صراع
مع
مرض السرطان الذي أصيب به منذ سنوات.
ولد
رزق الله يوم 20 كانون الثاني عام 1939م في قرية أبنوب الحمام بمحافظة أسيوط
الواقعة على بعد نحو 380 كيلومترا جنوبي القاهرة وتخرج في كلية الفنون الجميلة
بالقاهرة عام 1961م وفي السبعينيات أقام في فرنسا وعمل أستاذا بمعهد الفنون
التشكيلية بجامعة ستراسبورج.
وكان رزق الله من أبرز المصورين حيث عمل في عدد من المؤسسات الصحفية المصرية قبل أن
يتفرغ للفن. وكان صاحب أسلوب مميز في الرسم بالألوان المائية فيما وصفه النقاد
بمائيات عدلي رزق الله.
وأقام الراحل عشرات المعارض في مصر منذ عام 1973م إضافة إلى مشاركته في معارض
دولية.
وكرمه بينالي الإسكندرية العشرون لدول البحر المتوسط عام 1999م وفي العام نفسه نال
جائزة سوزان مبارك من مصر وفي العام التالي حصل على الجائزة الشرفية للمجلس العالمي
لكتاب الطفل كما نال جائزتي معرضين لكتب الطفل في ألمانيا
وسويسرا.
وعني رزق الله برفع الوعي الجمالي والبصري للطفل من خلال كتب للأطفال قام بتأليفها
ورسمها ومنها (الإوزة البيضاء) و/الأرقام/ و/أتوماتيك/ 1980م و/القط يحب
الغناء/ و/الفانوس والألوان/ 1983م.
ونشر رزق الله عام 1999م الجزء الأول من سيرته الذاتية بعنوان (الوصول إلى البداية)
وفي عام 2000م وما تلاها بدأ إصدار (سلسلة حكايات عدلي رزق الله) التي ضمت بضعة كتب
منها (الشجرة أم الظل الكبير) و/الفانوس السحري والألوان/ و/ شجرة الورد وطائر
الشمال/ و/الورقة الأخيرة/ و/لعبة الألوان/ و/قصة شجرتين.
ويعد
رزق الله أحد الأسماء البارزة في الساحة الثقافية المصرية، بدأ مساره الفني
منذ
تخرجه في الفنون الجميلة عام 1961م، وقد التحق بمعهد الدراسات القبطية واحتك
بالفنانين حبيب جورجي وراغب عياد وهما من رواد الحركة التشكيلية المصرية وكان
صديقاً
للمعماري المصري ويصا واصف. ورحل إلى فرنسا عام 1970م حيث يدرس الفن في جامعة
ستراسبورغ، وعمل في التدريس سنوات عدة في الجامعة نفسها. وفي باريس رسم أولى لوحاته
المائية، تلك الخامة التي ظل مخلصاً لها طوال حياته الفنية، وأبدع بها
غالبية
أعماله.
وبعد
عشر سنوات قضاها رزق الله في فرنسا قرر العودة مرة أخرى إلى القاهرة في
1981م
لينخرط في الحياة الثقافية المصرية عبر أعماله ومعارضه، وكذلك كتاباته
ومشاريعه التعليمية الموجهة للصغار. عُرف عنه ارتباطه بالحركة الأدبية وعلاقاته
الحميمة بالكثير من الكتاب والشعراء المصريين والعرب. عمل لسنوات عدة رساماً في دار
(الهلال) ومشرفاً على دار (الفتى العربي) للنشر قبل أن يتفرغ لمشاريعه
الإبداعية.
كتب
رزق الله مؤلفات عدة، كان أبرزها سيرته الذاتية التي طبعت في ثلاثة أجزاء،
وكتاب
(تأويلات و7 مائيات) بالاشتراك مع إدوار الخراط، إضافة إلى مجموعة أخرى من
المؤلفات التي كان يهدف عبرها إلى نشر الثقافة الفنية، ومنها كتاب تحت عنوان (ماذا
حدث في
القرن العشرين في الفن الغربي) وصدر في عشرة أجزاء. ورسم وكتب أيضاً
للأطفال مجموعة كبيرة من القصص المصورة، وله في هذا السياق سلسلة تعليمية موجهة
للصغار تحت عنوان (تمر). وحصل رزق الله على عدد من شهادات التقدير والجوائز المحلية
والدولية عن أعماله ومؤلفاته، منها الجائزة الشرفية للمجلس
العالمي لكتب الأطفال عام 2000م، وجائزة معرض لينبرغ الدولي في ألمانيا عام 1980م
رحل
رزق الله بعد مسار طويل حافل بالإنجازات والعمل
المستمر، أصبح معروفاً عنه أنه يقضي وقته بين الرسم نهاراً والكتابة ليلاً. وفي
أيامه
الأخيرة كان يعد مشروعاً لرسم مجموعة من الأعمال من وحي حكايات (ألف ليلة
وليلة)، وكان يتحدث عن مشروعه هذا بحماسة شديدة على رغم الإجهاد البادي عليه، ولم
يثنه
الألم ووطأة المرض عن التفكير في خططه المستقبلية للعمل على هذا المشروع الذي
لم
يكتمل برحيله.
رحل
وهو يفكر في وطن كان يشغله في ترحاله، ودفعه الحنين إليه للعودة مرة أخرى للارتماء
في أحضانه، وظل يرفض الانخراط أو الدخول في (حظيرة الثقافة) الرسمية، وظل مكابراً
ومعانداً حتى النهاية. وكان
يفخر
دائماً بهذه الاستقلالية ويؤكدها في معظم مشاريعه ومعارضه، والتي كان يقيمها
عادة
بعيداً من القاعات التابعة لوزارة الثقافة.