جرير بن عبدالله البَجَلي
يحيى بشير حاج يحيى
في رمضان من السنة العاشرة للهجرة قدم جرير بن عبدالله إلى المدينة المنورة ، ووافق وصوله إليها ، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخطب ، وقد كان أخبر أصحابه أنه سيدخل عليهم من هذا الباب رجلٌ هو من خير أهل اليمن ، وله من جمال الوجه وحسن المنظر ما يلفت النظر ... فاستقبله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبسط له رداءه إكراماً ، وكان جرير جديراً بهذا التكريم ، فقد شهد كل من عرفه بالشجاعة والكرم وحسن الإسلام ! ثم اختاره النبي عليه الصلاة والسلام لهدم بيت للأصنام يعرف بذي الخَلَصَة في بلاد اليمن ، وكان جرير لا يثبت على ظهر الخيل ، فأخبر الرسول بذلك ، فضرب يده على صدره ، وقال :
" اللهم ثبته ، واجعلْه هادياً مهتدياً ".
فما وقع بعد ذلك عن فرس ! ثم خرج مع مئة وخمسين فارساً من قومه ، فأشعل في ذي الخلصة النار ، وهدّمها تهديماً ؟! وأصبحت ، وقد أحاط بها السواد من كل جانب كأنها الجمل الأجرب لقبحها وبشاعة منظرها !؟ وأرسل جريرٌ رجلاً من أصحابه ليبشر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بذلك فدعا له بخير ، وعرف المسلمون لهذا المؤمن الصادق البطل قَدره ومكانته .
وفي خلافة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ دُعيَ جرير وقومه لمقاتلة الفرس ، ولهم ربع ما يغنمونه ... فالتقوا بهم في مكان عرف باسم " جلولاء " وقد حضروا حوله خندقاً عميقاً ، فحاصرهم المسلمون حصاراً شديداً ، ثم تقدم جماعة من الفرسان الشجعان ، واقتحموا عليهم أحد الأبواب ليلاً ، فانهزم المجوس ، ولاذوا بالفرار ، وقُتل منهم عدد كبير ، وعلى رأسهم قائدهم المنهزم " مهران " .
ثم جمعت الغنائم وكانت كثيرة جداً ، فطلب جرير أن يكون له ولقومه ربعها كما تم عليه الاتفاق من قبل ... فتوقف قائد جيش المسلمين وكتب إلى الخليفة يخبره بذلك ، فجاءه الرد من عمر رضي الله عنه :
ـ لقد صدق جرير ، وقد اتفقت معه على ذلك . فإن قاتل هو وقومه من أجل الغنائم فأعطوهم ما اتفقنا عليه ، وإن كان قتاله لدين الله والجنة فله نصيبٌ واحد من المسلمين .
فلما قرأ جرير كتاب عمر ، قال :
ـ صدق أمير المؤمنين ، لا حاجة لي بذلك ! أنا رجل من المسلمين ...
واختار الجنة على الغنيمة .